هناك متسع للوقاية من السرطان
إعداد/ زكي الذبحانيالسرطان داء يصيب أي عضو وأي نسيج بالجسم، ومن دون استثناء نجد الكبار والصغار؛ ذكوراً وإناثاً معرضين له، والفارق من شخصٍ لآخر في القابلية للمرض تحدده جينات معينة مسؤولة عن هذه القابلية بمعية حجم التعرض للعوامل المسرطنة، وباجتماعهما يكون أشخاص عرضة للسرطان أكثر من غيرهم.وفقاً لدراسات رجحت منظمة الصحة العالمية بأن اليمن تشهد سنوياً ألف حالة إصابة بالسرطان لكل مليون شخص، وبالمجمل يظهر فيها ما يزيد على (22ألف) حالة سنوياً، والعدد - برأي الأطباء - أعلى من ذلك بسبب تعدد العوامل المسرطنة في البلاد.مع الأسف، فإن حالات السرطان وأورامه التي تقصد المركز الوطني لمعالجة الأورام وتسجل ضمن سجلاته الرسمية سنوياً تتراوح ما بين(6 آلاف) و (7 آلاف) حالة سرطانية، وعزى ذلك الدكتور/ أحمد أحمد شملان- استشاري علاج الأورام والمعالجة بالإشعاع (الأمين العام للمؤسسة الوطنية لمكافحة السرطان) إلى عزوف الكثيرين عن العلاج؛ إما بسبب تأخر اكتشاف المرض نتيجة الأخطاء الطبية وضعف التشخيص فيموت المريض بالسرطان قبل وصوله إلى مركز معالجة الأورام للعلاج، أو لعدم التماس المريض للمعالجة - بالأساس- لفقره وسوء حالته المادية.وهذان العاملان شكلا- أيضاً- سبباً في تأخر الكثيرين عن المعالجة حتى يصل بهم المرض إلى مرحلة متأخرة لا أمل في شفائها، وفق ما أفاد به الدكتور/ أحمد شملان، مشيراً إلى أن هناك أوراماً سرطانية غير معروفة أسبابها عامةً، غير أن أغلب العوامل كُشف عنها الستار وتصنف بالخطيرة بعدما اتضح أن لها علاقة ببعض الأورام السرطانية؛ بناءً على ما توصلت إليه الكثير من الأبحاث العلمية.فماذا عن هذه العوامل المسرطنة؟ وكيف نتجنبها؟يقول الأستاذ الدكتور / منيف محمد صالح- استشاري علاج الأورام والمعالجة بالإشعاع : باختصار تكمن عوامل الخطورة في ممارسات وعادات غير صحية كثير منها دخيل على مجتمعنا، ولعل أبرزها:- التبغ ومشتقاته سواءً ما يتم تدخينه مثل(السجائر، المداعة، الأرجيلة، الشيشة، السيجار) أو ما يتم وضعه أو مضغه في الفم (كالشمة، الزردة، السوكه وغيرها)، فقد أجمع العلماء الباحثون في حقل الطب على اعتبارها عاملاً مسبباً للكثير من أنواع السرطان.وبالتالي، نذكر المدخنين- عموماً- بأنهم محاسبون أمام الله عن الإضرار بأنفسهم وبغيرهم. أما الشمة وأشباهها، وما أدراك ما الشمة فهي؟ذات طابع خاص؛ ورواجها واسع بين شريحة الفقراء، وليس الرجال فقط؛ فثمة نساء وأطفال مدمنون عليها.في حين يمكن وصف تهديدها للصحة بالأسوأ، بينما تأثيرها الموضعي على الفم وسائر الأجزاء والأعضاء التي تلي تجويف الفم يبدو أكثر وأشد من التدخين، إذ ثبت بأنها من مسببات سرطان الفم بكل أجزائه وكذا سرطان البلعوم والمريء والمعدة، وهي أقل الأنواع السرطانية شيوعاً في العالم، لكننا نجدها في اليمن شائعة وفي تزايد مستمر.لذلك نناشد بالكف والإقلاع عنها نهائياً، وإن كان من علماء الشريعة من ذهب إلى حرمة التدخين؛ فإنها تدخل ضمن التحريم لشدة ضررها على الصحة.- السمنة والزيادة غير المثالية في الوزن وتراكم الدهون بالجسم: هي من عوامل الخطورة التي يحذر الأطباء وعموم الباحثين من تبعاتها في التسبب بالكثير من أنواع السرطان؛ نتيجة الإفراط في الأكل وقلة النشاط البدني وأنماط الحياة العصرية التي تبعث على العيش المريح وقلة الجهد المبذول بشكل لا يكافئ مقدار ما يتناوله الإنسان في غذائه من سعرات حرارية.فالوجبات السريعة والإكثار من البروتينات والدهون والسكريات- دون الالتفات إلى الخضراوات وسائر الأطعمة النباتية المصدر- هي بالمجمل موضع اتهام. كما ليس فيها منفعة- عند الإفراط في تناولها- بقدر ما تلحقه من أضرار، وأهم هذه الأضرار: أنها تعمل على تراكم المواد الزائدة عن الحاجة في الجسم وتراكم السموم والعوامل المؤكسدة بالخلايا وترهل وضعف حركة الأعضاء ومنها المعدة والأمعاء، وكذا زيادة مستوى الدهون بالجسم وبعض الهرمونات، وكل ذلك يؤدي إلى زيادة إمكانية حدوث السرطان عند الذين ينطبق عليهم نمط العيش غير الصحي.- ضعف المناعة وسوء التغذية: عاملان مهمان في زيادة التعرض والقابلية للسرطان، إذ تسوء الحالة الصحية للإنسان مع استمراره في تناول غذاء يفتقر إلى المكونات الغذائية الضرورية، وهذا - لا شك - يؤدي إلى الضعف العام والهزال وضعف المناعة وقابلية الجسم للأمراض.وبالتالي، كلما كانت المناعة ضعيفة؛ كانت الخلية السرطانية حرة طليقة تستطيع التكاثر، فتكون في البداية خلايا سرطانية تتكاثر لتشكل نسيجاً وورماً يبدأ صغيراً ثم يزيد حجمه وكتلته شيئاً فشيئاً، وهذه الخلايا السرطانية- بطبيعة الحال- تعمل عملها في الجسم تباعاً لموقعها وطبيعتها.- سوء الحالة النفسية والقلق المشوب بالتوتر: نتيجة تكالب الأعباء وضغوط العمل والمعيشة والمشاكل المؤثرة سلباً على حالة الاستقرار النفسي، وبالمجمل يبدو لهذه العوامل تأثير كبير على الحالة الصحية العامة للإنسان لدرجة يكون معها عرضة- أيضاً- للسرطان. وعندما تحل الطمأنينة في القلب؛ فإنها تسري في كل خلايا وأعضاء الجسد فتؤدي أعمالها بكل سلاسة وراحة وتكون بمأمنٍ أكثر من حدوث السرطان.وفي اتجاهٍ آخر ذكر الدكتور/محمد ياسين الدبعي - استشاري الجراحة العامة، أن المجتمع معنيٌ بمعرفة العلامات المبكرة للسرطان ليسترشد بها كل شخص فيقي نفسه منها. ولفت إلى وجوب الأخذ بعين الاعتبار مجموعة النصائح إذا استمرت المعاناة من هذه العلامات متى بقيت دون أن تفلح المعالجة بالأدوية في إزالتها لفترة تزيد على الشهر، وتتلخص هذه النصائح في:-- ظهور كتلة في الرقبة أو في أي مكان بالجسم؛ لا تسبب أي ألم وتزيد في حجمها تدريجياً.- قرحة في الفم أو اللسان أو الجلد لم تتحسن بالعلاج لأكثر من شهر وقد يكون سببها عاملاً قديماً (جرحاً أو حرقاً..الخ).- السعال المستمر والذي قد يكون مصحوباً بالدم أو من دونه ولم يتحسن بالعلاجات.- كتلة في الثدي - عادة- لا تؤلم يمكن أن يكون معها تغير في شكل الحلمة أو انبعاجها للداخل.- تغير في طبيعية التبرز المعتادة وفي عدد المرات وشكل البراز، وخروج دم مع البراز أو خروجه بلونٍ أسود.- تغير طبيعية وعادة التبول وعدد المرات باليوم وتغير لونه مع الدم وصعوبة في التبول.- تغير في الصوت وظهور بحة قد تتطور إلى صعوبة في النفس.- صعوبة في البلع تدريجياً؛ تبدأ في الأكل الجامد كاللحوم والبقوليات، ثم تزيد تدريجياً مفضيةً إلى صعوبة بلع السوائل.- انسداد الأنف وتغير الصوت(بنخمة) من الأنف ورعاف متكرر وتغير في رائحة النفس، وجميعها لا يتحسن بالعلاج.وأضاف الدكتور/ الدبعي: كل تلك العلامات تستدعي زيارة الطبيب المتخصص ولا يصلح الصبر عليها والتأني لفترة طويلة؛ فمن المحتمل أن تكون أعراضاً وعلامات مبكرة للسرطان، أما التأخر والصبر عليها فقد يؤخر التشخيص إلى مرحلة يصعب فيها الشفاء أو لا يكون مجدياً. أعاذنا الله وإياكم من كل داءٍ وعافى وشفى بفضله من ابتلي بالسرطان.