هاهي شعوب المعمورة تحتفل بالعام الميلادي الجديد، بعد أن كان العام 2013م حافلاً بالأحداث العصيبة. إن الإنسانية تحتفل بعيد ميلاد السيد المسيح عيسي ابن مريم عليه السلام الذي أطلت اشراقته قبل 2013 عاماً بعد قرون من التحريف الذي تعرضت له التوراة ووفاة سيدنا موسى عليه السلام وضلال بني إسرائيل. جاء سيدنا عيسى ابن مريم عليه السلام بالمعجزات والإنجيل ولد في بيت لحم إحدى مدن فلسطين العربية الخاضعة للاحتلال الصهيوني الذي شرد ونكل بالشعب العربي الفلسطيني وسار المسيح على ثراها واستنشق ربيعها واريجها الفائح واستظل بسمائها وارتوى من مائها وتغذى من رحيقها تعرض مع الحواريين الذين التفوا حوله مصدقين ومؤمنين بما أنزل عليه من رسالة سماوية للتعذيب والمطاردة حتى توفاه الله ورفعه إلى السماء. لقد بشر بالنبي محمد عليه الصلاة والسلام وبصفاته حتى نزل الوحي على سيدنا محمد بعد خمسة قرون من الضياع الذي عانت منه البشرية ليكون آخر الأنبياء والمرسلين وعرفه أحبار اليهود بصفاته منهم من بشر به ومنهم من أنكره عنادا. لقد أشرقت شمس الرسالة الإسلامية لتنير الدروب للبشرية ودعت إلى السمو الأخلاقي والعدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص ومحاربة الرق والعبودية واستغلال الإنسان لأخيه الإنسان ونشر العلم والمعرفة والتسامح الديني ومساعدة ومواساة أهل الذمة. لقد عاشت الأمة العربية والإسلامية في عصر الخلافة الراشدة والدولتين الأموية والعباسية وتعاملت مع المسيحيين واليهود وغيرها من الديانات والطوائف الأخرى تعاملاً أخوياً قائماً على التعايش والتسامح والحفاظ على المقدسات المسيحية واليهودية حيث أسلم الكثير من أهل الذمة نتيجة للعدالة والأخلاق الراقية التي لمسوها أبان العصور الزاهرة للخلافة العربية الإسلامية. لكن الدولة العربية الإسلامية بعد انهيار كل منظومة الأخلاق وغياب العدالة سقطت تحت سنابك خيول الغزاة وأساطيل جيوش الاحتلال ونهب الثروات العربية والإسلامية وإخضاع الأمة للهيمنة والتبعية وتم تجزئتها ولم تقم لها قائمة حتى اليوم. كم نحن بحاجة إلى إعادة قراءة الإسلام والمسيحية بعناية وتجرد من العصبية وإشاعة قيم التسامح الديني وتقديم النموذج الإسلامي الصحيح البعيد عن الإرهاب والعنف وإسالة الدماء، فالتعصب الديني لايورث إلا الحروب والدماء والدمار، والحركات الجهادية شوهت الإسلام وقدمت المسلم على أنه إنسان دموي لا يؤمن بالآخر. إن الإيمان بالعلم والتنمية والإنتاج والسعي لإقامة مشروع حضاري عربي إسلامي عقله العلم وروحه الإيمان بالله وجسده العمل وإشاعة قيم التسامح الديني واحترام الرأي والرأي الآخر وإشاعة قيم الديمقراطية السليمة القائمة على الحريتين الاجتماعية والسياسية وتحقيق تكافؤ الفرص الحياتية هو الطريق الصحيح لاستعادة الأمجاد المشرقة للأمة أما الأعمال الإرهابية والاغتيالات والاختطافات فإنها تدمر الأمة وتضر بها في العمق وتسيء لها وتجعلها عرضة للعدوان الاستعماري، وعلينا أن نعمل على إشاعة قيم التسامح والتعايش ونقول لإخواننا المسيحيين عاماً ميلادياً سعيداً وكل عام وانتم والبشرية بألف خير.
عاماً سعيداً
أخبار متعلقة