إعداد/ وهيبة العريقيقد يقول قائل ما جدوى أن تتعب الأم نفسها لتنهمك في إرضاع طفلها رضاعة طبيعية من ثدييها طالما البدائل كثيرة من حولها والأسواق تفيض بماركات مختلفة من اللبن المصنع ؟والإجابة على هكذا سؤال: أن الخالق المبدع أودع ما لا يحصى من الفوائد في لبن الأم، وليس ثمة ما يضاهي صنعة الله ورزقه الذي ساقه للأحبة الأطفال؟قال تعالى : “والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة” سورة البقرة، الآية(288).الرضاعة بعد الولادةنجد كثير من الأمهات يقبلن على إرضاع أطفالهن رضاعة طبيعية، إلا أنه غلب عليهن الخشية على أطفالهن من الإرضاع من ثديي الأم في الأيام الأولى بعد الولادة، وهذا خطأ كبير وفادح لأسبابٍ كثيرة، إذ يجب على الأم أن ترضع طفلها من ثدييها في نفس اليوم الذي يولد فيه، والأولى والأفضل لمصلحة وصحة المولود أن يرضع من نصف الساعة الأولى بعد الولادة من السائل اللزج الذي يخرج من الثديين والذي يسمى (اللباء).فليس في مقدمة لبن الأم؛ ذلك السائل الذي يسمى (اللبا) أي خطورة بل على العكس تماماً، كونه ضروري جداً للمولود ويكفيه تماماً لحين ظهور اللبن دون الحاجة لتغذيته بأي حليب أو ماء أو أي سوائل أخرى. كما أنه يحمي المولود - بإذن الله- من الإصابة بالأمراض المعدية.أما لبن الثديين العادي فيبدأ بالظهور بين اليوم الثالث والخامس بعد الولادة، ومن الخطأ إعطاء الطفل سوائل إضافية مثل الماء والسكر أو الماء والعسل أو غيره خلال هذه الفترة باعتباره لا يفيد المولود ويجعله عرضه لعدوى الأمراض، بينما يؤخر إدرار اللبن من الأم ويقلل كميته؛ باعتبار هذه الإضافات تشعر الطفل بالشبع فلا يرضع جيداً من أمه.فيما ينصح الأطباء الإرضاع المبكر كونه يعمل على إدرار اللبن سريعاً، ثم أنه يفيد في تعزيز الرابطة بين الأم ورضيعه ويقوي مناعة الطفل، ويمنع حدوث النزف بعد الولادة، ويقلل من احتقان الثدي ومع استمرار الرضاعة الطبيعية دون انقطاع، فإن من شأنها أن تساعد على انقباض رحم الأم بشكل أسرع.وبذلك، يتعين على الأم أن تستمر في إرضاع طفلها من ثدييها رضاعة خالصة دون أي إضافات غذائية حتى بلوغه الشهر السادس من العمر، وبعد ذلك لها أن تزوده بأغذية طبيعية تلائمه كماً ونوعاً وقواماً بصورة متدرجة إلى جانب الاستمرار في إرضاعه من الثديين حتى يبلغ من العمر سنتين كاملتين. وضعية الإرضاع المريحةكل ما على الأم لترضع الطفل من لبن الثدي بصورة صحيحة:--أن تكون الأم مسترخية، فبعد الولادة تكون متعبة، ولذا يمكن لها أن تمدد جسدها على جنب وتضع وسادة لإسناد ظهرها وكذلك لإسناد الرضيع، ليتاح له بعد ذلك الرضاعة من ثدي أمه.-عندما يلامس الثدي خد الرضيع فإنه يستدير تلقائياً ويفتح فمه.- أن تكون حلمة الثدي مع الهالة القاتمة اللون المحيطة بها داخل فم الرضيع ، وأن تكون ذقن الطفل ملاصقة للثدي وتضغط عليه لأعلى .- أن يرضع الطفل من أحد الثديين حتى يفرغه تماماً، ثم تعطيه الأم ثديها الآخر، فاللبن الذي يفرزه الثدي في أول الرضاعة يختلف عن اللبن في أخر الرضاعة.- في حالة شعور الطفل بالشبع على الأم أن تبدأ الإرضاع بالثدي الممتلئ في المرة القادمة لان تكدس اللبن في الثدي مدة طويلة يضعف إدراره.- أن تحرص على الاسترخاء، كي تشعر بالراحة ويسري اللبن في ثدييها بسهولة.القدرة على الإرضاعليس هناك ما يبرر لحالة الشك أو انعدام الثقة بقدرة الآمهات -الكاملة على الاستمرار في إرضاع أطفالهن رضاعة طبيعة تقتصر على لبن الثديين، فالممارسة كفيلة بجعل ثديي الأم ان يدرا حليباً أكثر وأكثر، وكما ذكرت سلفاً فإن البدء بإرضاع الطفل من الثديين يبدأ من نصف الساعة الأولى بعد الولادة لتساعد على زيادة إدرار لبن الثديين دون مشكلة.علاوة على أهمية تغذية الأم بشكل جيد ومتنوع فهذا مفيد لها ولرضيعها، وليس بالضرورة أن يكون غذائها من الأصناف الغالية الثمن لتدر مزيداً من اللبن.عدد مرات الرضاعةكلما كثرت المرات التي يرضع فيها الطفل من لبن الثدي كلما كثر إدرار اللبن، وفي الأيام الأولى بعد الولادة من الطبيعي أن يبكي الطفل عندما يريد الرضاعة، ولكن بعد ذلك ينشأ إيقاع خفي بين الأم ورضيعها، فيشعر كل منهما بأوان وقت الإرضاع. ومن الخطأ أن يرضع الطفل حسب جدول زمني ثابت ووفق توقيت محدد، كون الرضاعة ترتبط بمزاج وطبيعة الطفل التي تتفاوت ما بينه وبين أقرانه الآخرين.كما أن الأم لدى استمرارها في إرضاع طفلها رضاعة طبيعية تتمكن من معرفة متى يكون طفلها بحاجة إلى الإرضاع حتى وإن لم يلجأ إلى البكاء.آلية الإرضاعباستطاعة أغلب الأمهات إرضاع أطفالهن كمية كافية من اللبن لنموهم الطبيعي حتى عمر (6أشهر)تقريباً دون مشكلة، وللتأكد من ذلك ينبغي متابعة وزن الطفل ونموه دورياً في المركز الصحي.حيث يجب السماح للطفل بأن يرضع لأطول مدة يرغبها، ففي البداية تكون فترة الرضاعة قصيرة، وكلما كبر الطفل تزداد فترة الرضاعة لأنه يحتاج إلى غذاء أكثر، وليس من المستحسن أن يحدد وقتاً ثابتاً بالدقائق لكل رضعه، كما لا يفضل أن تسحب الأم ثديها من طفلها دون مبرر فهذا سيشعره بالإحباط والغضب.فوائد الرضاعة الطبيعيةمن الفوائد التي تعود بها الرضاعة الطبيعية الخالصة على الأم أنها :-- تساعد أول رضعه بعد الولادة مباشرة على نزول المشيمة ووقف النزيف.- تقي الثدي من الالتهابات والاحتقانات المضرة به.- تعمل على تأخير الحمل كوسيلة طبيعية لتنظيم الأسرة.- تحمي من سرطان الثدي وتجعل صدر الام يعود إلى حجمه الطبيعي بدون حدوث ترهل.وبالنسبة للطفل فثمة أهمية وفوائد الرضاعة الطبيعية، فعوضاً عن أنها في الأيام الأولى بعد الولادة تتيح للطفل الحصول على مادة (اللبا) الغنية بالمواد المفيدة لجسمه من مناعة وغذاء، فإن لبن الأم يعد الغذاء الصحيح والكامل للطفل، ولهذا فإن أمراض سوء التغذية نادراً ما تحدث لدى من يرضع رضاعة طبيعية.في حين أنه يمثل غذاء طازجاً وسهل الهضم، في وقتٍ يكون فيه الجهاز الهضمي للطفل مهيأ فقط للمقادير والمكونات الغذائية الموجودة في حليب الأم، ولذلك تقل الإصابة بالاضطرابات المعوية والمغص لدى لأطفال الذين يرضعون طبيعياً، وهو معقم ويتيح للطفل وقاية حماية طبيعية ضد الكثير من الأمراض.إلى ذلك أكدت الدراسات أن الطفل الذي يرضع من ثدي أمه يكون أكثر ذكاءً من أقرانه؛ لوجود بعض الأحماض الأمينية المناسبة لنمو خلايا الدماغ، وختاماً.. فإن الطفل الرضيع يحصل على الرعاية والحنان والحب من خلال الرضاعة الطبيعية.
الرضاعة الطبيعة.. منظومة حماية لصحة ونمو الطفل
أخبار متعلقة