قبسات من شهر رمضان
فيصل بن غالب إن شهر رمضان المبارك شهر يستبشر بقدومه الصغير والكبير والغني والفقير والرجل والمرأة والمهتدي والعاصي، إنه شهر الصيام والقيام وشهر الصبر وقراءة القرآن والتزود فيه، ولذلك كان النبي صل الله عليه وسلم يبشر أصحابه بقدوم شهر رمضان. فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:« لما حضر رمضان قال رسول الله صل الله عليه وسلم لأصحابه:« قد جاءكم رمضان شهر مبارك افترض الله عليكم صيامه، تفتح فيه أبواب الجنة وتغلق فيه أبواب الجحيم وتغل فيه الشياطين، فيه ليلة خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حًرم» أخرجه أحمد والنسائي.قال بعض العلماء « هذا الحديث أصل في تهنئة الناس بعضهم بعضاً بشهر رمضان، كيف لا يبشر المؤمن بفتح أبواب الجنان؟ وكيف لا يبشر المذنب بغلق أبواب النيران؟ وكيف لا يبشر العاقل بوقت يغل فيه الشيطان؟«وكان الصحابة رضوان الله عليهم يدعون الله ستة أشهر قبله أن يبلغهم الله رمضان ثم يدعون ستة أشهر بعده أن يتقبل الله منهم أعمالهم فيه».لأنه من حرم في رمضان فهو المحروم ومن لم يتزود فيه لمعاده فهو الملوم.قال الشاعر:أتى رمضان مزرعة العباد لتطهير القلوب من الفسادفأد حقوقه قولاً وفعلاً وزادك فاتخذه للمعادفمن زرع الحبوب وما سقاها تأوه نادماً يوم الحصاد فلابد من الترحيب بأكرم ضيف ويحسن بنا نحن المسلمين أن نستعد لاستقباله خير استقبال، فالمسافر يستعد لسفره، والموظف يستعد لعمله، والشياطين تستعد في هذا الشهر لتوسوس على الناس ـ قبل أن تصفد وتغل فيه ـ بأنواع الملاهي وضياع الأوقات والسهرات، فما أسعد من استعد لرمضان واستفاد منه.وقد يقول قائل ويسأل سائل: كيف نستقبل رمضان ؟إن استقبال رمضان يكون بأمور كثيرة منها: الدعاء، فندعو الله أن يبلغنا هذا الشهر الكريم كما كان الصحابة يفعلون ذلك، وندعو الله أن نحسن العمل فيه، ونسأله سبحانه وتعالى أن يتقبل منا صالح الأعمال فيه ويغفر لنا ما كان من زلات فيه، ويكون استقبال رمضان بصفاء القلب وتطهيره وسلامة الصدر وسعته والعفو والصفح والتسامح بين المسلمين وألا يكون بينك وبين أي مسلم شحناء ولا بغضاء ولا تهاجر ولا تدابر ولا تقاطع. عن معاذ بن جبل رضي الله عنه عن النبي صل الله عليه وسلم قال: «يطلع الله عز وجل على خلقه ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن» أخرجه ابن حبان في صحيحة.ويستعد لرمضان أيضاً بصيام شعبان كما هي السنة المطهرة. فعن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله لم أرك تصوم شهراً من الشهور كما تصوم من شعبان ، قال «ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم» أخرجه النسائي.ونستقبل شهر رمضان أيضاً بالاهتمام بالفروض والواجبات والابتعاد عن المحرمات والسيئات حتى لا يفوتنا أدنى أجر فيه أو أن نكتسب الأوزار التي تنقص الإيمان والأجور.واستقبال شهر رمضان يكون أيضاً بقيام الليل وقراءة القرآن للتعود عليهما وذلك باتخاذ ورد يومي محدد تطيقه النفس من القرآن حتى لا يصاب المسلم بالسآمة والملل في وسط الشهر أو في آخره. فيتخذ المسلم أوقاتاً خاصة لقراءة القرآن بعد الصلوات المكتوبة أو قبلها أو بين المغرب والعشاء أو غير ذلك من الأوقات خلال شهر شعبان ورمضان وما بعدهما بإذن الله. وينبغي على المسلم أن يستقبل رمضان بالتثقف وتعلم أحكام الصيام والحلال والحرام وكذلك حضور مجالس أهل العلم والعلماء.ومما ينبغي أن يستعد به المسلم ليكون مهيأ لشهر رمضان، الاستعداد السلوكي بالأخلاق الحميدة الحسنة والبعد عن الأخلاق الذميمة والإكثار من القراءة في كتب الأخلاق والسلوك وتزكية النفوس.واستقبال رمضان يكون أيضاً بالاستعداد لاستغلا الأوقات فيه على أحسن استغلال وذلك بعمل جدول لرمضان، للقراءة والزيارات في الله وصلة الأرحام وغير ذلك مما هو حسن ومحمود، وتشجيع أهل المسجد في الحي أو الحارة على إقامة إفطار جماعي للصائمين في هذا الشهر الفضيل حتى تلتحم وتتقوى أواصر وروابط الأخوة والمحبة بين الناس داخل المسجد وخارجه. فهذه بعض السبل النافعة لحسن استقبال رمضان فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يعيننا على حسن استقباله وحسن العمل فيه إنه سميع مجيب.