صباح الخير
لا يوجد حدث يوازي ثورة 11فبراير 2011م سوى اختتام مؤتمر الحوار الوطني أمس 25يناير 2014م، وبما أن الثورة هدم للقديم وبناء للجديد، فإن الأول أسقط منظومة الفساد العائلي المتسلط طيلة ثلاثة عقود، فيما الثاني حدد معالم وأسس اليمن الذي يجب أن يبدأ بناؤه للتو ،وخطط للشكل والمضمون و التفاصيل الهندسية المطلوبة في عملية هذا البناء. 25يناير ..احفظوا هذا التاريخ جيدا، هو مسك الختام في الحوار الوطني الشامل الذي أنجزه اليمنيون، ليضاف لهذا اليوم حدث محلي هام على غرار الحدث المصري الكبير، وإذا كان الأخير يرمز لأبهى ثورة كسرت مرة منظومة قهر وظلم فرعون مصر الكنانة، فإن الثاني يمثل أبلغ انتكاسة لتحالف قوى الشر الحاضنة للعنف والرافضة للحوار في اليمن السعيد.25يناير هو اليوم المشهود دوليا ، فيه أثبت اليمنيون قدرتهم على الإنجاز عبر الحوار ، مجددين استحقاقهم لفضيلة الحكمة، ومؤكدين امتلاكهم لعنصر الإيمان المطلوب من أجل بناء وطنهم ومستقبلهم.ما حدث أمس باختصار شديد أن البلد وضع أقدامه على طريق الشرعية الدستورية الجديدة لليمن الاتحادي.قالها الرئيس هادي ببساطة وبعبارات خالية من التكلف ( حتى لو قتلوني سينجح الحوار وستنهزم قوى الشر)،(نجاحنا الحقيقي أن نتخلى عن معاول الهدم ونطلق ورش البناء والتشييد) كلمات تحكي عن منعطف جديد ، ومحطة لها ما بعدها وتؤسس لواقع جديد ستتحدث عنه الأجيال. حقيقة واحدة يجب علينا إدراكها جيدا، وهي أن اليمن الجديد الذي أفرزه التغيير والحوار، لم يعد مشروعا شخصيا للرئيس ولا حزبيا لتيار معين ، كما أنه ليس مدا قوميا ولا إسلاميا لفكرة معينة أو حركة عابرة ، هو أكثر اتساعا من كل هذه المسميات والدوائر.لقد التقت حوله القوى الوطنية الراغبة في التغيير ،وساندتها القوى الإقليمية الفاعلة في المنطقة، وحتى الإرادة الدولية اتفقت بالإجماع على إنجاحه بل وشريكة في إتمام مراحله ومحطاته حتى النهاية.وبناء على ما تقدم ، كم أنا مشفق على بعض المتربصين الذين هم معنا في نفس السفينة ويعتقدون واهمين مقدرتهم على حرف مسارها إلى الخلف وتغيير وجهتها من الإبحار صوب المستقبل إلى الماضي ،وكسر الدائرة المغلقة التي شكلتها رغبة المحلي والإقليمي والدولي.قال جمال بن عمر(مجلس الأمن ينتظر مني تقريرا أستعرض فيه قصة انجاز جديد حدث في اليمن)وحين يكون المستقبل في مضاهاة الماضي ، فإن النصر الساحق يتحقق للأول بجدارة ، يقول فيديل كاسترو (إن الثورة هي صراع بين الماضي والمستقبل ، والطريق إلى انجازها ليس مفروشا بالورود). تحديات كثيرة في الطريق، وصراع الإرادات مستمر ما استمر نبض الحياة، والموقف محتدم بين قوى الخير وكهنة الشر، مشروع المستقبل ووهم الماضي ، بين من حددوا نشاطهم في إشعال الحرائق وآخرين قرروا إطفاءها. هكذا هي التحديات تتحول إلى محفزات في صف قوى الخير، حينها تشحذ الهمم وتصنع الحماس وتخلق الإبداع، يقول سقراط (حياة بدون تحديات ، حياة لا يجب أن نحياها).