آخر كـلام
ليس غريباً أن يستقبل فخامة الأخ عبد ربه منصور هادي رئيس الجمهورية، وابن الجنوب الأصيل، المحب لأهله، المخلص حتى العظم لأهداف الثورة اليمنية، وطموحات كل أبناء اليمن؛ أن يستقبل ثلة من أبناء المحافظات الجنوبية الشرفاء، وقيادات وكوادر الحراك الجنوبي السلمي، ولكن الغريب أن يظل بعض الفئات في الشمال والجنوب عاجزين عن استيعاب حقيقة ما جرى منذ 22 مايو 1990م حتى 7 يوليو 1994م، ثم ما جرى منذ ذلك الحين حتى مطلع 2012م عندما آلت الأمور إلى فخامة الأخ الرئيس في تلك الظروف الصعبة والحرجة التي ما زالت تداعياتها قائمة، ومتواصلة، ومتشظية حتى هذه اللحظة .في الجنوب مثل ما في الشمال، وفي الشمال مثل ما في الجنوب .. هناك قوى واعية، وتعمل دون شك لمصلحة اليمن، وهناك قوى متخلفة لا تعلم ثابتاً من متحول، ولا تكتيكاً من استراتيجية، بل لا تعلم من السياسة كلها سوى ردود الأفعال، والمواقف الانطباعية، الآنية، والهروب الأعمى، أو الاقتحام الجامح إلى الأمام، وفي هذا وذاك تكمن مشكلتنا العويصة منذ عام 1990م؛ عندما هرب ( ما بقي من النظام ) في الجنوب إلى الشمال بأزمته الشاملة؛ وعندما التقمته ( العصابة الحاكمة هناك ) بشهية اللصوص؛ وكان طبيعيا في هذين النموذجين ( المتعوس وخائب الرجاء ) أن يلعبا على بعضهما البعض لعبة اللا لقاء حتى انفجر الوضع المريض، المعتل منذ أول وهلة ( في مايو 1994م ) بذمار؛ كنتيجة لاختلاف هدف كل منهما من ثمرة الوحدة البريئة منهما؛ التي كانت، وما زالت مطلب كل الشرفاء من كل القوى الوطنية الشريفة داخل هذا البلد المعطاء وخارجه . وفي هذه المعمعة، وعلى هذا الركام؛ يقف فخامة الأخ الرئيس الآن فوق ذلك متهماً، ومهدداً بالويل والثبور، والتصفية الجسدية له ولأسرته، من هذه القوى، أو تلك، دون مراعاة لسنه وجسامة المهام الوطنية النبيلة التي ينهض بها .. مع أنه أشرف من أن يتكلم فيه هؤلاء، أو هؤلاء .. ولكن هذا هو الواقع .. فما زالت تلك القوى العمياء تحمل عصي الهدم في الشمال والجنوب، وتلعب بكل وسائلها لتعكير عملية إعادة البناء، وانظروا اليوم إلى استماتة الحوثي الاثني عشري، السلالي، الطائفي، في السير على خطى الثورة المضادة، المتحالفة مع القاعدة المصطنعة، وقوى الماضي المندحرة، وعصاباتها في الشمال لفرض وجوده الفكري والجغرافي، والعودة بالوطن مجدداً إلى عهود الطغيان الإمامي الكهنوتي السلالي المتخلف والبغيض، وانظروا معي في الجانب الآخر، إلى قوى الحراك المسلح المتحالفة مع الحوثي، وسنده التاريخي، والثورة المضادة (أصل البلاء كله ) ومع القاعدة المصطنعة نفسها في محافظات الجنوب والشرق، ثم إن كلاً منهما بعد ذلك يدعي بكل صور التطرف، والعنف، والغرور أنه الممثل الوحيد، والشرعي لطرفه الجغرافي، ثم لا وجود معه، أو بعده؛ سوى صداه، وظله الضال، وكأن الغالبية العظمى من السكان لا رأي لهم أو محجور عليهم شرعاً وقانوناً من محكمة .. لا ندري .لقد أثبت فخامة الرئيس؛ وهو يشيد في اللقاء بنضالات الحراك السلمي في المحافظات الجنوبية منذ 2007م، وهو الحراك النابع في الواقع من المعاناة، والظلم، والقهر الذي أصاب كل فئات المجتمع ( دون استثناء ) بالاضافة إلى غطرسة الشريك في عملية التوحيد، وتنكره لأي حق لهذه المحافظات بعد أن داهمها بسياسة القهر، والنهب والإفقار حد التجويع .. لقد أثبت فخامة الأخ الرئيس سعة أفقه، وتفهمه لمعاناة الناس في هذه المحافظات، وحلمه كأب لكل اليمنيين، فاتحاً باب الحوار على مصراعيه للجميع، ودون استثناء، أو كبت، مؤكداً للكل؛ كمسألة لازمة؛ أن مخرجات الحوار لا يمكن أن يؤثر عليها أحد باعتبار أنها قد أصبحت محل دعم، محلي ودولي، ذلك أن الحق الساطع يقول : إن الجميع، وبرئاسته هو كمواطن جنوبي، ورئيس للدولة قد سجلوا، ووضعوا بصماتهم في مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وخلال تسعة أشهر متوالية، وبنسب عادلة، ومنصفة، وشاركوا مشاركة فاعلة في صياغة هذه المخرجات، وصناعة مستقبل اليمن الاتحادي الجديد، وعملوا ( كل بجهده ونصيبه ) ومن كل القوى ، بمن فيهم الحراك السلمي لتجاوز تراكمات الماضي، وسلبياته في الشمال والجنوب، وهي التراكمات التي فجرت غضب الناس العارم في الجنوب والشمال، وكانت سبباً في ثورة التغيير السلمية في فبراير 2011م .وبشهادة الأخ المهندس حيدر أبي بكر العطاس، أحد الذين أسهموا في صناعة يوم الثاني والعشرين من مايو 1990م، وأحد قيادات الحراك الجنوبي في الخارج؛ فإن ( ما تحصل عليه الجنوب في الدولة الاتحادية القادمة هو الأهم عبر التأريخ ) .إن المسألة الأهم اليوم قد تجاوزت ما يختلف البعض بشأنه من الشكليات، والقشور .. فالبعض يصر حتى الآن مثلاً على شكل معين يراه؛ في إطار الدولة الفدرالية الاتحادية، مع أن الأهم ليس العدد مثلاً، إن المسألة الأهم اليوم هي : إما العيش الكريم، والمواطنة المتساوية، في دولة ديمقراطية، حديثة، عادلة، وهو ما تضمنته مخرجات الحوار ( كعقد اجتماعي جديد ) وإما عودة الطغيان، والسلالية، والعنصرية، وهو ما يحمله مشروع الإمامية الاثني عشرية الحوثية، وأشباههم من حلفائهم ( قوى التخلف، والطغيان، والتوريث، والتمزيق ) هذا ما ينبغي أن يركز عليه كل أبناء اليمن، وبوضوح نقول : فإما أن يشارك الكل بحرص في صياغة الدستور بمقتضى مخرجات مؤتمر الحوار، وفي الرقابة على تنفيذ مخرجات الحوار، ابتداء من سحب أسلحة كل المليشيات، ودون استثناء ، وإغلاق المعسكرات، والسجون غير الشرعية، وحصر السلاح كله بيد الدولة، وفرض هيبتها على كل ترابها، بمقتضى الدستور، وكشف ستر الواقفين وراء عمليات الاغتيالات لرجالات الدولة وجنودها، وإما أن يقتنعوا بحياة الذل، والتحالف مع قوى التخلف والظلام . إن الوطن اليمني الذي لم يزل حتى الآن أرضاً بكراً، وأكرر : أرضاً بكراً، واعدة بكل الخير .. في ظاهرها، وفي باطنها، وفي برها، وفي بحرها، ولكل ابناء اليمن ( دون استثناء ) إن ذلك يوجب علينا جميعا أن نقف صفاً واحداً مع فخامة الأخ الرئيس على طريق الحوار، وبالحوار فقط، لفهم الآخرين ( من المخالفين ) مثلما يجب كذلك الوقوف معه في مواجهة كل من يريد الخروج عن هذا الخط إلى مستنقع المؤامرات، والدسائس الداخلية والخارجية، الهادفة إلى شق عصا اليمنيين، وتحويلهم إلى دويلات، وإمارات، ومشيخات متناحرة، وضعيفة، سهلة القضم والهضم؛ تمهيداً لإنهاء هويتنا اليمنية الأصيلة الضاربة عروقها في أعماق التاريخ .لقد بدأنا مع فخامة الرئيس مسيرة حضارية مباركة على درب تصحيح مسار الوحدة .. وإصلاح الأوضاع المتردية .. عنوانها الحوار، وهدفها الشراكة المتكافئة، والعدالة، والمواطنة المتساوية .. فليكن الحوار دائماً طريقنا إلى اللقاء .. على أرض المحبة والحكمة .. كإخوة متآزرين .. وكشركاء.