في البداية لا بد ان نشير إلى ان الأوضاع العامة بعدن قد تحسنت كثيراً إلى الأفضل ولا يستطيع احد ان ينكر ذلك كما ان هذا التحسن الملحوظ لا يمكن ان يعطيه احد حق قدره إلا من عاش تلك الظروف العصيبة التي شهدتها عدن خلال أكثر من السنتين الماضيتين عندما كانت مقطعة الأوصال ويسودها الخوف والتوتر ويسمع اطلاق النار في احيائها وطرقاتها المختلفة في أغلب الأوقات من ليل أو نهار مما جعل عدن الآمنة تفقد السكينة والأمن والطمأنينة كما أدى هذا الوضع إلى حدوث بعض الخسائر في الارواح والممتلكات العامة والخاصة وإلى حدوث نقص الخدمات العامة الضرورية كالمياه والكهرباء كما انه في ظل الوضع الصعب الذي عشناه خلال الفترة الماضية لم يستطع الطالب ان يذهب إلى مدرسته والعامل إلى عمله والمريض إلى عيادته وصاحب السوق إلى سوقه وكلنا يعرف هذا الوضع وعاشه.ولكن على الرغم من هذا التحسن الملحوظ الذي تحقق لعدن فانه مازال الطريق طويلاً وشاقاً حتى نصل بها المستوى المطلوب الذي تستحق وعلينا اليوم ان نتعلم من الماضي المؤلم الذي كان الإعلام فيه يفرط في المديح لانجازات وهمية أو متواضعة حتى يصفها بالعملاقة والواسعة والهائلة إلى غير ذلك من الأوصاف التي لا تتفق مع الواقع وكانت النتيجة لمثل هذه (الدوشنة) الإعلامية أن تمخض الجبل فولد فاراً ثم صحى اليمنيون على تركة ثقيلة من التخلف والاختلاف تركها النظام السابق الأمر الذي يجعلنا اليوم نترحم على عهد الامامة إذا ما قارنا بين العهدين ويحتم على اعلامنا ان يكون واقعياً ومتزناً بحيث يقول للمحسن احسنت وان يعطيه حقه من الاشادة بما انجز وان يقول للمخطئ اخطأت دون سب أو شتم أو تجريح.ولا شك ان عدن مازالت بحاجة ماسة إلى الأمن والاستقرار وهما كلمتان جامعتان للكثير من المعاني التي لا بد من توفرها في أي بلد أو منطقة حتى تحقق اهدافها في النهضة والنمو والتطور ومن المعاني الكثيرة والمتعددة للأمن والاستقرار أن يسعى أي مجتمع ينشد التطور والتقدم إلى نبذ ثقافة الكراهية القائمة على التعصب لمذهب أو طائفة أو جهة أو حزب وان تسود بدلاً من ذلك ثقافة التسامح والتعايش والتعاون ونبذ العنف ومن المعاني كذلك محاربة الظواهر السيئة المؤدية إلى الفساد وانتشار الجريمة في المجتمع مثل حمل السلاح وانتشار المخدرات واوكار الفساد المختلفة كما ان البطالة وخاصة في أوساط الشباب من العوامل المؤثرة سلباً في الأمن والاستقرار كما ان السلوك الحضاري على مستوى الفرد والمجتمع يولد الشعور بالأمن والاستقرار ومن ذلك على سبيل المثال احترام النظام والقانون وعدم التعدي على حقوق الآخرين ولو كانت في أشياء بسيطة والالتزام بالنظافة في حياتنا اليومية كما ان من مظاهر عدم شعورنا بالأمن والاستقرار تلك الفوضى والعشوائية التي نرى البعض يمارسها في الحياة اليومية وبما يؤذي الناس ويزعجهم ويربك حركتهم ويخالف النظام والقانون ومن ذلك على سبيل المثال حركة سيارات الأجرة وخاصة الحافلات منها والتي يفترض فيها ان تكون أكثر انضباطاً واحتراماً لقواعد السير وانظمة المرور وارشاداته ولكنها تتصرف على العكس من ذلك فهي تعيق حركة السير حيث تتجمع على شكل فرزات في أكثر الأماكن ازدحاماً بمرور المشاة والمركبات وتقاطع البنك بكريتر أكبر مثال على ذلك كما ان سيارات الاجرة تعكس في الشوراع ذات الاتجاه الواحد وتقف الحافلة منها في وسط الطريق وتوقف السير لأخذ الركاب دون أي اعتبار لحق الآخرين في المرور ومخالفة قواعد المرور في عدن اصبحت شيئاً مألوفاً من المركبات بصورة عامة ومن سيارات الاجرة بصورة خاصة فمن المسؤول عن هذه الصورة غير الحضارية لعدن وهل مازال رجال المرور غير قادرين على فرض النظام والقانون على المخالفين!ان تحقيق الأمن والاستقرار يتطلب القضاء على الكثير من السلبيات التي أشرنا إلى بعضها وهذا لن يتأتى إلا من خلال وضع خطة محكمة تشخص العوائق والسلبيات ثم على ضوء ذلك تضع المعالجات المناسبة لكل منها وتحدد الجهات التي تسهم في المعالجة وخلق وعي مجتمعي بذلك حيث يمكن اشراك المؤسسات التربوية والاعلامية كالمدارس والجامعات والنوادي وكذلك أجهزة الاعلام المختلفة في تحقيق هذا الوعي المجتمعي كما يمكن نشر هذا الوعي كذلك عن طريق بعض المحاضرات التي يمكن القاؤها في القطاعات الحكومية والخاصة ولو لمرة في الاسبوع بحيث تتوزع تلك المحاضرات على الموضوعات المختلفة التي نرى انها تمثل عائقاً لتحقيق الامن والاستقرار .. ولذلك فاننا في عدن لو نفذنا هذه الخطة سنحقق الأمن والاستقرار وعلى ضوئها سنجني الثمار ويأتي إليها الخير والاستثمار .. ونعيد لعدن المكانة والاعتبار.
عدن .. الأمن والاستقرار أولاً
أخبار متعلقة