جميل ان نبذل جهوداً ونتخذ اجراءات لتحسين تقديم الخدمات التي تخص الناس بمختلف شرائحهم.وكانت خدمة صرف معاشات المتقاعدين عبر مكاتب البريد خطوة جيدة حينها، وبعد ان مرت فترة من الزمن تحمل البريد صرف رواتب الموظفين من مختلف المرافق، واتسعت رقعة المرافق شيئاً فشيئاً ووصل الأمر إلى ان اغلب المرافق المدنية منها والأمنية يتسلم موظفوها ومنتسبوها رواتبهم من مكاتب البريد. وهنا أصبح البريد أو قل استلام الراتب الشهري للموظف من مكاتب البريد عبئاً يضاف إلى البريد ويضاف إلى الأعباء الاخرى التي يعاني منها هذا الموظف، ولن أقول الموظف المغلوب على اثره.فمن يعايش أيام استحقاقات الرواتب لا يخفى عليه المعاناة التي يعانيها هؤلاء الموظفون، فكأن الأمر اصبح سباقاً للماراثون.يبدأ الأمر بالاحتشاد امام مكاتب البريد وحتى من قبل ان تفتح مكاتب البريد أبوابها منهم من يفترش الأرض ومنهم من يقفون في جماعات، حلقات يتبادلون الأحاديث، كل ذلك من أجل قتل الوقت الذي ينتظرون فيه الافتتاح.ويبدأ السؤال الأول عن الراتب، هل تم فتحه أو لا؟اذكر عندما كنا في الصفوف الابتدائية الأولى ويذكر هذا من يعيش الآن في الخمسينيات من عمره، أقول كنا في ذلك الزمان ندرس في (الرشيدة) هكذا كان اسمها، وهي في منهج اللغة العربية، حيث كانت هناك عبارة علقت في ذهني منذ ذلك الزمن البعيد ولكني كنت ومازلت ارددها بين الحين والآخر عندما توجد امور مشابهة والتي تقول (سامي قام، سامي ما قام، سامي نام، سامي ما نام).وما يذكرني بهذه الجمل الآن هو ما يحصل ومانسمعه من المترددين على مكاتب البريد لاستلام رواتبهم (فتحو الراتب، ما فتحوا الراتب)، (اجت البيس، ما اجت البيس)، (لصت الكهرباء، ما لصت الكهرباء)، وهناك جملة تسمعها تدور بين هؤلاء وهي تحتاج إلى وقفة وتأمل، وعليكم انتم اعزائي القراء ان تقوموا بذلك، اما انا فقد عجزت عن فهمها، هذه الجملة انما هي تعليق من الحشد الموجود داخل مكاتب البريد ومنهم من يحتشد امام مكاتب البريد، نعم تكون هذه الجملة تعليقاً لجملة يطلقها الصراف، حيث يقول (بس يا جماعة الكمبيوتر مقفل)، قفلوه من صنعاء، يا سبحان الله ومن صنعاء؟!وهكذا يبدأ هؤلاء المنتظرون لاستلام رواتبهم بالقول (فتحوا الكمبيوتر، ما فتحوا الكمبيوتر).ولا أزيد في هذا شيئاً وأقول فقط ان هذا الكمبيوتر فيه كل البيانات عن الموظف والمهم راتبه ورقم حسابه، تصوروا ذلك الزحام الذي يحصل في أيام استلام الرواتب في مكاتب البريد عليكم ان تتحدثوا عنه ولا تتحرجوا.تصوروا كم من الموظفين الذين يهرعون من مكتب بريد إلى آخر ومنه إلى ثالث، تجدهم يتسابقون جماعات وأفراداً، وبعدك بعدك يا راتب حتى لو تكون فين ما تكون!وإذا اراد الموظف ان يستلم راتبه قبل غيره فيما اذا كانت البيس موجودة، بعد ان يتأكد انهم فتحوا الراتب والكهرباء لاصية، والكمبيوتر مفتوح، أقول ترى بعض هؤلاء يذهبون إلى مكاتب البريد في وقت يكون فيه (الظهر أحمر)، وهكذا لا يستلم الموظف راتبه إلا بعد ان (يدوخ السبع دوخات) على ما جاء في المثل الشعبي.وهناك من يذكر بأن بعض الموظفين يستغلون هذه الأمور ليقدموا لانفسهم الاعذار من اجل الغياب عن اعمالهم يومين، ثلاثة أيام.نقول انه ليس من المعيب اعادة النظر في الأمر، وخاصة إذا كان الهدف تحقيق الأنسب وتقديم المعالجات واتخاذ اجراءات وتدابير تختزل كثيراً من الصعوبات والمعوقات فإذا عملنا مقارنة بسيطة بين عدد مكاتب البريد وعدد المرافق التي يستلم موظفوها ومنتسبوها من المدنيين والعسكريين فانكم سترون الفرق الكبير.نرى ان البريد تحمل فوق طاقته واصبح في حالته هذه لا يستطيع مواكبة الاعداد المتزايدة من المرافق والمنتسبين إليها.كما قلنا، اتخاذ قرارات وتدابير في وقت ما قد تكون مناسبة في ذلك الوقت، ولكن مع مرور الزمن اذا اتضح ان ما كان يراد تحقيقه بدأ في التعثر، فلا بأس من ان نبحث عن أمر تكون نتائجه ايجابية.يحضرني مثل هنا (اعط الاجير اجره قبل ان يجف عرقه)، ولكن بسباق الماراثون هذا لن يجف للموظف عرق.فليس بالضرورة ان نتخذ اجراء ونجعله لا يتزحزح من مكانه حتى ان كان لا يواكب مجريات الأمور، ونجد فيه الكثير من المعاناة.نداء نتوجه به إلى اصحاب الشأن لعل وعسى!سهلوا للموظفين امرهم ولا تكلفوا البريد فوق طاقته، سهل الله لكم أموركم.اذا اردنا ان ينجح البريد في تأدية مهامه فانه يجب علينا توفير البيئة اللازمة له.
أخبار متعلقة