إعداد/ زكي الذبحانيلا ينبغي- البتة- الاستخفاف بتحصين الأطفال ضد أمراض الطفولة العشرة القاتلة، فهي ضالعة في تدمير الصحة والتسبب بعاهات وإعاقات سيئة العواقب تلازم الطفل مدى الحياة أو تقود به إلى دروب الموت.وبالمناسبة، فإنه يصادف في الفترة من(24 - 30أبريل) من كل عام إحياء أسبوع التحصين الإقليمي على مستوى إقليم شرق البحر المتوسط الذي تنتمي إليه بلدان المنطقة ومن بينها اليمن.وشعاره لهذا العام :«التحصين من أجل مستقبل صحي»، يعكس مدى أهمية التحصين بهدف تعزيز واحدة من أقوى التدخلات المعنية بالصحة في العالم من خلال استخدام اللقاحات لحماية المجتمع، ومعالجة الفجوة المعرفية التي يمكن أن تمنع الناس عن التماس التحصين.إنها مناسبة يجسد إحياؤها أهمية قصوى لما له من ضرورة ملحة في حياتنا المعاصرة من أجل خفض نسب المراضة والوفيات من أمراض لا يمكن توقيها إلا بالتطعيم عبر لقاحاته المضادة، باعتباره يمثل نقلة نوعية نحو الارتقاء بصحة الطفولة والذود بها عن مخاطر جسيمة وتهديداتٍ مروعة، فهو بحق صانع الانتصار لديمومة صحة وسلامة أجيال المستقبل الذين يعول عليهم بناء غدٍ واعد بالخير لوطنهم التواق إلى التقدم والازدهار.. [c1]تصحيح المفاهيم[/c]بعض أولياء الأمور يسيء الظن؛ مُعتبراً ألا حاجة لمواصلة تطعيم أطفاله وأن ما تلقاه أطفاله سابقاً من تطعيمات يُعد كافياً دون الحاجة إلى استكمالهم المتبقي من الجرعات، وما دلالة ذلك إلا لقصور الفهم والجهل بأهمية التحصين الروتيني، من أن جرعاته ليست محدودة الأثر كجرعات التحصين عبر الحملات التي تلجأ وزارة الصحة لتنفيذها بسبب تدني الإقبال على التطعيم الروتيني.كما أن جرعات التحصين الروتيني تُعطي مناعة طويلة مدى الحياة إذا ما اُستكملت جميع جرعاته وفق جدولها الزمني، وما سُمى التحصين روتينياً إلا لأنه أساسي يسير بشكلٍ منتظم ويتوسع من حين ٍ لأخر.وكل ما يلزم للطفل ليحصل على لقاحاته كاملةً (6) زيارات فقط للمرفق الصحي المقدم خدمة التطعيم، ومن المفيد بدء الزيارة الأولى بعد الولادة مباشرة وألا تؤخر كثيراً، أما الزيارة السادسة والأخيرة للتطعيم - في حال انتظام الطفل في تلقي الجرعات في موعدها المحدد- فتكون عند بلوغ الطفل عاماً ونصف من العمر(18)شهراً.[c1]لقاحات وخدمات التحصين[/c]تصنف لقاحات التحصين الروتيني عموماً إلى :- لقاحات أحادية:- ضد أمراض (السل، شلل الأطفال، الحصبة، الكزاز، المكورات الرئوية، الروتا).- لقاحات مدمجة مركبة:- مثل اللقاح الثلاثي الذي كان يُعطى للأطفال سابقاً، واللقاح الخماسي المضاد لخمسة أمراض مجتمعة هي(الخناق، الكزاز الوليدي، السعال الديكي، التهاب الكبد البائي، التهاب السحايا بالمستدمية النزلية «ب»). ويتبع البرنامج الوطني للتحصين الموسع سبلاً تضمن وصول التطعيمات لأكبر عددٍ من المستهدفين من خلال إستراتيجيتين :-التحصين عبر المواقع الصحية الثابتة(المرافق الصحية):- أي في المستشفيات المقدمة لخدامات التحصين والمراكز والوحدات الصحية والمستوصفات.التحصين من خلال النشاط الإيصالي: وهذا النمط قائم على خطط محكمة ومفصلة لإيصال التطعيم للأطفال المستهدفين دون العام والنصف من العمر، وهذا الإجراء الإيصالي وجد أنه مجد في تقريب الخدمة للمواطنين الذين يجدون مشقة- بسبب قساوة التضاريس أو بعد المسافة- في الوصول إلى المرفق الصحي المقدم لخدمات التطعيم.[c1]تهديد مروع[/c]حجم التهديد الذي تشكله أمراض الطفولة القاتلة يَكمن في أضرارها التدميرية لعافية المصاب، وهي إن لم تؤد إلى الوفاة فيمكنها أن تتسبب بإعاقة دائمة كالشلل الحركي أو الصمم أو العمى، أو إلى إعاقة عقلية من جراء تأذي الدماغ، أو إلى اختلال وظيفي لأيٍ من أجهزة الجسم الحيوية (كالجهاز العصبي، القلب، الرئتين، الكليتين، الكبد..إلخ).[c1]مواعيد اللقاحات[/c]من المهم جداً التزام الآباء والأمهات بتحصين أطفالهم دون العام والنصف من العمر، حتى لو تزامن موعد الجرعة مع موعد جرعة إحدى حملات التحصين التي تنفذ من حين لآخر.ومن واقع جدول مواعيد التحصين الروتيني، تبدأ عملية التحصين للأطفال من بعد الولادة مباشرة، وقتها يحصل الطفل على جرعة تمهيدية ضد فيروس شلل الأطفال وفي نفس الوقت يتلقى جرعة ضد مرض السل.وفي موعد الزيارة التالية؛ في الأسبوع السادس من عمر الطفل يحصل على الجرعة الأولى من لقاحات(شلل الأطفال، الخماسي، المكورات الرئوية، الروتا)، وهكذا يتحدد الفاصل الزمني لبقية الزيارات التي تليها- أي الثالثة والرابعة- بشهر كامل بين الزيارة والأخرى ليحصل الطفل على الجرعتين الثانية والثالثة على غرار ما حصل عليه من لقاحات خلال الزيارة الثانية، باستثناء لقاح(الروتا) الذي يتألف من جرعتين فقط، وليس له جرعة ثالثة في موعد الزيارة الرابعة.ولاحقاً بعد بلوغ الطفل الشهر التاسع من العمر، ثم في عمر سنة ونصف يحصل على الجرعة الأولى، ثم الثانية من لقاح الحصبة مع فيتامين» أ « وجرعتين تنشيطيتين ضد شلل الأطفال.وهذه التطعميات -عموماً- تُعطى عبر الحقن باستثناء لقاحي شلل الأطفال و(الروتا) فهما فمويان.[c1]الآثار الجانبية[/c]ما من مشكلة تترتب على تلقي الأطفال دون العام والنصف من العمر جرعات التطعيم الروتيني. وما يظهر من عوارض عقب تلقي الطفل حقنة التطعيم؛ كلقاح السل أو الخماسي أو المكورات الرؤية؛ أو من جراء لقاح الحصبة كالارتفاع الطفيف في درجة حرارة الجسم أو الاحمرار أو ظهور تورمٍ في موضع إعطاء الحقنة، فإنه ليس سوى تفاعل طبيعي للجسم مع اللقاح؛ يزول في ظرف يوم أو يومين. بينما يمكن التخفيف من الحمى بإعطاء الطفل دواء خافضاً للحرارة أو بغسله بماءٍ معتدل من رأسه إلى قدميه دون تعريضه للبرد، وعلى موضع الاحمرار في الجلد والتورم (موضع ضرب الحقنة) تستخدم كمادات تبلل بماءٍ بارد، ليجد الوالدان طفلهما المحصن بعد يوم أو يومين قد زالت عنه هذه العوارض العادية وتعافى منها تماماً.[c1]ممارسات خاطئة[/c]بعض الأمهات يتعاملن مع موضع ضرب الحقنة بطريقة غير سليمة خالية من التعقيم، ما يسفر عن هذا التصرف الخاطئ بتلك الكيفية حدوث تلوث. وبالتالي، ليست المشكلة- هنا- في اللقاحات على الإطلاق، فهي سليمة تخضع لمعايير دولية ولرقابة منظمة الصحة العالمية وتُعطى عبر كوادر صحية ماهرة ومؤهلة بشكلٍ آمن وبواسطة محاقن جديدة معقمة. كما يجري حفظ هذه اللقاحات بشكلٍ آمن. [c1]إنه من قَدَرِ الله[/c]ليعلم كل أب وأم أنه مسؤول عن صحة طفله طالما كان أقدر على تجنيبه من أمراضٍ خطيرة قاتلة، وفي هدي الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) ما يعزز موقع التحصين وأهميته، فقد ورد عنه (صلى الله عليه وسلم) أنه سُئل: «عن أدوية نتداوى بها ورقى نرقى بها وتقاة نتقيها هل ترد من قدر الله شيئاً »، فأجاب (صلوات الله وسلامه عليه): « هي من قدر الله»، فالوقاية بالتحصين هي من قدر الله، ولا ينبغي تصديق من يدعي زوراً وبهتاناً بأن التحصين مضر بالصحة، فهذه أكذوبة مضللة باطلة لا دليل عملي أو إثبات تستند إليه، والكثير من علماء الشريعة - من جانبهم- دحضوها وأنكروها مستشهدين بأحاديث للرسول (صلى الله عليه وسلم) تفيض حكمة وعلماً كالتي ذكرتها، ومنها قوله (صلى الله عليه وسلم): « لا ضرر ولا ضرار». بالتالي، لا عذر للمتخاذلين الحارمين أطفالهم من التحصين الروتيني الذي يعد الأساس والأصل في حماية ووقاية الأطفال من الإصابة، لا نقول من مرض واحد أو اثنين وإنما من عشرة أمراض بشعة فتاكة.
أخبار متعلقة