في ختام مناقشاتهم للتجربة اليمنية ودراستها واستشراف مستقبلها
بيروت / سبأ:أشاد مسؤولون وخبراء وناشطون عرب ودوليون بتجربة اليمن المتفردة في التحول السياسي من بين دول الربيع العربي .. معتبرين هذه التجربة وما رافقها من حوار وطني ضم ممثلي مختلف المكونات بأنها تجربة رائدة وفريدة من نوعها على مستوى المنطقة .جاء ذلك في ختام مناقشاتهم للتجربة اليمنية و دراستها واستشراف مستقبلها في الاجتماع رفيع المستوى الذي نظمته اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) بالتعاون مع منظمة العمل الدولية ومؤسسة «مبادرة المساحة المشتركة لتبادل المعرفة وبناء التوافق» في مقر الأمم المتحدة بالعاصمة اللبنانية بيروت واستمر على مدى يومين تحت عنوان «مؤتمر الحوار الوطني في اليمن.. أخْتتِم المؤتمر، بدأ العمل».وركز الاجتماع الذي شارك فيه حشد من المسؤولين والخبراء والناشطين في اليمن والدول الأعضاء في الإسكوا وكذا مسؤولو وممثلو عدد من المنظمات الإقليمية والدولية وعدد من الباحثين والمهتمين ركز على تقديم الحوار الوطني اليمني كحالة دراسية إقليمية لمواجهة التحديات متعددة الأوجه خلال مرحلة التحول السياسي؛ وتوفير منصة للجهات الفاعلة الوطنية للبحث في الخطوات اللازمة لتحقيق وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني.واستهدف الاجتماع تسليط الضوء على التجربة اليمنية وتبادل تجارب عربية ودولية محددة تتعلق بجوانب النجاح أو الصعوبات التي واجهتها في مسار التحول الديمقراطي؛ وتعزيز دعم الجهود التي يبذلها المجتمع الدولي لمساندة التجربة اليمنية فضلا عن الدور الذي تقوم به الجهات الفاعلة في المجتمع المدني لترسيخ الإجماع الوطني الذي تحقق حتى الآن في اليمن.واستعرض المشاركون في الاجتماع الأوضاع التي مر بها اليمن خلال العام 2011 والتحديات التي واجهته وكادت تدفع بالبلاد إلى حافة الفوضى والعنف المجتمعي وكذا الدور الذي لعبته مبادرة مجلس التعاون الخليجي وآليتها التنفيذية الموقعة في نوفمبر 2011، للحد من احتمالات انزلاق اليمن نحو المجهول في ضوء تصاعد التوترات الاجتماعية الاقتصادية والسياسية التي كادت تدفع البلد نحو حرب أهلية وتشكل انهيارا للدولة .وبحث المشاركون في الاجتماع رفيع المستوى المراحل التي مرت بها تجربة التحول السياسي في اليمن في ضوء توقيع المبادرة الخليجية وفي مقدمة ذلك تشكيل حكومة وفاق وطني؛ ولجنة تحقيق الأمن والاستقرار ولجنة إعادة هيكلة الجيش والأمن؛ بجانب انتخاب رئيس جديد للبلاد؛ ومن ثم عقد حوار وطني شامل ضم ممثلي مختلف الأطراف والمكونات السياسية وتوج بخروجه بوثيقة نهائية تتضمن رؤية متكاملة لمعالجة مختلف قضايا اليمن وترسم طريق صنع المستقبل الأفضل وتؤسس للدولة اليمنية الحديثة من خلال موجهات للإصلاح الدستوري والانتخابي القادم.ودرس المشاركون باستفاضة تجربة الحوار الوطني التي خاضتها مختلف القوى السياسية والاجتماعية في اليمن بما فيها القوى التي اختلفت وتصارعت إلا أنها جلست في الأخير على طاولة الحوار تحت سقف واحد، وكذا عوامل النجاح للتجربة اليمنية، والتحديات التي واجهتها، بهدف استخلاص العبر منها للاستفادة منها خاصة لدى بعض الدول التي تعاني من مخاض التحول السياسية في المنطقة .واستمع المشاركون إلى عرض موجز من مستشار رئيس الجمهورية ـ نائب رئيس مؤتمر الحوار الوطني الشامل الدكتور عبدالكريم الإرياني، عن التجربة اليمنية والتحديات التي واجهتها ودور المبادرة الخليجية في إنجاح هذه التجربة .وقال :« هذه المبادرة مرّت بمراحل متعددّة، ولكنها أفضت إلى ما توافق عليه الناس سلطة ومعارضة، إلى نقل سلس للسلطة من رئيس الجمهورية السابق إلى نائبه، وأفضت إلى انتخاب رئيس الجمهورية انتخابا شعبيا، تلاها تشكيل حكومة وفاق وطني».وأضاف:« الخصوصية اليمنية تكمن في ان الناس يتخاصمون ولكنهم في النهاية يتحاورون ويتصالحون».. موضحا أن هذه ظاهرة عامة عبر عشرات القرون من تاريخ اليمن.وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة ـ الأمين العام التنفيذي للجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) الدكتورة ريما خلف وصفت تجربة اليمن في التحول السياسي بالـ«فريدة» من بين بلدان الربيع العربي.وقالت الدكتورة خلف :»إن انعقاد الحوار في اليمن كان ناجحا، وأن نتيجته كانت توافقا على تماسك الكيان اليمني حيال مخاطر داخلية وخارجية جسيمة».وأضافت :»من مزايا الحوار في اليمن أنه كان شاملاً للجميع دون استبعاد أي طرف، ونأى عن الدعوة إلى العزل والتطهير والإقصاء».واستطردت المسؤولة الدولية قائلة :« ما تحقق في اليمن مهم جداً، ولكنه ليس سوى البداية، والنجاح في المستقبل هو مرهون بالقدرة على تحويل الأفكار والتوصيات على الورق، إلى وقائع وحقائق على الأرض».وأعربت خلف في كلمتها في الاجتماع عن أملها في أن يتحد جميع الفرقاء اليمنيين في سبيل وضع مقررات مؤتمر الحوار موضع التنفيذ.وقالت «مهما اختلفت آراؤهم، يجمعهم توافق على حل المشاكل بالحوار، وعن طريق الآليات الديمقراطية».وأكدت خلف أهمية أن تستمد العملية التشريعية والدستورية والانتخابية أسسها من هذه المساحة التي وفرها الحوار الوطني، فتأتي نتيجة للتوافق، كي لا تتحول إلى تسويات فوقية بين الأطراف القوية في المجتمع والسلطة، وتفرض على عموم المجتمع.بدورها تناولت وزيرة حقوق الإنسان حورية مشهور التحديات التي واجهت وتواجه النجاح الكبير الذي حققه اليمنيون في مؤتمر الحوار الوطني وأبرزها الوضع الاقتصادي الصعب، الاعتداءات المتكررة على المنشآت الاقتصادية كأبراج الكهرباء وأنابيب النفط وأثر ذلك على الموارد الاقتصادية وتوفير الخدمات المواطنين.. بالإضافة إلى التحديات الأمنية نتيجة تنامي النشاطات الإرهابية ،فضلا عن الجماعات المسلحة التي مازالت تمتلك السلاح بمختلف أنواعه وليست خاضعة لسلطة الدولة بما فيها مكونات شاركت في الحوار الوطني.وقالت الوزيرة مشهور:« في المشهد الوطني عموما من الصعب إقصاء أي جماعة للأخرى،وعدم الوصول إلى توافق وتفاهم والقبول بالآخر يعد ذلك جذور لمشاكل قادمة».وأضافت :« إن المجتمع الدولي حاضر وبقوة لمساعدة اليمن وبتوافق وقبول اليمنيين للوصول إلى السلم والبناء والتنمية يرجع لإدراك الجميع بأن الفوضى والصعاب التي يمكن أن تواجه اليمن سيتأثر بها الجميع وليس اليمن فحسب».من جهته أكد القائم بأعمال سفارة الجمهورية اليمنية في بيروت علي أحمد الديلمي، أن اليمن ماضٍ في بناء دولته الجديدة التي ينعم فيها كل أبنائه بالحرية والعدالة ويشاركون في حكمه ويحصلون على حصّتهم من ثرواته مهما كانت الصعوبات والتحديات:وقال «الجميع في اليمن جسّدوا إدراكهم بأنّ مستقبل البلد لا يمكن أن يكون آمنا ومستقرا إلا إذا شارك كل اليمنيين في صياغته وبنائه».وتابع :« ولا شك أن المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ووقوف الأشقاء في مجلس التعاون الخليجي والدول الصديقة كان له الأثر الكبير في نجاح اليمنيين في تنفيذ المبادرة» .