في الوقت الذي لـم تغفـل فيه مخرجات مؤتمر الحـوار الوطني الأهميـة الاستثنائية لمـدينة عـدن وإعطائها عـديد الامتيازات بالنظر إلى خاصية موقعها الجيو-ستراتيجي، إلا أن هذه المزايا غير كافية - لوحدها- إعادة وتيرة الأداء الاقتصادي والاجتماعي والأمني ما لم يتم - ومنذ الآن- البدء في تذليل الصعوبات أمام السلطة المحلية وتهيئة مناخات الاستثمار من خلال وضع برامج حكومية متواصلة و دؤوبة لخلق الظروف الملائمة لاستقطاب هذه الاستثمارات.إن تحقيق شـرط هـذه الالتزامات مـرهون أسـاساً -وقبل كل هـذا وذاك- بمعالجة مترتبات الأزمات التي ألقت بظلالها السلبية على مواطني هذه المحافظة خلال حقب الصراعات الايدلوجية والسياسية، سواء في مرحلة ما قبل إعادة تحقيق وحدة الوطن أو في مرحلة ما بعد حرب صيف1994م .ولاشك، بأن أكثر ما تحتاجه عدن في هذه المرحلة إعادة الاستقرار إلى ربوعها وإشاعة الطمأنينة بين أبنائها وذلك -بالطبع - لن يتأتى إلا من خلال تنشيط وتيرة الأداء في مختلف مناشط الحياة، فضلاً عن ضرورة تعزيز الثقة بين السلطة المحلية والمواطن من جهة وبين مكونات المجتمع المدني في هذه المدينة وبين السلطة المركزية من ناحية ثانية.. وعلى النحو الذي يؤسس لمرحلة جديدة من الشراكة والتعاون والبناء.لقـد شهـدت المـدينة خـلال الأيام المنصرمة قيام دولة رئيس الوزراء بافتتاح وتـدشين العمل في عديد من مشروعات التنمية الخدمية والتنموية، لكن ذلك لا يكفي، إذ أن المطلوب تشمير السواعد لمواصلة تنفيذ هذه المشروعات وغيرها وفقاً لبرامج زمنية محددة لا تحتمل التلكؤ أو الإبطاء وبحيث تضمن تحسين الأوضاع المعيشية للمواطن وتستجيب-في ذات الوقت - لتلبية الاحتياجات الأساسية.وإذا كان كـل ذلك مطلوب، فإن المطلوب أيضاً أن يخرج المواطن من حالته السلبية الراهنة ويبدأ جدياً في التفاعل الإيجابي مـع متغيرات الراهن وفقاً لأجـواء المصالحة وتفـاعـلاً مع ضمانات القضية الجنوبية بما في ذلك تحديد شرط خاصية مدينة عدن الاستثنائية والتي كانت -ولاتزال- تمثل الحالة الراقية للمجتمع المدني بكل دلالته الحضارية، خاصة مع المعرفة بأن هذا التراكم المدني يأتي وسط مجموعة من العادات العشائرية والمناطقية والقبلية الريفية التي هيمنت خلال العقود المنصرمة على نقاط الضوء في أكثر من مدينة حضرية وفي طليعتها عدن التي تأثرت كثيراً بهذا النمط من السلوكيات السلبية على أداء دورها المدني بدرجة أساس.وتبعاً لذلك، كانت المخاوف أن تنهزم قوى التحديث في هذه المدينة تحديداً تجـاه طغيان تلك النزعات العصبوية والتي ألقت بظلالها السلبية -كما أشرنا- على وضعية ومدنية هذه المدينة، غير أن الرهان لازال قائماً في إمكانية تجاوز النخب هذه الازمات.. وبالتالي إعادة الاعتبار لدور عدن الريادي في النهوض الفكري والاجتماعي والاقتصادي والتنويري على حد سواء.. وهذا هو المأمول من النخب اليمنية بصورة عامة !
عدن تستحق منا الأفضل..
أخبار متعلقة