من تاريخهم
كتب: جميل محسنعرفته من قرب عندما كان يرافق الفنانين ضمن الفرقة الموسيقية ثم عندما أصبح رئيسا للفرقة الموسيقية وملحنا وهو اليوم صاحب ذاكرة موسيقية أشبه بالموسوعة يحفظ جميع الحان المطربين اليمنيين واذكر في موقف بجدة عندما شاهد الفنان ابوبكر سالم بلفقيه احمد تكرير كيف أسرع لسحبه والاختباء به بعيداً عن أنظار الناس ثم زادت معرفتي به عندما حضر إلى بيتي بمعية الفنان عوض احمد وبعض الأصدقاء وكيف كنا نجري بروفات للفنان عوض احمد وهي من الحان احمد تكرير.لكن من هو احمد تكرير الذي ذاع صيته أكثر عندما قام بوضع الحان المقدمة والموسيقى الخلفية لأول فيلم عدني (من الكوخ إلى القصر) إخراج وسيناريو وتمثيل وإنتاج بطاقم عدني مائة بالمائةيذكر الفنان الراحل محمد مرشد ناجي ان عبد الرب تكرير الأب من مواليد (أبين) وفي شبابه نزح إلى (لحج الخضيرة) ومكث فيها مدة طويلة كان خلالها يعمل مزارعاً في مزارع الأمير أحمد فضل (القمندان) ويمارس الغُناء مع مطربيها وأثناء إقامته في (لحج) في الثلاثينيات من القرن الماضي شارك المطرب الشهير عمر محفوظ غابة في إحدى (المخادر) في عدن وفي مطلع الأربعينيات سجل أسطوانة يغني فيها تكرير الأب مع المطرب عمر محفوظ غابة وسجلت هذه الأسطوانة في دمشق على تخت الموسيقى السوري نوري الملاح وكانت الأغنية شهيرة من ألحان (القمندان) : يا حبيبي دلا بي تدلى حِس قلبي من الهجر تعبان.أما الفنان أحمد تكرير فقد بدأ في عدن في الخمسينيات مصاحباً للمطرب القدير الراحل محمد سعد عبد الله في حفلة عرسٍ (مخدرة) كعازف كمنجة وفي مدة هذه المصاحبة استطاع بقوة الاستيعاب لديه أن يتعرف على أنواع الغُناء المحلي القديم والغناء التجديدي الذي قام به بن سعد كواحدٍ من خمسة من أبناء عدن كان لهم الريادة التجديدية على المنطقة اليمنية كل بحسب موهبته وقدراته الفنية وفي الستينيات أسس الفنان أحمد تكرير مع بعض العناصر الشابة الفرقة العربية للموسيقى وتصادف ذلك مع حفلات المرشدي السنوية التي كان يقيمها غالباً على مسرح (البادري) فآثر مشاركة الفرقة في الحفلات تشجيعاً لها وكانت هذه هي المرة الأولى التي تجد الفرقة نفسها في مواجهة جماهيرية غفيرة كما أن الفنان أحمد تكرير له دراية في الحفظ للموسيقى والألحان من أول مرة لكل أغاني الفنانين وله قدرة عجيبة على عزفه القوي على آلتي الكمنجة والعود.ومن المواقف التي تشهد له بحفظه للألحان في الذكرى الأولى لثورة سبتمبر عام 1963م وجهت دعوة للمرشدي مع الفرقة الموسيقية من قبل الدولة، أقام خلالها حفلتين في (صنعاء) و( الحديدة)، وفي الحفلة التي حضرها مسئولون وضباط من الجيش وجمهور كبير جداً طالب الحاضرون بأغنية (يَسكْ) وهي كلمة تركية تعني منع التجوال حاول المرشدي الاعتذار لقدم الأغنية كونها غنيت في منتصف الخمسينيات ولكن دون جدوى والجمهور يلح في طلبها وهنا همس في أذنه أحمد تكرير الجالس إلى جانبه قائلاً للمرشدي (سأعزف المقدمة الموسيقية وموسيقى اللحن وعليك الباقي) وتساءل المرشدي كيف ظل التكرير حافظاً للأغنية كل هذا الوقت وهي لا تعني شيئاً له والمفاجأة الثانية كانت في الثمانينات عندما زار عدن الفنان الكبير أبوبكر سالم بلفقيه وحضر المطربون المقيل الذي إقامته الدولة على شرفه وفي هذا المقيل غنى الجميع ولم يبقَ أحد لم يغن وخيم الصمت فقال الرئيس علي ناصر محمد (سمّعونا ما لكم؟) فأخذ أحمد تكرير العود وأدهش الجميع لجمال صوته وهو الذي لم يغني لأكثر من 20 سنة من قبل وهمس العزيز المرحوم أحمد قاسم في أذن المرشدي ( يغن كيف تشوف التكرير؟! حاجة عجيبة، قلت عجيبة فعلاً!! وفي النهاية ما هي مؤهلات أحمد تكرير أمي ؟ أي انه لا يقرأ ولا يعرف أي شيء من أمور الموسيقى الشيء الوحيد الذي تعلمه هو كيف يضبط أوتار العود لكنه اليوم إحدى القمم الموسيقية في بلادنا.