ولد مصطفى الحلاج في بلدة اسمها سلمة قضاء يافا عام 1938م أبدا مسيرته الفنية نحاتاً في القاهرة التي أنهى دراساته العليا فيها عام 1964م في مراسم الأقصر لكن طبيعة حياته غير المستقرة وتنقله بين الأردن وسورية ولبنان ومن ثم سورية جعلته يترك النحت و ويختار الحفر ( الغرافيك) اسلوباً تقنياً ليعبر به بالأبيض والأسود وتدرجاتهما عن صخب العيش واضطرابه ومأساوية القضية من هنا نجد خيوله ترمح في لوحاته وشخوصه تنهض من قلب الهزيمة ومرارة الشعور بالاندحار.أقام الفنان التشكيلي الراحل مصطفى الحلاج العديد من المعارض الفردية في البلدان العربية والأجنبية وحصد الكثير من الجوائز ابتداء من العام 1961م القاهرة وجائزة النحت عام 1968م القاهرة ايضاً وذهبية الحفر في ( بينالي) الإسكندرية 1968م وذهبية الحفر في " المحروس " بتونس عام 1997م والجائزة الأولى في الحفر في " بينالي " المحبة في اللاذقية 1999م وغيرها من الجوائز والشهادات التقديرية العالمية. كرم في سورية تقديراً لمجمل نشاطه الفني كما كرم في اسبانيا في السنوات الماضية وانشغل في السنوات الأخيرة برسم جدرايته التي وصل طولها إلى 114 متراً وهي آخر أعماله ( الغرافيكية) التي ثبتها على اسطوانة كهربائية في مرسمه كي يسهل لزائريه مشاهدته وحين سئل في آخر حوار معه متى ستنتهي من هذه اللوحة أجاب: ( لن تنتهي هذه اللوحة إلا بنهاية حياتي ) وقد أراد منها على طريقته الخاصة أن يروي قصة الحياة والموت بطريقة ميثولوجية استعار أبطالها ورموزها من مدافن تدمر الآثار الفرعونية والكنعانية القديمة. وضع الحلاج في هذه اللوحة عصارة خبرته الفنية مستفيداً من تناقض الأبيض والأسود والتداخل اللوني واللعب الحر عن السطوح ليبرز جمالية الظل والنور وقوة سحرها وخلال الفترة الأخيرة كان متردداً بتلبية دعوة لعرض جداريته العملاقة ( تجليات الحياة) في نيويورك وواشنطن حيث كانت ستضم الموسوعة جينيس للأرقام القياسية / كما كان متوقعاً أن تعرض بصالة خاصة في احد القصور الرسمية في اسبانيا لاحقاً. لم تحل قامته الفنية العالية دون مشاركته بمعظم ملتقيات النحت في سورية التي صنعت العديد من النحاتين الشباب حيث كان لخبرته الواسعة التي لم يبخل بها دور كبير في تألق تلك الملتقيات. فقط الذين يعرفون الحلاج عن قرب يعرفون مدى ثقافته الواسعة التي تتجاوز إبداعاته التشكيلية وطالما أدهشتهم ذاكرته المتوقدة المشبعة بتلك الثقافة البانورامية. نعته الأمانة العامة للاتحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين والاتحاد العام للفنانين التشكيليين الفلسطينيين ووري الثرى في مقبرة الشهداء في مخيم اليرموك بدمشق في يوم الثامن عشر من كانون الأول / ديسمبر 2002م فبطريقة مأساوية تشبة مسيرة حياته الصاخبة التي قضاها متنقلاً من منفى إلى أخر قضى الفنان التشكيلي الفلسطيني مصطفى الحلاج على اثر حريق شب في مرسمه بدمشق واتى على الرسام ومعظم أعماله الفنية التي لا تقدر بثمن. هكذا رحل هذا الفنان المخضرم الذي حمل هموم قضيته أينما حل فكانت فلسطين طوال خمسين سنة من تجربته التشكيلية في القلب هاجساً وقضية ومحوراً لأعماله النحتية والغرافيكية مجسداً ماساتها وانكساراتها بكثير من الشفافية والذكاء والاقتدار بلغته المتفردة التي عرف من خلالها كيف يوظف أساطير المنطقة الكنعانية والمصرية القديمة وأساطير العربية الأخرى مؤكداً أصالة الانتماء وعمق الهوية التي تمتد جذورها عبر التاريخ.
|
ثقافة
مصطفى الحلاج... أبرز تشكيلي فلسطيني
أخبار متعلقة