كتب/الدكتور مجد جرعتلي:لا يستطيع الإنسان الاستغناء عن الهواء إلا لدقائق معدودة وبالتالي يجب أن يكون الهواء نقيا صالحاً للتنفس ولا يحتوي على ملوثات من شأنها أن تسبب أضرارا بالصحة العامة وكافة أشكال الحياة والبيئة سواء على المدى القريب أو البعيد.لقد بدأت مشكلة تلوث الهواء تظهر بشكل فعلي بعد الحرب العالمية الثانية وظهور البترول وما تلاها من ثورة صناعية, فقد انتشرت المصانع المختلفة في كل مكان كما انتشرت السيارات وآليات النقل ما أدى إلى ارتفاع حاد في نسبة الملوثات الهوائية وذرات الغبار في الجو. وانصب اهتمام الناس بالتطور الصناعي والاقتصادي بدون النظر إلى أبعاده البيئية, وقد سبب هذا التطور العديد من الكوارث البيئية التي أدت إلى مشاكل صحية وبيئية أودت بحياة الكثير من الناس, و تسببت ملوثات الهواء في وفاة ما يزيد على مليون إنسان سنويا والعديد من الأمراض الخطيرة, وبخسارة ما يزيد عن 5000 مليون دولار سنويا بسبب تأثير الهواء الملوث على المحاصيل والنباتات الزراعية. وكان لمثل هذه الأحداث أن دفعت المجتمع إلى إعادة التفكير بجدية بموضوع التلوث الهوائي وكيفية التخلص والوقاية منه.ويتميز التلوث الهوائي عن غيره من أشكال التلوث في أنه سريع الانتشار حيث لا يقتصر تأثيره على منطقة المصدر وإنما يمتد إلى المناطق المجاورة والبعيدة، لذلك فإن التلوث الهوائي لا يمكن السيطرة عليه بعد خروجه من المصدر لذا يجب التحكم به ومعالجته قبل خروجه إلى الجو, كما أنه غالبا ما يكون لا يرى بالعين المجردة بالإضافة إلى أنه متعدد المصادر. كل هذه الصفات تجعل من تلوث الهواء «القضية البيئية الكبرى».تعريف تلوث الهواء: و وجود أي مواد صلبة أو سائلة أو غازية بالهواء بكميات تؤدي إلى أضرار حيوية أو فسيولوجية أو اقتصادية بالإنسان والحيوان والنباتات والآلات والمعدات ، أو تؤثر سلبا في طبيعة الأشياء .مصادر تلوث الهواء:تنقسم مصادر التلوث الهوائي إلى مصدرين رئيسيين:المصادر الطبيعية وهي المصادر التي لا دخل للإنسان بها وهي(الغازات المتصاعدة من التربة والبراكين وحرائق الغابات و الغبار الناتج من العواصف والرياح) وهذه المصادر عادة تكون محدودة وأضرارها ليست جسيمة. المصادر غير الطبيعية:وهي التي يحدثها أو يتسبب في حدوثها الإنسان وهي أخطر من السابقة وتثير القلق والاهتمام حيث أن مكوناتها أصبحت متعددة ومتنوعة وأحدثت خللاً في تركيبة الهواء الطبيعي وكذلك في التوازن البيئي وأهم تلك المصادر:استخدام الوقود لإنتاج الطاقة.النشاط الصناعي.وسائل النقل البري والبحري والجوي.النشاط الإشعاعي.النشاط السكاني ويتعلق بمخلفات المنازل من المواد الغازية والصلبة والسائلة .النشاط الزراعي والمبالغة في استخدام المبيدات الحشرية والأسمدة الكيماوية المصدر.الملوثات الرئيسية في الهواء وأثرها على الصحة العامة والبيئة.هنالك العديد جدا من الملوثات في الهواء نذكر بعضا منها:غاز أول أكسيد الكربونغاز سام عديم اللون والرائحة ينتج عن عمليات (الإحتراق غير الكامل للوقود والمواد العضوية) ويمثل أكبر نسبة من ملوثات الهواء. ويؤثر أول أكسيد الكربون على الصحة خاصة على هيموغلوبين الدم حيث أن له قابلية شديدة للاتحاد معه ومن ثم فإنه يؤثر تأثيراً خطيراً على عمليات التنفس في الكائنات الحية بما فيها الإنسان ويتسبب في الشعور بالتعب و صعوبة التنفس و طنين في الأذن وفي حال زيادته فيؤدي ذلك إلى انخفاض في ضغط الدم ونقص في الرؤية والسمع، وارتخاء في عضلات الجسم والإغماء ومن ثم الوفاة خلال ساعتين. غاز ثاني أكسيد الكربون:يتكون غاز ثاني أكسيد الكربون من احتراق المواد العضوية كالورق والحطب والفحم ومشتقات البترول, ويعتبر غاز ثاني أكسيد الكربون الناتج من الوقود من أهم الملوثات الدخيلة التي أدخلها الإنسان على الهواء.ويسبب صعوبة في التنفس والشعور بالاحتقان مع تهيج للأغشية المخاطية والحلق والتهاب القصبات الهوائية. غاز كبريتيد الهيدروجين:هو غاز سام ذو رائحة تشبه البيض الفاسد ويتكون من تحلل المواد العضوية مثل مياه الصرف الصحي. يتحد مع هيموغلوبين الدم محدثاً نقصاً في الأوكسجين الذي يصل إلى الأنسجة وأعضاء الجسم ويحدث ضررا بالجهاز العصبي المركزي و اضطراباً وصعوبة في التنفس وخمولاً وضعفاً في التفكير كما أنه يهيج الأغشية المخاطية للجهاز التنفسي وملتحمة العين. غاز ثاني أكسيد الكبريت:ينتج من عملية إحتراق «الفحم الحجري والمازوت والغاز الطبيعي»، حيث يتصاعد الكبريت مع الدخان على شكل ثاني أكسيد الكبريت, وهو عديم اللون نفاذ وكريه الرائحة له آثار ضارة حيث يتحول في الهواء إلى حمض الكبريتيك نتيجة لتأكسده إلى ثالث أكسيد الكبريت وتفاعله مع بخار الماء. ولكل من ثاني أكسيد الكبريت وحمض الكبريتيك تأثير خطير على الجهاز التنفسي (التهاب القصبات الهوائية وضيق التنفس وآلام في الصدر وتشنج الحبال الصوتية و تهيج العيون والجلد..) كما يشارك في إحداث مشاكل بيئية منها الأمطار الحامضية. أكاسيد النيتروجينينتج هذا الغاز عن عمليات احتراق الوقود في الهواء عند درجات حرارة مرتفعة، كذلك ينتج من احتراق المواد العضوية وأيضا من (عوادم السيارات والشاحنات) وبعض المنشآت الصناعية ومحطات توليد الطاقة التي تعمل على درجات حرارة مرتفعة. ويشكل مع بخار الماء في الجو حمضاً قوياً هو حمض النتريك الذي يساهم أيضا في أضرار كبيرة على صحة الإنسان منها (تهيج الأغشية المخاطية للمجاري التنفسية وإلتهابات في الرئة و تهيج العين..), ويتسبب في حدوث الأمطار الحامضية, كما يؤثر بشكل سلبي على طبقة الأوزون. الرصاصيضاف الرصاص إلى بنزين وقود السيارات لزيادة معدل الأوكتان, ويخرج الرصاص من عوادم السيارات إلى الهواء محدثاً تلوثاً به وخاصة في المدن المزدحمة التي تستخدم بنزيناً محتوياً على الرصاص. وللرصاص أضرار في غاية الخطورة على صحة الإنسان نذكر بعضا منها (الصداع والضعف العام, إفراز حمض البول وتراكمه في المفاصل والكلى, يقلل من تكوين الهيموغلوبين في الجسم, يحل محل الكالسيوم في أنسجة العظام, يؤدي إلى القلق النفسي والليلي, يسبب التخلف العقلي لدى الأطفال, تراكمه في الأجنة يؤدي إلى تشوه الجنين وإلى إجهاض الحوامل..).الغبار والمواد العالقة كثير من المصانع (النفط والإسمنت والأسمدة الكيميائية) تطلق غازات في الجو تحتوي على مركبات شديدة السمية مثل مركبات الزرنيخ والفوسفور والكبريت والسيلينيوم. كما تطلق الغبار المحمل بالمعادن الثقيلة كالزئبق والرصاص والكادميوم وغيرها وتبقى هذه المواد المعلقة في الهواء على هيئة رذاذ أو ضباب خفيف ويكون هذا التلوث واضحاً حول المصانع و تحمله الرياح إلى أماكن بعيدة.وتسبب هذه العوالق العديد من الأضرار الخطيرة لكافة الكائنات الحية بما فيها الإنسان فتسبب له (الربو والسعال والانتفاخ الرئوي وتصلب الرئة، قصور في وظيفة الرئتين والقلب, السرطان والتشوهات الجنينية ..).طرق التخلص والوقاية من التلوث الهوائي:1 - إلزام كافة المصانع في (القطاع الخاص والعام) بإقامة وحدات فلترة ومعالجة لمخلفاتها الغازية أو الغبارية أو السائلة.2 - استخدام البنزين الخالي من الرصاص والمازوت الخالي من الكبريت.3 - مراقبة كافة وسائل النقل الخاصة والعامة والتأكد من سلامة محركاتها واحتراق الوقود بشكل سليم.4 - إبعاد كافة المصانع عن المدن وأماكن السكن.5 - معالجة مياه الصرف الصحي بالطرق العلمية الحديثة.6 - استخدام الطاقة النظيفة بديلا عن الوقود الإحفوري ( الفحم والمازوت..).7 - استخدام المبيدات والأسمدة ذات المصدر العضوي وليس الكيميائي.8 - مراقبة المصانع والفعاليات الإنتاجية ذات التقنيات القديمة والملوثة وتطويرها.9 - زيادة المساحات المشجرة داخل المدن التي يجب ألا تقل عن 40 % من مساحة المدينة، بالإضافة إلى زراعة أحزمة خضراء تحيط بها.10 - عدم إعطاء أي ترخيص صناعي جديد لا يتقيد بشروط الحفاظ على سلامة صحة الإنسان والبيئة.
|
ابوواب
تلوث الهواء وأضراره على صحة الإنسان والبيئة
أخبار متعلقة