كتب/ المحرر السياسيفي ضـوء مؤشرات التدهور الخطير لحالة الاقتصاد الوطني جراء التدني الحاد في انسيابية تمويل الخزينة العامة بالموارد المالية الكافية لم يكن من بد أمام الحكومة وبموافقة كافة الأطراف داخلها غير التوافق على تطبيق سياسات تقشفية صارمة، لعل أحد ملامحها رفع الدعم عن المشتقات النفطية وفي تزامن مع تنفيذ حزمة من الإصلاحات الهيكلية الهادفة تعزيز كفاءة المصالح الايرادية والتوسع في الاسكتشافات النفطية والغازية وتحسين البيئة الجاذبة لزيادة إنتاجية الحقول القائمة، فضلاً عن المعالجات التي تخفف من وطأة تحرير أسعار هذه المشتقات على الفئات الفقيرة من خلال توسيع شبكة الضمان الاجتماعي وغيرها من الإجراءات ذات الصلة بمكافحة الفساد واسترداد الأموال المنهوبة وتحفيز البيئة الجاذبة للاستثمارات الداخلية والخارجية مع ما يتطلبه هذا الشرط من ترسيخ مناخات الأمن والاستقرار.ومن الواضح أن مثل هذه القرارات الحكومية جاءت استجابة لمبررات وطنية وموضوعية استدعتها الحاجات الملحة لمحاصرة تداعيات الأزمة المالية الخانقة جـراء تراجع كفاءة الاقتصاد الوطني وشحـة الموارد المالية من العملات الصعبة والتي لم تعد تلبي الحد الأدنى من احتياجات المجتمع الأساسية، بل وتنذر بكارثة وشيكة وبخاصة في حال استخدام الاحتياطي من العملات الصعبة.. وبالتالي فإن قرار رفع الدعم عن المشتقات النفطية جاء في توقيته المناسب لتجنب ذلك الانهيار.لقد أحسنت الحكومة أن اتخذت سلسلة من الإجراءات التقشفية المصاحبة لقـرار رفع الدعم عن المشتقات النفطية.. و أحسنت كذلك التوجيه بتفعيل أداء السلطات التنفيذية والمحلية على مستوى أمانة العاصمة والمحافظات في مراقبة ومتابعة المتلاعبين بالأسعار بخاصة بعد أن تأكد للجميع بأن أسعار المواد التموينية الأساسية لم تشملها هذه الزيادات.. وبأن هـذه الزيادات اقتصرت فقط على السلع والمنتجات غير الأساسية و وسائل النقل الداخلي بزيادة لا تتجاوز نسبة الـ 20% وهو الأمر الذي يضاعف من مسؤولية السلطات المحلية في تفعيل هذه الرقابة و اعتماد الشفافية في ضبط المخالفين للأسعار السائدة وإحالتهم إلى القضاء.وفي هذا الإطار، لسنا بحاجة إلى تجديد التأكيد على أهمية وحيوية جهود كافة القوى الحزبية والتنظيمات السياسية والمكونات الاجتماعية ومؤسسات المجتمع المدني في التوعية بالضرورات الموضوعية التي استدعتها هـذه القـرارات .. وفـي نفس الوقت من الأهمية التأكيد كذلك على الالتزام بالتوافق داخل مكـونات الحكومة التي اتخذت هذه الخطوة وبمشاركة الجميع دون استثناء أو تحفظ.و لا شك بأن تلك التوافـقات ترتب التزامات أدبية وأخلاقية وبحيث لا يجوز على أي من مكونات الحكومة التنصل عـن شراكتها الكاملة في تحمل هذه المسؤولية .. وبألا تتعامل تلك المكونات مع هذه القضية وفقاً للأمزجة الحزبية أو الأهواء الشخصية باعتبارها قضية وطنية توافقية تصب نتائجها -في نهاية المطاف -فـي مصـالح المجتمع والعمل التضامني من أجل تجنيبه مخاطر الانزلاق إلى أتون كارثة ستلحق أضرارها بالجميع دون استثنـاء.
أخبار متعلقة