علاقة الإنسان بالنبات من وقت مبكر من تاريخ الإنسانية تعرف عليها واستأنس بها واستخدمها وخدمها وسخرها لخدمته فقد دون التاريخ أن الإنسان زرع الأرض بالمحاصيل الزراعية منذ 9000 سنة قبل الميلاد وتطورت العلاقة في العصور اللاحقة حيث استخدم الإنسان النبات في الزينة والتشجير منذ ما يقارب 4000 سنة وازداد ارتباط الإنسان بالأشجار والنباتات بشكل عام وكثير من الحضارات القديمة عاملت الشجرة باحترام كبير بلغ حد التقديس وحث ديننا الحنيف على أن يعمر الإنسان الأرض بالغرس والزرع حيث قال تعالى في كتابة العظيم (ونزلنا من السماء ماء مباركا فأنبتنا به جنات وحب الحصيد والنخل باسقات لها طلع نضيد رزقا للعباد و أحيينا به بلدة ميتا كذلك الخروج). كما أن غرس الأشجار والمحافظة عليها وإكثارها والتعهد بخدمتها ورعايتها من الأعمال التي لا ينقطع ثوابها كما قال رسول الله صلى الله علية وسلم «ما من مسلم يغرس غرسا أو يزرع زرعا فيأكل منه إنسان أو دابة إلا وكتب الله له صدقة ».واليوم أصبح الإنسان يدرك خطورة العبث بالبيئة والتنوع البيئي واهتم أكثر بالتشجير وتفنن في الحدائق والبساتين وتشجير الشوارع بل وشرع قوانين حماية البيئة والشجرة وكثير من البلدان يعتبر قطع الشجرة أو إصابتها بحادث سيارة أو أتلافها جريمة يعاقب عليها القانون وصلت عقوبتها في السعودية كمثل فقط إلى عشرة آلاف ريال سعودي كغرامة والبعض أنشأ محاكم بيئية لمحاكمة من أجرم بحق البيئة وقطع أو إحراق الأشجار وما أمس الحاجة في اليمن لمثل هذه المحاكم.اشتهرت عدن منذ زمن بالحدائق التي كان يطلق عليها «بجيشة» وكانت تنتشر الحدائق في كل مناطق عدن كحدائق المعلا والتواهي والمنصورة وبستان الكمسري واستمرت هذه الحدائق الملجأ والمتنفس الجميل لأبنائها وقت الفراغ من أطفال وعائلات وانتعشت أكثر في فترة المحافظ الفقيد محمود عبدالله عراسي الذي جعل عدن حينها روضة خضراء حدائقها وجولاتها وشوارعها وتزينت عدن بحلتها الجميلة، بعضها إلى يومنا هذا رداؤها من ذلك الزمن والبعض تم العبث به بل ارتكبت جرائم بحق أشجار معمرة ونادرة كحدائق المعلا والمنصورة وبستان الكمسري والسلطة لم تحرك ساكنا ولابد من تصحيح أوضاع هذه الحدائق واستردادها إلى عدن وأبنائها أي إلى السلطة المحلية لتجعلها متنفساً متاحاً لأبناء عدن .ما أزعجني كثيرا عندما صادفت في الشارع العام للمنصورة أطفالا يقطعون الأشجار الخضراء المزينة لوسط الشارع ليضعوها حواجز لقطع الطريق انتابني غضب شديد وصرخت فيهم وإذا بشخص متوسط العمر مار يبدو عليه من ملابسه انه متعلم ولكنه كان مدافعا عن أعمال التخريب وقال مالكم وماله اقطعوا دمروا حتى نطرد المستعمر صدمت وتسمرت أمام هذا المنظر المزعج والشكل المخادع لمنظر الرجل وهو بهذه السذاجة والغباء ورددت بعد أن تنبهت للموقف: يدمرون ويخربون ماذا؟ بلدهم مدينتهم أرضهم؟ تدخل احد المارة وأوقفه عند حده وانسحب خجولا المهم أخواني هذه عدن وهي مدينتنا التي نعيش فيها ونفتخر بها ومطلوب الاعتناء بها وبجمالها البراق، والتخريب وقطع الأشجار لن يضر سوى عدن ولن يسيء سوى لعدن التي نحبها ونعشقها هل نرضى بان نضرها ونقبحها؟ من يرضى ذلك فهو ليس منا ولا يعرف عدن ولم يرتو من مائها أو يتمرغ بترابها أو يشعر بحضنها الدافئ وماعاش ماسيها وأجمل لحظات سعادته فيها .هل نعيد لعدن رونقها وجمالها الأخاذ ونحتج ونعبر بحرية عن رؤانا بشكل حضاري مع الحفاظ على عدن كمدينة سياحية جميلة مكسوة بحلتها الخضراء الخلابة وشوارعها التاريخية العريقة وأرصفتها المبلطة التي زادتها جمالا ورونقا لكن أن نشكو العبث بعدن ونحن نعبث بها فهذه مفارقة غريبة . ما تحتاجه عدن هو الدفاع عنها لان السكوت والتخاذل زاد من معاناتها وجعل العابثين يعبثون بعدن وحياة ساكنيها ونحن مسالمون نمر من أمام الخطأ ولا ننظر له ولانعاتب فاعليه بل نتجنبهم وهم يتمادون أكثر بل بعضهم أصبح يعتقد أن أعماله غير مضرة بل تخدم عدن وقضيتها العادلة.
|
آراء
عدن تفقد رداءها الأخضر
أخبار متعلقة