في دراسة لمركز نشـــوان الحميري
متابعة / يحيى البعيثي نفذ مركز نشوان الحميري للدراسات والاعلام دراسة علمية موضوعية بعنوان : تنظيم القاعدة وتوجهات مؤتمر الحوار الوطني في اليمن. وقد اشتملت الدراسة على مجموعة عناوين أهمها (اليمن في فكر القاعدة - الجنوب اليمني في استراتيجية القاعدة - جيش عدن أبين- تقسيم اليمن إلى دويلات - الوحدة في فكر القاعدة - القاعدة والحراك - القاعدة و«استدراج العدو» - تفكيك الدولة المركزية - تهديد حقيقي أم ذريعة للتدخل الأجنبي - القاعدة، إيران، روسيا).صحيفة(14 أكتوبر ) تنفرد بنشر نتائج هذه الدراسة نظراً لأهميتها .[c1] الضربات الاستباقية[/c]* كان الجيش جيش الرئيس والأمن أمن الرئيس فالجيش والأمن الوطنيان لا يدافعان عن الأشخاص بل عن الأوطان والقيم والمثل العليا، والضربات الاستباقية غير الموفقة والاستخدام المفرط للقوة في غير محله وما ترتب عليه من قتل النساء والأطفال والشيوخ في المعجلة أبين وقتل أمين عام المجلس المحلي بمحافظة مأرب (جابر الشبواني).أكسبت «القاعدة» تعاطفا شعبيا، والتدخل الأميركي المباشر والمعلومات غير الصحيحة التي تقدم إليهم من الجانب اليمني.ووفقاً للباحث المتخصص في شؤون القاعدة سعيد عبيد الجمحي فإن «نفي وجود القاعدة أو إثباته باليمن أصبح محل مكايدات سياسية، ويجري استخدامه ورقة لغايات وأهداف حزبية بين أطراف الصراع السياسي في البلاد.ليس من مصلحة أي من أطراف الصراع استخدام القاعدة ورقة لتحقيق مآربها سواء القوى المنادية بالانفصال في الجنوب أو المطالبة ببقاء الوحدة».هذا التوظيف الكيدي المتبادل بين أطراف سياسية في اليمن لملف القاعدة لم يسهم في تعويم مفهوم القاعدة لدى قطاع واسع في الرأي العام فحسب، بل أسهم بنسبة أو بأخرى في صرف الأطراف السياسية نفسها عن دراسة ملف القاعدة وفهمه بشكل واقعي وعميق ومسؤول. [c1](القاعدة) ..أطوار وأفكار[/c] مر تنظيم القاعدة في العالم عموما بثلاث مراحل شكلت صيغته الحالية، كانت الأولى فترة الجهاد الأفغاني للاحتلال السوفيتي حين تدافعت جموع المسلمين للجهاد بالمال والنفس لصد الغزو السوفيتي 1979م على أفغانستان، حيث تشكلت معسكرات الوافدين العرب، وكان أبرزها مكتب الخدمات الذي أسسه الشيخ عبدالله عزام وموله حتى العام 1986 الشيخ أسامة بن لادن ، وتفرغ بعده لمعسكر «مأسدة الأنصار» في خوست الأفغانية، وشكل قاعدة بيانات للوافدين المجاهدين لإبلاغ عائلاتهم والتواصل معهم في حالة استشهاد مجاهد منهم أو تعرضه لإصابات وتم تسميتها بالقاعدة ، أي قاعدة البيانات والسجل الذي يتم فيه تسجيل بيانات الوافدين ومعلومات عنهم وحفظها، ومن هنا جاءت تسمية «تنظيم القاعدة».والثانية فترة الانتقال إلى جبهات أخرى وتأسيس المعسكرات حتى المرحلة الثالثة التي توجت بإعلان «الجبهة العالمية لمقاتلة اليهود والصليبيين» في فبراير 1998م.وينطلق تنظيم القاعدة في تصوراته وتحركاته وعملياته على منظومة مفاهيمية خاصة به، تبدأ من التوصيف والمصطلحات إلى الرؤى والتصورات التي يتم إعداد العمليات وفقها.فمفهوم القاعدة لنفسها أنها تنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب، وطليعة الأمة الإسلامية، ولا تقاتل بالنيابة عنها، لأن قضية إعادة الخلافة الإسلامية والتمكين لدين الله قضية كل مسلم، وأنهم يجودون بأنفسهم وأموالهم وأهليهم في سبيل الله ودفاعا عن المستضعفين من الناس.[c1]اليمن في فكر (القاعدة)[/c] ترى القاعدة أن اليمن ليست المعروفة اليوم بحدودها الجغرافية ومساحتها المعلومة (الجمهورية اليمنية)، فالتنظيم لا يعترف بالحدود الجغرافية المرسومة في العالم عموما وخصوصا منطقة الخليج والجزيرة العربية والعالم الإسلامي، ويرسمون خارطتهم وفق معان ومعالم تاريخية بعضها مستوحى من السيرة النبوية وما عهدته العرب .كما ترى (القاعدة) أن اليمن من أهم المناطق التي لابد أن تتموضع فيها لقربها من الديار المقدسة - الحرمين الشريفين- باعتبارها طريقاً مفتوحاً إلى بيت المقدس بحسب رسالة «واجب أهل اليمن تجاه مقدسات المسلمين « لأحد أبرز مؤرخي ومنظري القاعدة أبو مصعب السوري، كان كتبها قبل11من سبتمبر بسنوات.وما تزال طلائع المجاهدين ومددهم من اليمن ومن جزيرة العرب تعد العدة لتحرير فلسطين كل فلسطين إن شاء الله، وستلتقي الجموع هناك عند أكناف بيت المقدس كما بشرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك.وتقدم القاعدة رؤية جيوبوليتيكية خاصة لليمن، لعل أفضل من تحدث عنها هو عمر عبدالحكيم (أبو مصعب السوري)، أحد منظري التيار، الذي اعتقلته باكستان عام 2005م، في كتاب بعنوان «مسؤولية أهل اليمن تجاه مقدسات المسلمين وثرواتهم»، حيث أشار إلى أن العامل الديموغرافي في اليمن، والمرتبط بالشكيمة اليمنية والفقر -في آن- إضافة إلى العامل الجغرافي المرتبط بما تتميز به اليمن من طبيعة جبلية حصينة «تجعل منها القلعة الطبيعية المنيعة لكافة أهل الجزيرة، بل لكافة الشرق الأوسط»، فضلاً عن امتلاكها حدوداً مفتوحة تزيد على أربعة آلاف كيلومتر، وسواحل بحرية «تزيد على ثلاثة آلاف كيلومتر، وتتحكم بواحدة من أهم البوابات البحرية وهي مضيق باب المندب».هناك أيضاً عامل انتشار السلاح نظراً للتقاليد القبلية، إضافة إلى العامل الديني المرتبط بعدد من الأحاديث و»البشائر» المرتبطة باليمن، تمثل كلها، في نظر «السوري» و«القاعدة»، عوامل أساسية، لجعل اليمن «منطلقاً» وقاعدة للجهاد. بالتالي فإن «المطلوب تشكيل قوة إسلامية من أهل اليمن وشبابه ومجاهديه ومن لحق بهم من أهل الجزيرة وشباب الإسلام، تتمركز في اليمن... كقاعدة انطلاق، والتوجه لضرب الأعداء في المنطقة. فميدان الغنيمة كما هو ميدان الجهاد، كامل الجزيرة: أموال الحكومات. وأموال الصليبيين والنصارى من الشركات الاستعمارية التي تشرف إما على نهب الثروات وإما على بيع منتوجات المحتلين، واليمن تشرف على واحد من أهم مضائق العالم وسفن وناقلات النفط تعبر كل يوم بالرزق والمال».[c1]الجنوب اليمني في استراتيجية (القاعدة)[/c] في بداية التسعينات، وخلال فترة التفكير في مرحلة ما بعد «الجهاد الأفغاني»، قال بيتر بيرغن الصحفي الأمريكي من الـCNN، الذي التقى الشيخ أسامة بن لادن أواخر تسعينيات القرن الماضي: إن الشيخ أسامة كان يفكر جدياً باليمن كقاعدة له، ويفكر جدياً بتحرير «اليمن الجنوبي» آنذاك.وحين كان الشيخ أسامة بن لادن في بيته في «بيشاور»، كان يقوم بتجميع عناصر شبابية تنتمي للجنوب اليمني في نفس الوقت تزامنا مع قيام الوحدة، تميزوا بأنهم كانوا جميعاً «حضارمة».وذات يوم مطلع تسعينيات القرن الماضي وصل مجموعة شبان ملامحهم يمنية جنوبية والصحفي جمال خاشقجي مع الشيخ أسامة فقال له: إنهم وصلوا صباح اليوم من الجبهة، ويعني ذلك أنهم قدموا من أفغانستان، ووصفهم بأنهم «الزرق»؛ وشرح الشيخ أسامة للصحفي أن الزرق هم فرقة من المجاهدين العرب تقتصر فقط على «الحضارمة» واليمنيين في هذه المرحلة، يعدون وقتها تدريباً وتأهيلاً وتنظيماً ليكونوا نواة لجهاد شامل يقتلع النظام الماركسي الذي حكم جنوب اليمن منذ استقلاله عن بريطانيا.وكثر الزواراليمنيون خصوصا من مناطق الجنوب على بيت الشيخ أسامة في منطقة الجمجوم في جدة بالمملكة السعودية مطلع التسعينيات، شيوخ قبائل ووجهاء بعصابتهم الملونة. وكان بن لادن يتحدث معهم بلهجة الأجداد، ويجلس القرفصاء وقد أحاط وسطه وساقيه بكمر (حزام) عدني ملون، وأمامه خرائط مفصلة لجنوب اليمن وقصاصات صحف، وقوائم بأسماء القبائل والشخصيات السياسية، وتفاصيل عن الجيش هناك، وغير ذلك من المعلومات التي لابد منها قبل القيام بمشروع جهادي كبير يقضي بتغيير نظام حكم في بلد كامل عن طريق القوة.ومنذ قيام الوحدة كان مشروع الشيخ أسامة قد تحول إلى المحاولة على مستوى اليمن الموحد. وشكلت مشكلة الصراع على دستور اليمن الموحد، وتناقض الإسلاميين والعلمانيين فرصة لإعلان الجهاد على علي عبدالله صالح وحكومة اليمن الموحد حديث النشأة.. وقد تحرك الشيخ أسامة لاستغلال تلك الفرصة. وسعى بن لادن إلى مشايخ اليمن وكبار دعاتها من السلفية وعلى رأسهم الشيخ (مقبل بن هادي الوادعي). وإلى زعماء جماعة «الإخوان المسلمين» في اليمن.. وبذل أموالا طائلة في تأليفهم وتأليف بعض القبائل على المشروع، ولكن جميع أولئك لم يتجاوبوا مع الحد الأدنى مما كان يأمله بن لادن نظرا لاختلاف جذري في الرؤية والأجندة لكل جماعة على حدة.كان المشروع الجهادي الخاص والرئيسي لـ«بن لادن»، هو إحداث حركة جهادية في اليمن الجنوبي.. وقد باشر ذلك في سنة (1990-1989م) واستمر في محاولته إلى قيام الوحدة.. ورغم أن عددا من المقربين من الشيخ أسامة أيامها قد حرّضوه على الشروع في ذلك المشروع مباشرة.. [c1]الاخوان المسلمون[/c] إلا أنه تردد بانتظار إقناع قيادات الصحوة في اليمن ولاسيما الإخوان المسلمين .غير أن انتظاره طال دون جدوى.واستمر معسكر الشيخ أسامة بن لادن في «خوست» بعد انسحاب السوفييت من أفغانستان ليركز على تدريب عناصره فيه لخوض معركة طويلة مع الأمريكان بعد انسحاب الروس، وكانت أول ميادين معاركه مقديشو في الصومال في العام 1992م، وكان نتيجتها طرد القوات الأمريكية (في ما سمي بعملية إعادة الأمل) من الصومال ومن قبالة السواحل اليمنية على شواطئ عدن، واستمرت تلك المرحلة بالتوجه لليمن والتركيز على مقاتلة الحزب الاشتراكي وإزاحته من السلطة.ويرى أبو مصعب السوري ان الشيخ أسامة بن لادن «نجح في تدريب قيادات شابة لخوض الجهاد وقيادته في اليمن من أبناء المناطق الجنوبية، أمثال طارق الفضلي وجمال النهدي»، إلا أن هؤلاء -كما يرى السوري- نجح الرئيس اليمني في «استمالتهم واستدراجهم للعمل لصالحه بأن أعطاهم رتبا في الجيش اليمني وأدخل من أراد السلك العسكري والوظائف المدنية، فركبوا السيارات وتولوا المناصب».[c1]جيش عدن أبين[/c] بدأت بعد حرب 1994م في اليمن مرحلة جديدة، حيث عاد الشباب اليمنيون - والجنوبيون خصوصا- ينضمون إلى الشوط الثاني للأفغان العرب في أفغانستان، وعاد مشروع القاعدة للانتعاش في اليمن ولكن من خلال استراتجيته الجديدة «محاربة رأس الأفعى أمريكا، والإعراض عن الدخول في مواجهات مع أذيالها».وفي فترة ما قبل عملية المراقشة التي قام بها زين العابدين أبو الحسن المحضار اعتقل الكثير من الجهاديين ومن بينهم بعض أنصار الشيخ أسامة بن لادن، واشتدت الحرب ضراوة بين الجهاديين والحكومة اليمنية. واضطرت حكومة علي عبدالله صالح إلى الإفراج عن بعض أتباع الشيخ بن لادن بعد أن تلقى الرئيس اليمني رسالة تهديد شخصية من الشيخ أسامة بن لادن عبر رسول أرسله إليه ،وتذكيره بأن معركة القاعدة ليست مع الحكومة اليمنية وأن بإمكانها أن تجعلها كذلك. وفي أواخر 1997م بدأ المحضار يشكل مجموعة مسلحة وتنظيما مستقلا باسم «جيش عدن أبين»، وفق قراءة بن لادن للحديث الشريف الذي روي عنه -صلى الله عليه وسلم: «يخرج من عدن أبين اثنا عشر ألفا، هم خير من بيني وبينهم».ولما تجمع مع أبي الحسن المحضار عدد من الرجال -قيل أنهم بلغوا نحوا من مائتي رجل- حمل السلاح ومضى برجاله إلى منطقة جبلية وعرة وأنشأ معسكرا له ولجماعته لبدء الحشد لجهاد الحكومة اليمنية. وأعلن المحضار عن تشكيل «جيش عدن أبين الإسلامي» على رغم أنه لم يلتق بزعيم القاعدة أسامة بن لادن، ولم يكن من الذين التحقوا بمعسكراته في أفغانستان، إلا أنه سجل اتصالا وحيدا معه فترة تصاعد نشاطه في اليمن وحظي بتعزيته في مناسبة احتفالية في أفغانستان بعد إعدامه عام 1999م.وتمركز المحضار في منطقة «المراقشة» ونفذ عملية اختطاف 16 سائحا غربيا وأمريكيين واشتبك مع السلطات الأمنية المحلية في مواجهة أسفرت عن قتل أربعة سياح بريطانيين وإطلاق الباقين واعتقال المحضار نفسه، ومن ثمَّ إعدامه في العام 1999م، بعد محاكمته وتبريره تأسيس جيش عدن أبين إلى رؤية نبوية حددها النص السابق. تم إعدام زعيم جيش عدن أبين أبي الحسن المحضار المنحدر من أصول هاشمية، ورثاه زعيم القاعدة بن لادن، ويبدو أن بن لادن عدَّل، إثر ذلك، من خطة ضرب المدمرة الأمريكية كول انتقاما له، فبدلا من أن يتم استهدافها في المياه الدولية قرر بن لادن ضربها بعد دخولها سواحل عدن، فشكل إعدام المحضار نهاية صلح غير رسمي واتفاق غير مكتوب بين النظام في صنعاء وزعيم القاعدة بن لادن والدخول على خط المواجهة المباشرة. وكان الجيش الذي شكله المحضار يضم غير يمنيين منهم نجل رجل الدين المصري حينها في بريطانيا أبو حمزة المصري، وعناصر عربية ذات جنسيات بريطانية.وتعتبر منطقة «المراقشة» التي احتضنت النواة المسلحة لـ»جيش عدن أبين الإسلامي» قريبة من منطقة نفوذ الشيخ طارق الفضلي ،وهو من سلالة سلاطين الجنوب، صادرت أملاكه حكومة الحزب الاشتراكي، ولجأ إلى السعودية ليلتحق بمعسكر تبوك الذي أنشأته السعودية تحسبا لمواجهة «المد السوفييتي في عدن»؛ والتحق أواخر الثمانينات بالجهاد في أفغانستان لمواجهة السوفييت والتقى بزعيم (القاعدة )وحضر في معسكراته، ليجد فيه بن لادن الشاب الشجاع من سلالة السلاطين، ذا النفوذ والدراية بالمنطقة التي ينوي عليها إقامة تمركزه وتموضعه لتأسيس ما يخطط له «جيش عدن أبين».بعد أبي الحسن المحضار تكاثرت خلايا مستقلة تتربى على الفكر القاعدي في تلك المنطقة، وكانت خلايا القاعدة في اليمن تخطط لعملياتها الكبرى في أفغانستان وتنفذها في الميدان عبر عناصرها في المناطق الجنوبية. ومثّل مقتل المحضار مرحلة جديدة في انتقال المواجهة مع النظام اليمني في أي فرصة قد تسنح للتنظيم فعل ذلك، وكانت البداية ضرب المدمرة «يو إس إس كول» في عدن في أكتوبر 2000م، لإحراج النظام اليمني وكشف أنه «خائن عميل مطيع للأمريكان» تلا ذلك مواجهة مكشوفة بين النظام اليمني وتنظيم (القاعدة) .وحسب مايكل شوير صاحب الخيال الأوسع في تصوير خطر القاعدة فقد تقاطر شباب (القاعدة) من أفغانستان وبعض دول آسيوية وأوروبية للتمركز في اليمن تحسبا لهجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001م،[c1]للتوجه نحو اليمن[/c] وتنفيذا للمرحلة الثانية من الخطة التي أفصح الشيخ أسامة بن لادن عن جزء يسير منها حين طلب من الشباب الاستعداد لحزم حقائبهم للتوجه نحو اليمن، فهي بلاد يستطيع أن يشم فيها رائحة العزة والرجولة بجبالها ورجال القبائل الأقوياء المسلحين الذين يرفضون الظلم. وتأخر قدوم بن لادن إلى اليمن ليسبقه أفراد (القاعدة) الذين لاحقتهم السلطات اليمنية بعد الحادي عشر من سبتمبر، فكان من أبرز المواجهات مقتل زعيم (القاعدة) الأول أبو علي الحارثي (42 عاما) بطائرة أمريكية بدون طيار -البرايديتور- في نوفمبر 2002م في صحراء مأرب، وتساقطت شبكة القاعدة واحدا تلو الآخر في قبضة السلطات الأمنية اليمنية.ويعتبر أبو علي الحارثي -من قبائل بيحان شبوة - أول زعيم رسمي لأول تشكيلة تنظيمية للقاعدة في منطقة الخليج والجزيرة العربية؛ وقبل مقتله أدلى عبدالكريم الإرياني -مستشار الرئيس السابق السياسي- بتصريح صحفي أن طائرات الـ U2 الأمريكية التجسسية؛ تقوم بجولات استطلاعية في سماء الأراضي اليمنية القريبة من الربع الخالي بحثا عن مطلوبين.ونفذت القاعدة بعد عملية اغتيال أبي علي الحارثي هجوما على الناقلة النفطية الفرنسية «ليمبورج» في سواحل المنطقة الجنوبية المكلا بمحافظة حضرموت في العام ذاته.[c1]تقسيم اليمن إلى ولايات [/c] مثل الثالث من فبراير 2006م فارقة هامة في تاريخ تنظيم القاعدة في اليمن والجزيرة العربية حين سجلت قيادة (القاعدة) أول عملية نوعية أمنية بحفر النفق من سجن الأمن السياسي في صنعاء بعد إعادة تشكل قيادتها في السجن وتنفيذ أول عملية هي الهروب من السجن. وبدأت بتأسيس معسكراتها لتدريب الشبان والخبرات واستقبال الوافدين الجدد من الدول المجاورة وميادين الصراع الأساسية خصوصا العائدين من العراق وكانوا من ذوي الخبرات.ونفذت (القاعدة) سلسلة عمليات أبرزتها إلى الساحة بقوة من جديد، كان من أبرزها الهجوم على السفارة الأمريكية (17سبتمبر 2008) في عملية مزدوجة بالسيارات المفخخة والاشتباكات بالأسلحة الخفيفة والقنابل وقذائف الـ(آر. بي. جي.)،مما يوحي بتطور نوعي وكمي في عمليات (القاعدة).ورتب التنظيم نفسه وهيكلته التنظيمية بإنشاء أجهزة أمنية وإعلامية وتطويرية وتصنيعية، وقام بتقسيم اليمن إلى ولايات بحسب القيادات الميدانية الفاعلة فيه، وركز على محافظات جنوبية يطلق عليها ولاية حضرموت، ولاية أبين، وغيرها من المحافظات التي تشهد تقسيما إداريا خاصا بالقاعدة.ونشطت القاعدة إعلاميا بتأسيس مؤسسة الملاحم للإنتاج الإعلامي؛ ومجلة دورية (صدى الملاحم)، والتي تصدر كل شهرين هجريين بانتظام، إضافة إلى إنتاج أفلام وثائقية مرئية حظيت بتغطية إعلامية عالمية؛ وتواصل مع الجمهور عبر مواقعهم على الإنترنت. وفاجأ التنظيم العالم مطلع العام 2009م بإعلانه عن تشكيله قيادة إقليمية تحت مسمى (تنظيم القاعدة في جزيرة العرب) مما يعني تجاوزه الحدود التي يعتبرها مصطنعة ليرسم خارطته الجغرافية وفق منظومته المفاهيمية التي يتحرك في إطارها. وسجلت القاعدة -لأول مرة- موقفا سياسيا تجاه قضية محلية مباشرة في خطاب لأمير القاعدة في جزيرة العرب بعنوان «إلى أهلنا في الجنوب»وحسب تقرير لوكالة أنباء شينخوا فقد أعلنت القاعدة حتى يناير 2012م. خمس إمارات إسلامية في اليمن وهي إمارتا زنجبار وجعار بمحافظة أبين، وإمارة عزان في محافظة شبوة، وإمارة رداع في محافظة البيضاء، وإمارة الحبيلين في محافظة لحج. وتؤكد مصادر مقربة من (القاعدة) أن بقية مناطق اليمن هي الأخرى مقسمة لولايات مماثلة وعلى كل ولاية أمير. [c1]الوحدة في فكر (القاعدة)[/c] لا يؤمن تنظيم (القاعدة) بالشخصية السياسية والسيادية لأي بلد ولا يوجد في أدبياته أو في تاريخه ما ينوه فيه على أهمية «الوحدة اليمنية»، وإنما يدعو إلى دولة «إسلامية» بالصورة التي يريد هو، وقد تكون هذه الدولة قائمة على جزء من دولة أو محافظة أو أقل من ذلك.وتنظيم القاعدة لا يؤمن بالوحدة على أساس التراب أو الجنس أو العرق، فهو يرى أن الوحدة اليمنية يجب أن توضع في إطارها الشرعي أولا بتصحيح منطلقاتها ومكوناتها؛ الدستور والنظام الديمقراطي والتعددية الحزبية والممارسة الانتخابية. «فالدستور ليس إسلاميا، ويمنح الرئيس بعضا من صفات الألوهية؛ والديمقراطية تشريع يضاهي تشريع الله ودين أمريكا الذي تفرضه على الشعوب المسلمة؛ والانتخابات ملهاة وتفريغ لطاقات شباب الأمة وتمزيقها ، وتستبدل حاكمية الشريعة بحاكمية الجماهير والأغلبية».