العنف القائم على أساس النوع الاجتماعي ودور الشركاء
استطلاع / بشير الحزمييظل العنف القائم على أساس النوع الاجتماعي في اليمن إحدى المشكلات الاجتماعية التي يتسع نطاقها يوما بعد يوم ، وبالرغم مما تقوم به العديد من الجهات المعنية في الحكومة والمجتمع المدني وبمساندة ودعم المنظمات الدولية لمواجهة العنف ضد المرأة في مجتمعنا والذي يأخذ أشكالاً عدة إلا أن تلك الجهود تظل دون المستوى المطلوب وتحتاج إلى تنسيق وتعاون وشراكة دائمة تضمن استمرارية وديمومة النشاط بما يساهم في الحد من هذه الظاهرة التي تؤثر سلبا على المرأة والأسرة والمجتمع . صحيفة (14أكتوبر) ومن خلال هذا الاستطلاع تسلط الضوء على رؤية عدد من الشركاء لظاهرة العنف ضد المرأة وسبل مواجهتها ودورهم في تحقيق ذلك .. فإلى التفاصيل :في البداية تحدثت كريمان منصور على راجح مدير عام إدارة تنمية المرأة بوزارة الصحة العامة والسكان قائلة : من أسباب العنف المبني على أساس النوع الاجتماعي في مجتمعنا اليمني الجهل التعليمي والديني بين النساء والرجال وكذا سوء استخدام السلطة خاصة الرجال الذين تكون السلطة بيدهم ويمارسونها على النساء ، وأيضا المعتقدات والعادات والتقاليد الخاطئة والتي تعطي الرجال الحق في أن يمارسوا العنف ضد النساء وتجعلهم يعتقدون أنه وجه من أوجه الرجولة والقوة .وأضافت : العنف ضد المرأة يأخذ أشكالاً عدة منها العنف الجسدي وهو بالإيذاء الجسدي بالضرب وهناك العنف اللفظي وهو إيذاء لفظي بالسب أو الشتم والإهانة اللفظية وقد يصدر هذا العنف في الشارع أو في البيت وهناك عنف جنسي مثل الاغتصاب وهو يحدث بكثرة أثناء الحروب والكوارث بسبب نزوح نساء وأطفال ، ويوجد أيضا عنف اقتصادي عن طريق حرمان المرأة من الميراث، وهذا العنف يسبب آثاراً كثيرة على المجتمع والأسرة والمرأة نفسها .[c1]آثار سلبية[/c]وأشارت إلى أن المرأة المعنفة تكون في الغالب نفسيتها سيئة ولا تستطيع التعايش مع الناس المحيطين بها وقد تكون في حالة اكتئاب نتيجة الإحساس بالظلم . وقد ينتج عن العنف انفصال بين الزوجين وتشرد للأطفال ، وقد يحدث تفكك اسري ويصبح الأطفال في الشارع وكل هذا يولد العنف ، فالطفل عندما يشاهد أمه تتعرض للعنف داخل الأسرة قد تتولد لديه رغبة في ممارسة العنف وقد يمارسه في البيت أو في الشارع .وأوضحت أن المرأة التي تواجه عنفاً قد تتشرد أو تنجر في ممارسة سلوك غير متقبل لدى المجتمع والأسرة وبالتالي تنبذ . ويجب على الأسرة أن تربي أطفالها منذ الصغر على أن يعيشوا حياة واحدة متساوية الذكر مثل الأنثى وأن تربيهم تربية صحيحة على أساس أن لهم حقوقاُ وعليهم واجبات وألّا يفضلوا أحداً على الأخر .وقالت : على الدولة أن توفر للنساء فرص التعليم وهذا سيؤدي إلى حل الكثير من المشاكل ، لأن المرأة تستطيع أن تكون متعلمة وان تدخل سوق العمل ويكون عندها دخل واقتصاد وتستطيع أن تعتمد على نفسها حتى لا يتسلط عليها احد لا داخل الأسرة ولا خارجها.ولفتت كريمان إلى أن الزواج المبكر وختان الإناث يعتبر نوعاً من أنواع العنف ضد النساء لأنه يؤثر على حياتهن.وأشارت كريمان إلى أن القطاع الصحي يواجه أعباء أي عنف يمارس ضد النساء في المراكز والمستشفيات وهناك جهود تبذل من أجل تدريب العاملين الصحيين وخاصة في الطوارئ العامة والمستشفيات والمراكز الصحية كي يتعرفوا على العنف . لأنه بسبب العادات والتقاليد والعيب من الصعب أن تأتي امرأة وتشتكي وتقول انه قد مورس ضدها العنف . لهذا يتم تدريب الأطباء والكوادر الصحية على اكتشاف حالات العنف وفي إطار ذلك يتم جمع المعلومات وتوثيقها .وأكدت أن المرأة التي تتعرض لعنف وترغب في تقديم شكوى ضد من مارس عليها العنف من الممكن توفير الأدلة التي تستند عليها .وقالت : نعمل على إصدار قانون الأمومة المأمونة الذي سيجرم ختان الإناث وسيحدد السن الآمنة للزواج ويوفر الحماية للمرأة من أي أشكال العنف التي تمارس ضدها في الأسرة أو المجتمع أو في بيئة العمل . وشددت على ضرورة التنسيق بين مختلف الجهات المعنية بمواجهة العنف ضد المرأة والتي لا ترتقي إلى المستوى المطلوب لان كل طرف يعمل بمفرده حتى في إطار المرفق الواحد الذي يكون غياب التنسيق فيه سمة ملموسة ،مؤكدة أهمية رفع الوعي المجتمعي لمواجهة العنف الموجه ضد المرأة كخطوة أولى بأتجاه حل ومعالجة هذه المشكلة.[c1]أشكال عدة[/c]وتقول القائمة بأعمال نائبة رئيسة اللجنة الوطنية للمرأة هناء المتوكل : العنف القائم على أساس النوع الاجتماعي حسب التعريف الدولي لصندوق الأمم المتحدة للسكان هو « العنف الذي يكون فيه الرجل والمرأة معنيين، والذي ينتج عن عدم التوازن في علاقات السلطة بين المرأة والرجل، ويكون العنف موجهاً مباشرة ضد المرأة لأنها امرأة أو أنه يمس المرأة بصفة متفاوتة ويتضمن الممارسات النفسية، الجسمية والجنسية، وقد يتضمن أيضاً الممارسات التي تقودها الدولة أو الجماعات السياسية» ومن خلال التعريف السابق يمكن القول أن أشكال العنف تتحدد بالآتي: الاعتداءات الجسدية كالضرب، والتشابك بالأيدي والقتل وغيرها ، الاعتداءات النفسية والمعنوية كالسب والإهانة والحط من قيمة الذات ، سوء المعاملة المالية والاقتصادية كالحرمان من الميراث، الحرمان من التعليم،الحرمان من الراتب، ويترتب على ذلك خضوع المرأة بالكامل للطرف الآخر ، الاعتداءات الجنسية: مثل الاغتصاب داخل نطاق الأسرة أو خارجها ، الاعتداءات السلطوية والاجتماعية وذلك عبر فرض العزلة الاجتماعية أو تقييد الحركة ومراقبتها من أجل فرض سلطة جائرة أو مستبدة.وأضافت المتوكل بالقول: من الآثار المترتبة على ممارسة العنف بكافة أشكاله ضد المرأة اضطرابات نفسية وجسدية تصل في بعض الحالات إلى الانتحار والتشاؤم والاكتئاب والإصابة بأمراض عضوية والتفكك الأسري، فضلاً عن ممارسة المرأة المُعنفة للعنف ضد من هم دونها. كذلك من الآثار ضعف مشاركة المرأة في الحياة العامة وانتهاك حقوقها وتعطيل قدراتها في العطاء والمبادرة، وخلق بيئة اجتماعية قائمة على التسلط والخضوع.[c1]دق ناقوس الخطر[/c]و عن واقع العنف القائم على أساس النوع الاجتماعي في اليمن ودور اللجنة الوطنية للمرأة في مواجهته قالت هناء المتوكل أنه يعتبر ظاهرة تنتشر في عموم اليمن وهي ظاهرة موجودة بجميع الأشكال المذكورة سابقاً، وقد بادرت اللجنة الوطنية للمرأة بدق ناقوس الخطر لهذه الظاهرة منذ عام 2005م حيث عقدت أول مؤتمر وطني يتحدث عن أشكال وآثار الظاهرة كما عقد المؤتمر الوطني الثاني لمناهضة العنف ضد المرأة عام 2010م. وبناء على نتائج وتوصيات المؤتمرين قامت اللجنة بعدد من الأنشطة والإجراءات للحد من الظاهرة منها على سبيل المثال لا الحصر تقوم اللجنة الوطنية للمرأة وعدد من شركائها من الحكومة ومنظمات المجتمع المدني بتعديل نصوص قانونية تكرس للعنف ضد المرأة، يرافقها حملات إعلامية للتوعية بأضرار وآثار المشكلة، وكذلك حملات المناصرة لتعديل وتغيير سياسات وبرامج تكرس للعنف. كما تقوم اللجنة الوطنية للمرأة في سبيل الحد من العنف ضد المرأة بإعداد تقارير تقييمية حول ما نفذته الحكومة في إطار إلغاء التمييز ومناهضة العنف ضد المرأة، يبنى على تلك التقارير توصيات ومتابعة لتنفيذ تلك التوصيات بما يضمن الحد من توسع وانتشار الظاهرة والتخفيف من آثارها.[c1]مسئولية مشتركة[/c]ولفتت المتوكل إلى أن اللجنة الوطنية للمرأة تؤمن أن مكافحة أشكال العنف الموجه ضد المرأة مسئولية الجميع من حكومة ومنظمات مجتمع مدني ومانحين وكذلك الأفراد العاديون في المجتمع، وقامت اللجنة بتحديد الجهات المسئولة عن تنفيذ عدد من المهام والإجراءات في الإستراتيجية الوطنية لتنمية المرأة 2015-2006م وذلك بالشراكة مع اللجنة في ما يتعلق بالمتابعة والمراقبة. وقد حققت اللجنة إنجازاً تمثل بوضع مكون خاص للمرأة في الخطتين الخمسيتين الثالثة والرابعة للدولة لتتضمن مشاريع استثمارية تختص بمناهضة العنف ضد المرأة تشمل تعديلات قانونية ودور إيواء للمعنفات، وبرامج توعوية.وأوضحت أنه ورغم الجهود المبذولة في مكافحة العنف الموجه ضد النساء، إلا أن هناك العديد من المعوقات التي تحول دون تنفيذ الإجراءات والخطط المحددة لمكافحة العنف، من ضمن المعوقات الأحداث التي تعرضت لها اليمن ابتداءً من عام 2011م وحتى الآن والتي أثرت على مسار الخطط التي تبنتها الدولة قبل عام 2011م. فمن النتائج لتلك الأحداث أنه تم استبدال الخطة الخمسية الرابعة المتضمنة برامج خاصة لمناهضة العنف ضد المرأة بالبرنامج المرحلي للحكومة الانتقالية الذي تضمن أنشطة محدودة جداً لمناهضة العنف ضد المرأة. وبروز أولويات لدى الحكومة الانتقالية أجلت تنفيذ عدد من الأنشطة المتعلقة بالحقوق والحريات من ضمنها مناهضة العنف ضد المرأة. كذلك بروز خطاب ديني متشدد خلال الفترة الحالية في ما يتعلق بحقوق المرأة وقضاياها. أضف إلى ذلك ضعف التمويل المحلي لتنفيذ الخطط المعتمدة وأيضاً ضعف التنسيق بين الجهات المختصة للتنفيذ ومتابعة النتائج.[c1]ظاهرة عالمية[/c]من جانبها تقول جمالة صالح مديرة دار الوئام الأسري لإيواء المعنفات بالعاصمة صنعاء : العنف ضد المرأة ظاهرة عالمية لا ينجو منها مجتمع من المجتمعات، سواء العنف الموجه ضد المرأة باعتبارها قيمة مجردة يعني أن المرأة معرضة للعنف المادي والرمزي بسبب المكانة الاجتماعية والأدوار الاجتماعية التي حددتها لها الثقافة السائدة والعادات والتقاليد في مجتمعنا ذي الطابع الذكوري وهي مكانة وادوار اجتماعية متدينة مقارنة بمكانة وادوار الرجل .لذلك فالعنف الموجه ضد المرأة يرجع في المقام الأول لأسباب ثقافية . أما ما تتعرض له نساء معينات من عنف فعلي فانه يرجع إلى أسباب مرتبطة بأوضاعهن الاجتماعية والاقتصادية فان النساء يتعرضن للتعنيف المادي والمعنوي من قبل الرجال, كما تختلف عدد حالات العنف التي تتعرض لها النساء وشدتها باختلاف مستوياتهن الاجتماعية والاقتصادية , لذلك يمكن تصنيف أسباب العنف الموجه ضد المرأة وبالرغم من التقدم والتحضر إلا أن العنف مازال مستوطنا في مجتمعنا وأسرنا.وأضافت بالقول : الظاهرة المتمثلة بالعنف الأسري، الذي تشجع على استمراره عادات وتقاليد اجتماعية متخلفة، واستبداد أعراف مجتمعية بالية تسيطر عليها عقلية ذكورية متوارثة، تجيز لنفسها ممارسة أذى نفسي وجسدي ضد المرأة والحجر على حقوقها. والمرأة اليمنية تعاني من العنف بجميع أشكاله ابتداء من الأسرة إلى المجتمع الذي يحيط بها.وأوضحت أن أشكال العنف عدة، كالاغتصاب من داخل الأسرة الذي تعاني منه المرأة اليمنية والطفل اليمني وهذا أغلب ما تواجهه الدار ، والعنف الأسري، والتحرش في العمل والممارسات التقليدية كختان الإناث وكذلك زواج الصغيرات وخصوصاً في المناطق الريفية كذلك حرمانها من التعليم مع أن التعليم هو الذي يبني الأسرة بناء صحيحاً.