عبد الجبار ثابت الشهابي هل يُعقل أن ثمة آدمي في هذا البلد ؛ بل في الكون كله ؛ لا يأنس بمنظر الأرض الخضراء ، ورؤية الزهور ، والورود بمختلف ألوانها الجميلة ، والزاهية ؟!وهل يمكن أن يتقبل عقل فكرة أن ثمة آدمياً سليم الذوق يكره الماء ، ورذاذه المنعش ، والهواء النظيف ، ويفضل أن يعيش في الأرض القفرة ، المجدبة ، يتمرغ في ترابها ، ورملها كأي حمار على وجه الأرض ؟!نقول ذلك من واقع عجيب .. نراه بأم أعيننا .. ثمة بشر ، نحترم آدميتهم ، وحقهم في أن يكون لكل واحد منهم ذوقه الخاص به .. لكننا لا يمكن أن نحترم تصرفاً يلغي حق الآخرين ؛ فيقوم أحدهم ، أو مجموعة منهم بسكب القمامات ، والأوساخ ، والأكياس البلاستيكية في هذه النافورة ، أو تلك ، كما يفعل بعض الفوضويين في نافورة التواهي ، وغيرها ، أو يقوم غيرهم بقطع أشجار الزينة ، وإتلاف الزهور ، والورود ، واستبدالها ببث أكياس من القمامات المتعفنة في الشوارع !! .من حق كل شخص أن يكون له ذوقه ، لكن في حدودٍ لا تتجاوز حق الآخرين .. لماذا يسوغ البعض لنفسه حجب حرية الناس وأذواقهم ، ومنعهم من العيش كما يحبون ؟! .هذه الحال أصبحت مشكلة ، فأصحاب الأذواق المشوهة يتكاثرون ، ومن كل الأصناف ، والمسميات العجيبة في هذا الزمان ، ووصل الأمر بهم حد أنهم لا يرون في هذه البلاد سوى أنفسهم المقفرة، وأذواقهم المقرفة ، وأن ما عداهم مجرد بهائم لا ينبغي حتى مجرد النظر إليهم ، وإلى حقهم في العيش ، فضلاً عن حقهم في التفكير ، واختيار ما يصلح ، وتحديد ما لا يصلح في هذه الحياة .ترى ؛ متى يرجع هؤلاء المشوهون إلى جادة الحق والصواب ، ويعلمون أن غيرهم من إخوانهم، وجيرانهم هم أيضاً من بني البشر ( كلهم من آدم ، وآدم من تراب ، كما ورد في الحديث الشريف) يعيشون مثلهم ، وبجوارهم ، وأن هؤلاء الذين يحبون الخضرة ، والماء والزهور والهواء النظيف؛ لهم أيضاً الحق نفسه في التذوق ، مثلما لهم الحق في التفكير ، والتعبير ، والاختيار في كل شيء .. ودون استثناء .
|
ابوواب
متى يرجع هؤلاء ؟
أخبار متعلقة