آخر كـلام
ما الذي يجعل فردا أو جماعة من المجتمع تشق عصا الطاعة او تفارق الجماعة وتتمرد وتعيث في الأرض الفساد وتخرب منجزات الوطن ومكتسباته وبنيته التحتية الحيوية الهامة التي هي ملك للناس جميعا و المساس بها مساس بمصالح الناس جميعاً وانتهاك صارخ لهيبة الدولة والحكومة وسيادتها وإشارة إلى غيابها وعدم قيامها بواجبها خير قيام لأن «الدرين لا يترندع إلا عندما يغيب الأسد» كما يقول المثل الشعبي العدني ، فلو أن الدولة تقوم بتفعيل دورها وفرض هيبتها لما تجرأ فلان أو علان على قطع الطريق مثلا ولا على إتلاف وتدمير شبكة الكهرباء أو تفجير أنابيب النفط والغاز والمياه وإزهاق الأرواح لأنه يعلم مسبقا بأن الدولة ستقوم بتطبيق القانون عليه وتعاقبه على فعلته الشنيعة والمنحرفة هذه التي تضر بمصالح الناس وبمعاشهم وأمنهم واستقرارهم وعندها سيشعر المواطن العادي بان هناك دولة نظام وقانون وعدالة ومساواة مطبقة على الجميع دون استثناء وسيتمسك الجميع بهذه الدولة والحكومة والنظام بأكمله لأنه عند مستوى المسؤولية ولأنه حافظ على أرواح الناس وطبق على المنحرفين العقاب وعلى الصالحين الثواب وشعر الكل بأن هذه الدولة حازمة والأمن منضبط والأمور تسير على ما يرام. أما إذا كانت الأمور (سايبة) وعم الإهمال وعدم الاكتراث بكل شيء فإن أي شخص سيقوم بعمل أي شيء يضر بالناس وبمصالحهم ويتجرأ فيقتل هذا وينتهك عرض هذا وتحل الفوضى والقلاقل وتتحول الأمور إلى غابة والناس إلى وحوش وتتوقف مصالح الناس وأحوال معاشهم وأعمالهم ويقبع البعض في منازلهم يتنازعهم الخوف والهلع على أنفسهم وعلى أسرهم وأولادهم وعائلاتهم ويحل الرعب والفزع والرهبة في كل منزل نتيجة غياب الضبط والربط والزجر والتأديب والقوة والنظام والقانون والحساب والعقاب لأن المجرم والإرهابي والمتمرد والمتطرف قد أمن العقوبة فأساء الأدب وسعى في الأرض فساداً يهلك الحرث والنسل ولم يجد من يوقفه عند حده او يمنعه عن غيه وتمرده وطغيانه. وهذا الموقف السلبي من قبل الحكومة والنظام ينعكس عليها ويظهرها بمظهر العاجز عن أداء مهامه والقيام بواجباته المناطة به والمخول له التصرف وإيجاد الحلول لهذه المشاكل والقضايا الهامة المؤثرة على حياة الناس ومعاشهم والمعيقة لعملية التنمية في البلاد ولإكمال التسوية السياسية حتى تصل إلى غايتها المنشودة.ماذا على الحكومة لو قامت بإصدار قوانين صارمة تجرم من يتلف ممتلكات عامة أو خاصة ويتعدى على حياة الناس وقامت بتنفيذ العقوبة أمام الملأ هل سيتجرأ بعد ذلك أي منحرف أو مجرم أو إرهابي على قطع طريق أو نسف أنبوب نفط أو غاز أو إحراقه أو إتلاف شبكة الكهرباء أو سرقة بنك أو التعدي على حياة مواطن أو تهريب ديزل أو نفط أو نهب مرفق حكومي والعبث بممتلكاته اعتقد جازماً بأنه لن يفكر أي مخلوق في القيام بشيء من ذلك أبداً لأنه يعرف ويعلم علم اليقين العقوبة المغلظة التي تنتظره من قبل الحكومة والجهات المعنية بإيقاع العقوبة عليه وتنفيذها فيه وهذا يتناغم مع قول الحكيم العليم في القرآن الكريم : «ولكم في القصاص حياة ياأولي الألباب لعلكم تتقون» 179 البقرة .قال الخبير العليم «لعلكم تتقون» فلا تقوى إلا بقصاص ولا قصاص إلا بدولة وحكومة ولا نكون من المتقين المهتدين بهدي كتاب الله وسنة نبيه وهي الصفة الأولى من صفات المتقين حتى نقيم القصاص بإقامة الدولة التي تقيمه ، ورقابتها ومحاسبتها ، فليعلم ذلك الذين يظنون أن التقوى مجرد صلاة وليعلم ذلك الذين لا يبذلون جهد صحيحاً لإقامة حكم الله في الأرض ومعظم العبادات والمعاملات في الإسلام شرعت من أجل الدعوة إلى التقوى وتبيانها وتبيان طريقها وتعميق مفاهيمها في عقول وقلوب المؤمنين المسلمين والتقوى: هي تنفيذ ما يطالب به كل إنسان من كتاب الله وسنة رسوله والمحاسبة تكون على التقصير ضمن الوسع، فمثلا أنا كمسلم لا أستطيع أن أطبق القصاص بمفردي لأن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن كما قال عثمان بن عفان رضي الله عنه فلا تقوى على الكمال والتمام إلا بوجود حكومة ونظام يطبق الأحكام والقوانين .فينبغي أن تكون هناك عدالة اجتماعية بين الناس وأن يحاكم الوزير قبل الغفير أو المسكين أو الضعيف وأن نبحث عن أسباب انحراف الناس وتمردهم ونعالجها بحكمة وعقل وروية حتى لا يخرج الناس شاهرين سيوفهم في وجه الحكومة أو يقطعون الطريق أو يتلفون الممتلكات العامة والخاصة وأن نبحث عن معالجات لتوظيف واستيعاب العاطلين عن العمل الذين يئسوا من الحياة وتحولوا إلى مجرمين وإرهابيين.