صباح الخير
يبدو أن مليشيات العنف والإرهاب، وقوى الثورة المضادة، ما زالت عاجزة حتى الآن عن إدراك موقعها الحقيقي في إعراب المرحلة الراهنة .. مرحلة الثورة والتغيير .. مرحلة بناء اليمن الاتحادي .. مرحلة الإجماع الوطني المتمثل بمخرجات الحوار الوطني الشامل؛ الذي بدأ يأخذ مجراه العملي في الواقع عبر لجان صياغة الدستور، وعبر مسعى الدولة برئاسة فخامة الأخ عبد ربه منصور هادي رئيس الجمهورية لتكريس وجود الدولة وسلطة القانون على أراضي ومحافظات البلاد، بالإضافة إلى الحياة المبشرة التي دبت في جسد مجموعات العمل بهيئة الرقابة على تنفيذ مخرجات الحوار، التي بدأت اجتماعات أعمالها أول من أمس الأحد ..لذلك نرى هذه القوى ـ وهم في الأصل حلفاء القاعدة بدليل التنسيق العملياتي الحاصل الآن في الميدان ـ نراهم مصرين على العيش في قوقعة الماضي، ومفاهيمه المتخلفة؛ وأساليبه الصدئة، من محاولات فرض الوصاية على الشعب والوطن، وعلى هياكل الدولة، والانجرار وراء خيارات العنف الطائفي، المذهبي، المناطقي، المتخلف، مستغلين انشغالات الدولة بمهام البناء، والحفاظ على السيادة الوطنية، ومكافحة فلول ( تنظيم القاعدة وأعوانهم ) في عدد من المحافظات الشرقية والجنوبية والشمالية .لقد غفل هؤلاء، أو تغافلوا عن حقيقة أن الماضي الذي يحلمون به قد ولى، وأن الشعب قد رمى به، ودون أسف في مزبلة التاريخ، وأن اليمن الجديد، الاتحادي، الديمقراطي، هو خيار المستقبل الذي لا رجعة عنه .. خيار الشعب، ومضمون مخرجات الحوار، ومحل التأييد الإقليمي والعربي، والدولي، بدليل الإشراف، والحضور الأممي التام، ممثلاً بالأخ جمال بن عمر مساعد الأمين العام للأمم المتحدة، وموفده إلى اليمن على مسارات العملية الانتقالية السلمية، والإصرار الدولي على إنجاح العملية السلمية، والانتقال السلس للسلطة، وصولاً إلى دولة النظام والقانون، والمواطنة المتساوية لكل ابناء الوطن، وإلى وطن خالٍ من التمييز العنصري والسلالي الذي تريد مليشيات العنف إعادته، وتكريسه على طريقة الإخضاع، والغطرسة، والقهر والإذلال لبقية فئات المجتمع، وهي الروح نفسها، وإن بصورة أخرى؛ التي دفعت الشعب للثورة، بدءاً بثورة 1948 م، وانتهاءً بثورة 11 فبراير 2011 م . إن هذا العدوان المتواصل اليوم بتنسيقه الخبيث في حضرموت وشبوة ومأرب والجوف وعمران وصعدة وحجة وغيرها؛ لا معنى له سوى مزيد من الإضرار بالوطن وإعاقة العملية الانتقالية السلمية، ولا محصلة له كذلك سوى انتحار هذه القوى، وهم في الأصل يمنيون نحرص عليهم كما نحرص على أنفسنا،ونحبهم كما يكرهوننا .إننا لا نريد أن نقول : كر يا ثور، وكله على قرنك !! كما يقول المثل الشعبي، بل نقول كما قال الأخ الرئيس عبد ربه منصور هادي لدى لقائه المشايخ والشخصيات الاجتماعية من أبناء مديريتي حراز وصعفان أول من أمس الأحد : إن الواجب يقتضي من الجميع اغتنام فرصة الدعم الدولي المقدم لإخراج اليمن من وضعها إلى آفاق التطور، وإن الذين لا يريدون الحوار ومخرجاته إنما يفتحون جبهات الدمار والحرب في كل أرجاء البلاد .لقد تمادت مليشيات العنف، وقوى الثورة المضادة منسقة عملياتها مع شراذم تنظيم القاعدة الإرهابي، والحراك المسلح، وهاهي تفهم حِلم الأخ الرئيس، وأناته، وحكمته بأنه الضعف المواتي للحظة الانقضاض على الفريسة .. إنهم يعملون الآن على إحكام الطوق على العاصمة؛ وعلى محافظة الجوف بعد أن استولوا على عمران وقبلها صعدة، لكنهم لا يعلمون، إنهم إنما يستكملون إحكام الطوق على أعناقهم، فما زال البند السابع في جرابه، وبعده محكمة الجنايات الدولية .. لا تنسوها، ولو بعد عشرات السنين .. إن دماء الشهداء من أبناء القوات المسلحة والأمن، والمواطنين الآمنين لن تذهب هدراً، وإن الشعب لن يرضى بقضاء الموتى، المنبعثين هذه المرة من مدافن، ومن أجداث المجوس، وعفونات الماضي المتخلف، وإن أبناء القوات المسلحة والأمن على أهبة الاستعداد، وأن هؤلاء الأساوس يقف معهم، لا خلفهم، وفي الخندق نفسه شعب كامل تعداده أكثر من 25 مليون مقاتل رجالاً ونساءً، وشباباً، وشيبة . إن الحكمة تقتضي أن يأخذ كل ذي حق حقه بالعدل، وعن طريق الحوار، أو فالقضاء، وليس من الحكمة، ولا العدل أن تحاورني وسيفك على رقبتي، لأن الجميع سيعدون العدة، وإذا حصل هذا فالكل رجال، اعقلوها أفضل، فالعقل زينة .. الشعب ليس قطعاناً من العبيد تسوقونهم كما تشتهون، واعلموا بعد ذلك وقبله أن المجتمع الدولي لن يسمح لكم بمزيد من اللعب، والعبث، وأن للحكمة حداً، وليس بعد ذلك الحد سوى الحديد، وعلى البغاة تدور الدوائر . [email protected]