الحروب والهزائم تترك في العادة دمارا كبيرا يشمل الحجر والأرض والبشر ، ولعل أسوأ انواع الدمار هو ذلك الدمار الذي يصيب النفوس ، والاخلاق والقيم وناموس الحياة الاجتماعي السائد لتنشأ بالنتيجة قيم وعادات غريبة وشاذة تصيب بعض المحسوبين بأنهم بشرا مع ان سلوكهم لا ينم عن الآدمية ولا يرتقي الى سلوك البشر مطلقا ، كما حصل مع الطفلة البريئة شيماء في مدينة كريتر من جريمة بشعة تقشعر لها الأبدان وتدينها كافة الأديان السماوية والقوانين الوضعية التي تحكم سلوك البشر الأسوياء ، هذه الجريمة التي اهتزت لها مشاعر الناس ووجدان السكان في ارجاء عدن المدينة التي لم تكن تعرف مثل هذه الجرائم القذرة اللعينة ، قد لا تكون هذه الجريمة هي الاولى من نوعها فهناك جرائم مشابهة كثيرة ارتكبت من قبل مثل هؤلاء الشواذ، وما زالت ترتكب تحت تأثير المخدرات الدخيلة على شباب وسكان المدينة ، ولكنها ربما الجريمة الاولى التي تحظى بتعاطف شعبي واسع ، وبموقف استنكار وادانة إنساني وجماهيري ملحوظ لسكان عدن الأنقياء لتصبح قضية راي عام تستوجب استنفار كل الفعاليات الاجتماعية ليس للأخذ بحق الطفلة البريئة الضحية فقط ، ولكن من اجل وضع الموانع اللازمة والتدابير الكفيلة بالحد من انتشار هذا النوع وغيرها من الجرائم ومسبباتها، ومن الظواهر المهددة لحياة الناس وأمنها وسلامتها وشرفها وكرامتها وصون أعراضها من هذا السلوك المخيف القادم تحت عباءة الكيف . حيث بات السكوت عنها يعد مؤشرا لاباحة مثل هذه الجرائم المستنكرة والمرفوضة والمهددة لسكينة الناس الآمنين ومصدرا لقلق الجميع بلا استثناء فاليوم هنا وغدا هناك في حال السكوت ، خصوصا مع انتشار حالة الانفلات الأمني بسبب الاوضاع السياسية غير المستقرة التي تشهدها البلد ، وفوق هذا وذاك الانهيار القيمي والأخلاقي الذي أصاب نفوس الكثيرين خلال الأعوام المنصرمة.الشيء المؤكد ان هذه الجريمة باتت ترمز كمؤشر قوي الى الخطر الداهم الذي اصبح يعيش معنا وبين ظهرانينا في مدينة عدن الآمنة لانها المدينة الرئيسة التي تعرضت بصورة خاصة لأشد انواع الدمار المادي والمعنوي بكونها عاصمة الجنوب الامر الذي لم تشهده اي مدينة اخرى ، وهذا الخطر القادم من اعماق الهزيمة والدمار الممنهج ، يصبح تحدياً شاقاً وصعباً ، ويعني كل سكان المدينة واليمن عموما بلا استثناء لانه خطر لا عنوان له ولا هوية ولكنه خطر سيصيب الجميع، ويحمل في طياته بوادر ومؤشرات الفوضى كخطر اشد ضررا سيصيب الجميع بمقتل، وهو ما يستوجب حشد كافة الجهود لمواجهته عبر تاسيس هيئات حماية اجتماعية محلية في مدينة عدن ومديرياتها وكافة مناطق الجنوب لحين تقوم مؤسسات الدولة بوظائفها الأساسية تجاه المجتمع .العمارة يمكن اعادة بنائها حين تدمر لكن حين تنهار الأخلاق والقيم وتصيب اي امة فعندها اقرأ على هذه الأمة السلام (وانما الامم الأخلاق ما بقيت فان هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا) .- والمحزن ايضا ان يصاب بهذا الانهيار حد الانحطاط والبؤس الفكري بعض المحسوبين على الفكر والكلمة ، الذين لا يتورعون في توظيف الكلمة باتجاه القذف والتحقير للآخرين مع ان الكلمة مسؤولية وكما يقال في الأمثال اليافعية الكلام ( مثمن) وكل معروف بشملته .ختاما يقول علي بن ابي طالب رضي الله عنه :وكُلُّ جراحةٍ فلها دواءٌ … وسوءُ الخلقِ ليسَ له دواءُوليس بدائمٍ أبداً نعيمٌ … كذاكَ البؤسُ ليس له بقاءُ -
|
آراء
الانهيار الأخلاقي .. الطفلة شيماء أنموذجا
أخبار متعلقة