أحمد الدماني :لا اعلم ماذا سأكتب في هذا المقال وأي من الجمل والعبارات سأوظفها فيه فقد ذهبت الاشياء الجميلة مع الضياع وتلاشى معها كل عبارات السعادة وطموحات النجاح لتأتي بدلاً عنه عزيمة شبه مهزوزة لا تقوى على الصمود ولا الاحتمال فهشاشتها جاءت بعد ضياع لا يعقبه إلا قتل قبلي.لم يكن الزمن وحده واقفا ضداً فقط بل كانت معه عوامل اخرى مكنته يفرض علينا كل قسوته ويصبها في آن واحد , فالحياة في زمننا تحتاج اشياء كثيرة وكبيرة لتجعلك متأقلما معه وقد يكون من اهمها تجردك من اسم القبيلة . ليس التجرد بذاك النهج الذي قد يعتقده البعض فهناك اشياء في العرف القبلي تخالف المجتمع الذي يحلم به كل شاب ويتمنى ان يعيش فيه يتمنى الكل ان يعيش في مجتمع خال من الدم من الهمجية من الحروب القبلية من اشياء كثيرة , ولكن كل هذه تظل اماني فقط فالقبيلة واعرافها فرضت علينا ان لا نختار ما نريده لأنها تظل هي لساعد الذي تناصرك في مجتمع همجي . شاب قضى عمره في الدراسة متنقلا من بلد الى اخر حتى اصبح اسمه منحوتاً في قائمة الطلاب المتفوقين جاء كل هذا بعد عناء وشقاء وتعب تتراوح هجرته الى 9 سنوات متتالية تعلم فيها كل شيء احب ان يصبح لديه مجتمع مثل المجتمع الذي عاش فيه سنوات دراسته وهو يعلم في داخله انه قبلي وان العرف القبلي لا يعرف معنى تحضر , المهم عاد هذا الشباب بشهادة الدكتوراه . لم يعلم هذا الشاب ماذا تخبا له الاقدار وماذا ينتظره في قريته التي شبت الحرب بينها وبين قبليه اخرى فالعرف القبلي لا يعرف شيئاً اسمه قصاص مثلما يعرف شيئاً اسمه ( الطارف غريمي ) لم يكن في قبلة الدكتور شخصية اجتماعية مثقفة سواه وكان اسمه مرشحاً ليكن غريما للقبيلة الاخرى , فكل ما حلمه وتمنى وكل تعب الدراسة التي اخذت منه سنوات عمره جعلت منه مشروع قتيل من الدرجة الاولى وتم اغتياله لتذهب مع موته احلامه واحلام ابويه . لهذا يتمنى البعض من ان يتجرد قليلا من القبيلة ليعيش حياته كيف شاء لا يريد ان يملك عمارة وفلوس ولا عقارات وفلل فخمة وسيارات اخر موديل وهو يعلم بان كل هذة الاشياء قد تكون سبب موته في ثأر من الثارات , فالموت والقتل في القبيلة لا يكون اختيارياً والقصاص لا يطفى نار الحقد في قلوب من يبحثون عنه. تخيل ان تكون عندك طموحات كبيرة مثل طموحات ذلك الشاب الذي انهى قصة حياته ثأر تخيل ان يتمنى لنفسه وطناً وحياة قد لا تكن حياة مثلما يحلم البعض بها ولكن حياة تكون انت مقتنع بها تظل سنوات عمرك وأنت وحدك ترتبها وترصها (لبنة لبنة , طوبة طوبة )ومع كل هذا العناء والتعب الذي مررت به سنوات عمرك تأتيك مكالمة هاتفيه او رسالة نصية من شخص ما يقول لك قريب لك قتل احدهم في شجار حدث بينهما وهرب انتبه لنفسك قد يأتون اهل القتيل لينتقموا منك ردا عن اخيهم فما شعورك ؟؟ وأين احلامك التي بنيتها ذاهبة يا هذا ؟؟ الضياع الذي يعقبه قتل قبلي هو نفس ذلك المريض الذي ينتظر الموت كل يوم ولا يأتيه ليريحه لا انه عاش حياته وهو مطمئن ولا الموت راضا ان يريحه من عناء الآلالم التي يعيشها , فالضياع موت بحد ذاته يقتلنا ليل نهار ونحن في غفلة من ذلك , ولكن عندما يعقبه قتل قبلي يصبح الامر مختلفاً بعض الشيء فلا انت راض ان تكون الرقم التالي ولا قناعتك راضية ان تجعلك تعمل مثل الآخرين . ليظل شبح الثأر هو ذلك الذي افسد حلاوة الحياة في العرف القبلي صانعا منها دراما انتقامية لا تهتم بمن كان السبب مثلما تهتم من الشخصية المؤثرة التي ستكون بديله عن ثأري , لينطبق المثل الشعبي القائل ( ضاعت الكيلة في الثمينة ) تأكيد اننا نعيش في ظل مجتمع مدني قبلي يكسر ظهر ابناء القبيلة الداخلة في صراعات قبلية متشعبة لتصبح الاحلام عنهم مجرد انتقام لا اكثر .
|
آراء
المجتمع المدني القبلي
أخبار متعلقة