إلى العقلاء فقط :
لا أعلم منذ متى غدا نثر القمامات ، وسحب حاوياتها ( براميلها ) في الشوارع ، وإشعال القمامة، وإطارات السيارات المتهالكة، وغيرها من المنتنات ، والملوِّثات البيئية بداخل هذه البراميل في مخانق المدن .. أقول بحق : لا أدري منذ متى كل ذلك قد غدا عملاً نضالياً محترماً لبشر محترمين ؛ يحترمون أنفسهم ، ويحترمون الذوق العام ، والجمال ، والنظافة ، وقبل ذلك يحترمون الإنسان ، وصحته ، ويجعلون الإنسان ، وتحرره ، وكرامته ، وبالتالي حقه في الحياة ؛ حجر الزاوية ، والقضية الأولى لنضالاتهم ( الديمقراطية ، السلمية ) كما يدعون !! .كان ذلك تحديداً ، وحصراً محل حيرتي ؛ وأنا أرى هؤلاء ( المناضلين ) وهم ( يتعنترون ) في الشارع ، وقد سدوا الطريق في مخنقه بمنطقة حجيف بالتواهي ليلة الأحد الماضي مانعين السيارات ، وفيها بالتأكيد المرضى، والعجزة، والأطفال ، وذوو الاحتياجات الخاصة ، وغيرهم من المرور من ، وإلى التواهي ، ومانعين المرضى من استنشاق الهواء النظيف ، وحاجرين ، ومعتقِلين حريات الناس في الحركة، وفارضين أجواء من الرعب ، والفزع في المنطقة كلها ، وخصوصاً بين الأطفال ، والنساء ، والعجزة ، وناشرين حالات مخنوقة من الاستياء ، والمقت . والمحزن حقاً ـ بعد ذلك ـ أن يستغل لذلك أطفال بعض المهمشين ، وأبناء الفئات الفقيرة ، والمتخلفة ؛ فيدفعون بهم كالعادة في كل مصيبة ؛ ليكونوا دروعاً بشرية ينفذون بهم ، ومن خلفهم أبشع الأعمال ، بل ويلصقون بهم المسؤولية الجنائية عن كل مستقبح من الفعال ؛ ليحصد بعد ذلك الواقفون في الخلف ، وكثير منهم من اللصوص والفوضويين ( البلاطجة ) ثمار العمل الغوغائي كاملة من: أموال ، وألقاب ، ومكانات ، ولا يحصل هؤلاء الأطفال، والمغفلون من ذوي الحالات النفسية ، والعصبية سوى الفتات ، والمصائب ، والآلام ، والآهات .وبعد ذلك ؛ فإننا في الوقت الذي نتساءل فيه ـ بحيرة ـ عن حقيقة هذا النضال العجيب ، وأصله ، ومنبعه ، وأهدافه المنغمسة في مياه المجاري ، والقمامات المنتحرة: بعثرة ، وحرقاً ، والبراميل المهشمة : سحباً ، وتخريباً ، وفي أدخنة ، وغازات هذه الحرائق ( النضالية ) الخانقة، وفي سرقة ، ونهب الممتلكات العامة والخاصة ، ومنها سيارات، وقلابات القمامة ، وخلاطاتها ؛ فإننا نتساءل كذلك، وفي الوقت نفسه عن دور الآباء ، والأمهات ، والأسر: أين هؤلاء مما يدور ؟ أين دور المربين ، والموجهين ؟ أم أن فتات الفليسات قد أعمت هؤلاء عن كل واجب ، فهان عليهم مصائر أولادهم ، وأطفالهم الضائعين مع الكبار حتى الساعات الأولى من الفجر في الشوارع ، والأزقة ، دون أدنى خوف ، أو محاسبة ، أو حتى مجرد سؤال : أين كنت يا ولد ؟! .متى سيقلق هؤلاء على أولادهم ؟ متى سيقولون لهم: احذرو هؤلاء !! إنهم يرمون بكم إلى الهاوية ؛ ليرتقوا على رقابكم ، وليستلموا ثمن إضرارِكم بالوطن ، والإنسان .. متى ؟! هل من الضروري أن تحل الكارثة على الرؤوس ليصحو الأب ، والأم ؟ أجيبونا يا ناس ..لقد أحترنا .. وتمادى المتمادون ..وأصبحت الدماء تهرق ، والأنفس البريئة تزهق .. لا لشيء إلا لأن الشياطين تريد ذلك ، وحتى لا يكون إنسان ، ولا يكون وطن .فيا أيها العقلاء !! اتركوا فرصة للعقل !! ألا يكفينا ما يفعله الإرهاب ؟ ألا يكفي الوطن ما ناله من الخراب ؟ ألا تكفينا الأهواء هدماً وتكفينا ، حتى متى سنظل متفرجين على الباطل .. نديم التصفيق ، ونحمل المشاعل ، ونكثر التعلل بالمشاغل .. حتى متى ؟! حتى متى ....؟! [email protected]