سيخلف كارثة حقيقية ما لم تنل مكافحته أولوية واهتماماً ملموساً من جميع المعنيين أفراداً ومؤسسات
تحقيق / بشير الحزميتظل مشكلة سوء التغذية في اليمن احدى اهم المشاكل التي تواجه قطاعات التنمية المختلفة وباتت تشكل تحدياً حقيقياً وعائقاً للتنمية ومواجهتها لم تعد مسئولية جهة أو حتى الحكومة بمفردها ولكنها مسئولية الجميع في الحكومة والمجتمع المدني والقطاع الخاص والمانحين وهو ما أصبح يدركه الجميع ويؤمنون به.صحيفة 14أكتوبر تحاول من خلال التحقيق التالي تسليط الضوء على حجم هذه المشكلة ولماذا تعتبر معيقا للتنمية واين تقع مسئولية الجميع في مواجهتها .. فإلى التفاصيل:-الدكتورة لينا الارياني مدير ادارة التغذية بوزارة الصحة العامة والسكان تحدثت عن الوضع الحالي لمؤشرات سوء التغذية في اليمن و أسبابه و المعالجات والتدخلات المطلوبة للحد والتخفيف منه حيث قالت: وصل سوء التغذية في اليمن إلى مستويات الأزمة بوجود 15 % من الأطفال دون سن خمس سنوات يعانون من سوء تغذية عام حاد وتبلغ معدلات سوء التغذية الحاد في بعض مناطق البلد 32% وهو ما يتجاوز بشكل كبير معدلات الطوارئ. لدى اليمن على المستوى العالمي ثاني أعلى نسبة تقزم (58 %). بينما عانى اليمنيون لعقود طويلة من الهزال والتقزم أدت الاضطرابات السياسية والاجتماعية والاقتصادية خلال العام الماضي إلى مفاقمة الوضع الخطير أصلاً. ويبلغ عدد السكان دون سن خمس سنوات حوالي أربعة ملايين طفل منهم 967,000 طفل يعانون من سوء التغذية الحاد. وسيكون هناك قرابة 267,000 طفل معرضون لخطر الموت كما يتعرض 400,000 آخرون لخطر الإعاقات الجسدية والعقلية طويلة الأجل.[c1]مجموعة عوامل[/c]وأضافت بالقول : هناك مجموعة من العوامل في اليمن تفاقم من معدلات سوء التغذية وكذلك أثر سوء التغذية بما في ذلك العوامل المتعلقة بالوصول إلى مياه الشرب ومرافق الصرف الصحي والنظافة. بالإضافة إلى ذلك يعتبر فهم المجتمع لسوء التغذية وآثاره التي تستمر مدى الحياة على الأطفال محدوداً جداً حيث تعتقد المجتمعات أن معدلات التقزم والنحافة تبدو أمراً طبيعياً.ولفتت الى أن متوسط مؤشر نقص الوزن وفق مسوح التغذية التي اجريت خلال 2011 - 2012 في خمس محافظات(الحديدة, حجة, ريمة, تعز, لحج, عدن) وصل إلى 48% وهذا المؤشر يتعدى الحد الحرج حسب تصنيف منظمة الصحة العالمية .وعن دور وزارة الصحة العامة والسكان وتحديداً قطاع الرعاية ممثلة بإدارة التغذية في معالجة مشكلة سوء التغذية صحياً قالت إن مكافحة سوء التغذية تحتل الأولوية الثانية ضمن سياسات واستراتيجيات وزارة الصحة العامة والسكان، انطلاقاً من مبدأ الحقوق الأساسية للإنسان وخاصة حقه في الحصول على الخدمات الصحية والغذائية والتغذوية وتأكيد وجوب الالتزام الرسمي للمواثيق الإقليمية والدولية حول التغذية.[c1]خطوات وإجراءات [/c]وأضافت الارياني بالقول : لقد وضعت الحكومة اليمنية الأولوية العليا لاتخاذ إجراءات تعالج مشاكل سوء التغذية ضمن الخطة الخمسية للصحة من أجل تحسين الوضع الحرج للصحة والوضع التغذوي لليمنيين، وتعزيز سياسة الحكومة في الجانب الغذائي، ورفع فعالية وكفاءة تنفيذ برامج التغذية الضرورية.وأوضحت أن وزارة الصحة كانت أول من ادخل مكون المشورة حول تغذية الرضع وصغار الاطفال كتطبيق للاستراتيجية العالمية لتغذية الرضع وصغار الاطفال والصادرة عن جمعية الصحة العالمية وإشراك المجتمع من خلال متطوعي صحة المجتمع الذين يلعبون دورا مهما في تعزيز الصحة والتغذية في المجتمعات المحلية - بدأ تطبيق هذا البرنامج في 2001الى 2005 وساهم في تنفيذ تدخلات معينة - مثل تشجيع الممارسات المثلى لتغذية الرضع وصغار الاطفال, التشجيع للمجتمعات المحلية على استهلاك الأغذية المدعمة, متابعة ومراقبة نمو الاطفال وتقديم المشورة التغذوية المناسبة في حينها، ادخال برنامج التغذية العلاجية للأطفال في المستشفيات والمراكز الصحية واقرار البرتوكولات الوطنية للمعالجة والخاصة بحالات سوء التغذية الحاد الوخيم 2007، تطوير الأدلة الوطنية الخاصة بالتدريب بمكون المجتمع لتشمل حزمة واسعة من الخدمات الصحية الاخرى بجانب خدمات التغذية، افتتاح عدد 881 مركز تغذية لمعالجة حالات سوء التغذية الحاد الوخيم (OTP) بدون مضاعفات بجميع محافظات الجمهورية و عدد 18 وحدة لمعالجة سوء التغذية على مستوى المستشفيات المرجعية بالمحافظات لمعالجة سوء التغذية المصاحب له مضاعفات طبية, و 305 مراكز تغذية علاجية لمعالجة حالات سوء التغذية المتوسط.[c1]خطر مخفي ومميت[/c]أما الدكتور فكري دريب منسق التغذية بمنظمة الصحة العالمية فقد تحدث من جانبه وقال: سوء التغذية خطر مخفي ومميت يهدد المجتمعات وخطره يبدو جليا بين فئة الاطفال الاكثر عرضة للأمراض وسوء التغذية هو الذي يضعف مناعة الطفل مما يجعله فريسة سهلة للأمراض المميتة وهو مسئول تقريبا عن معظم الوفيات بين الاطفال ولا يقتصر تأثيره على الاطفال بل يصل إلى الكبار ايضا, فانتشار سوء التغذية بين الامهات يوثر سلبا على اطفالهن اثناء الحمل وبعد الولادة وخاصة خلال السنتين الاوليين من عمر الطفل . ومشكلة سوء التغذية مشكلة لها اثر على كافة المستويات الاقتصادية والاجتماعية في البلد. ولها ارتباط وثيق بالفقر والامية في المجتمع. وأضاف بقوله : تعتبر مشكلة التغذية معيقا للتنمية بسبب اولا : الاثر السريع على التنمية وهو ان الدولة تصرف مبالغ طائلة لمعالجة الاطفال المصابين بسوء التغذية ومكافحة انتشاره بين الاطفال وهذا يستهلك جزءاً كبيراً من ميزانية الدولة ومن الجهد والوقت الذي يمكن استغلاله في مشاريع تنموية تسهم في تطوير البلد.وثانيا : الاثر طويل المدى على التنمية وهو ان الاطفال الذين يعانون من سوء التغذية يعانون من تأخر في النمو البدني والعقلي مما يؤثر على الاجيال القادمة بحيث يمكن ان تزداد الفئات العاجزة والتي تشكل عالة على المجتمع وهذا يؤدي الى انخفاض الانتاج الوطني بسبب عجز الاجيال القادمة عن العمل والتعلم . وأوضحت أن مسئولية الجميع تكمن في معرفة ما هو سوء التغذية وكيف يمكن تفاديه ومكافحته, فتثقيف انفسنا وافراد المجتمع بأهمية التغذية السليمة وتنوعها وخاصة للام الحامل اثناء الحمل والرضاعة وكذلك الاهتمام بالتغذية التكميلية للأطفال تبقى مسئولية الجميع . منظمة الصحة العالمية لها اسهامات متعددة في دعم الاستراتيجية الوطنية للتغذية ودعم انشطة وزارة الصحة في مكافحة مشكلة سوء التغذية في اليمن ومن اهم اسهامات منظمة الصحة العالمية دعم وتأهيل مراكز معالجة سوء التغذية الحاد الوخيم مع المضاعفات في المستشفيات الرئيسية في المحافظات والمديريات النائية. كما قامت منظمة الصحة العالمية بتطوير ومواءمة الدليل الوطني لتدريب العمال الصحيين على طرق معالجة سوء التغذية الحاد الوخيم كما تم تأهيل مراكز تدريبية وذلك حرصا من المنظمة على بناء القدرات ورفع الكفاءات الوطنية في معالجة سوء التغذية الحاد الوخيم مع المضاعفات في الاقسام الداخلية في المستشفيات. [c1]وسيلة للنمو الجسدي[/c] ويقول مطهر الفلاحي مساعد المنسق الوطني ومسئول الاتصال بمشروع رفع مستوى النهوض بالتغذية في اليمن: أن الغذاء هو الوسيلة التي تحقق النمو الجسدي، غير أن تناوله ليس مهمة سهلة إذا تم الأخذ في الاعتبار النتائج المرجوة منه، فقد يكون مفيداً، وربما يكون كثيراً ووفيراً ولكنه غير مفيد؛ خصوصاً حال وجود بعض العيوب في الأغذية التي يتناولها الفرد كماً ونوعاً، وعدم احتوائها على العناصر الرئيسية كـ (المعادن والفيتامينات والبروتين)، وذلك نتيجة العادات الغذائية السيئة، وهذه العيوب تسمى بـ (سوء التغذية). وهي ليست حالة مرضية، بل هي نتيجة لنقص في إحدى المواد الأساسية في الطعام أو بعضها، مثل: الأملاح المعدنية، والفيتامينات والبروتينات، وينتج عن ذلك العديد من الأمراض، مثل: فقر الدم (الأنيميا)، ولين العظام (الكساح) ، والضعف العام، ونقص الوزن، وعدم نمو أجساد الأطفال..[c1]من تاريخ سوء التغذية[/c]واردف الفلاحي بقوله : ظل وضع التغذية قضية جدّية في اليمن لعقود، ففي العام 1979، كان 61 % من الأطفال مصابين بالتقزم (سوء التغذية المزمنٍ)، و10.2 % مصابين بالهزال (سوء التغذية الحاد)، أما في الوقت الحاضر فتحتفظ اليمن بواحد من أعلى معدلات التقزم لدى الأطفال في العالم، إذ وجد أن حوالي 60 % من الأطفال مُصابون بالتقزم في العام 2011. وبينما تقدر معدلات الهزال بـ 15 % في مناطق معينة من البلاد كنتيجة للأحداث الأخيرة، فإن الهزال يؤثر على 32 % من الأطفال تحت سن الخامسة، وهذا يتجاوز حد أو مستوى الطوارئ البالغ 15% بكثير.[c1]أرقام مرعبة[/c] وقال الفلاحي أن مجموع عدد سكان اليمن يقدرون بـ25 مليون نسمة، وعدد السكان تحت سن الخامسة بأكثر من أربعة ملايين في العام 2012، يعاني 267.000 منهم من سوء التغذية الحاد الشديد بينما توصف حالة 700.000 منهم بسوء التغذية متوسط الحدة، ويعد سوء التغذية من أبرز مسببات الوفاة بين الأطفال. كما أن هناك أكثر من خمسة ملايين من البنين والبنات لا يحصلون على مياه آمنة للشرب أو صرف صحي ملائم. ويقدر أن هناك أكثر من 2.5 مليون طفل خارج المدرسة، تمثل الفتيات الشريحة الأكثر تضرراً من هؤلاء، كما يمكن القول أن كل طفل في اليمن تقريباً تأثر من أعمال العنف بشكل عام.وتشير الإحصائيات إلى أن واحداً من كل ثمانية أطفال في اليمن تحت سن الخامسة معرض لخطر الموت بفعل أمراض الطفولة الشائعة كنتيجة لسوء التغذية. فيما يعاني أكثر من نصف الأطفال تحت سن الخامسة من التقزم وتأخر النمو العقلي، ولا يصل واحد من كل عشرة أطفال حتى إلى سن الخامسة. ولم تزد الصراعات في اليمن على مدى العامين الماضيين والأزمة الإنسانية التي تلتها الأوضاع إلا سوءاً.وأضاف بالقول : لن نحتاج سوى بضع دقائق لندرك أن هناك حاجة ملحة للقيام بإجراءات فورية كي نساعد قرابة 13 مليون طفل يشكلون أكثر من نصف سكان اليمن، مؤكدا أن سوء التغذية في اليمن يعد مشكلة قديمة ولكنها تفاقمت بصورة مرعبة، فـ 58 % من الناس يعانون من التقزم، مما يجعل اليمن في المرتبة الثانية عالمياً من حيث التقزم وسوء التغذية بعد أفغانستان بين سكان المجتمعات المضيفة ومخيمات النازحين في اليمن، أن 31 % من الأطفال دون سن الخامسة يعانون من سوء التغذية، وهو ما يعني ضعف المعدل العالمي لحالة الطوارئ فيما يتعلق بوضع تغذية الأطفال، وكذلك فإن 45 % يعانون من الأمراض المزمنة كالإسهال، وعدوى الجهاز التنفسي، مما يجعل نموهم في خطر، و43 % من الأسر تتخطى وجبة، أي تترك وجبة غذائية، نتيجة لارتفاع أسعار المواد الغذائية، و50 % من الأسر تذهب إلى الفراش جائعة، وهو ما يجعل سوء التغذية، المشكلة الأكثر تعقيداً التي تواجه الجمهورية اليمنية، ولذلك تعمل اليونيسف مع المجتمعات المحلية لجعل الأمهات والآباء يقفون على الوسائل المنقذة للحياة كالرضاعة الطبيعية وغسل الأيدي والتغذية ليست الغذاء فقط، ووسائل الإعلام تلعب دوراً رئيسياً في نشر كل هذه المعلومات، ونهيب بها القيام بهذا الدور، لضمان وضع حقوق الأطفال في مصاف التنفيذ، لأن الأطفال هم المستقبل فدعونا نعمل من أجل الاستثمار في مستقبل اليمن.[c1]هدف عام[/c] ويقول الفلاحي إن تفعيل الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي وتدخلات التغذية التي تقودها الحكومة اليمنية ممثلة ( بوزارة التخطيط والتعاون الدولي والوزارات المعنية) وشركاء التنمية لبرامج التغذية على مستوى كافة القطاعات ذات العلاقة سيساهم في إحداث أكبر أثر ممكن في تحسين المستوى التغذوي والتنموي في اليمن. وتتمثل الأهداف الاستراتيجية العامة لجميع القطاعات بتحسين الوصول للخدمات الصحية والتغذية والاستفادة منها لكل الأمهات في سن الإنجاب ، صغار الأطفال، والأطفال أقل من سن خمس سنوات، تحسين القدرات القطاعية لإعادة توزيع واستهلاك غذاء متوازن، حماية الأسر من أثر الصدمات الاقتصادية وكل أشكال المخاطر التي تؤثر على الحالة التغذوية العامة، تعزيز السياسات والجوانب القانونية والمؤسسية لبناء القدرات لأجل التخطيط والتنفيذ والمتابعة والتقييم لبرامج تدخلات التغذية في اليمن ، خلق وعي مستدام على المستوى الوطني بالالتزام تجاه تحسين ودعم برامج تدخلات التغذية على مستوى البلد. [c1]خطر يهدد الحياة[/c]أما مدير عام التخطيط والإحصاء والمتابعة بوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل محمد محمود الوصابي فقد تحدث من جهته وقال: أصبحت مشكلة سوء التغذية في اليمن خطراً يهدد الحياة وسبل العيش السعيد فهي السبب الرئيسي في ارتفاع معدلات وفيات الأطفال دون سن الخامسة في اليمن وتعتبر من أعلى المعدلات في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا وتصل النسبة إلى (77) وفاة لكل (1000) ولادة حية وهذا يعني أن حوالي (70) ألفاً من الأطفال يموتون سنوياً قبل بلوغ سن الخامسة كما تشير التقارير إلى أن (58 %) من الأطفال في اليمن ممن تقل أعمارهم عن (5) سنوات يعانون من التقزم وذلك بسبب سوء التغذية وكذلك هناك حوالي (250الف) طفل مهدد بالموت و(16 %) من الأطفال دون سن الخامسة يعانون من الهزال وكذلك (32 %) من المواليد ناقصي الوزن كما أن ما نسبته (25 %) من النساء في اليمن يعانين من سوء التغذية إلى جانب معاناة النساء في سن الإنجاب من فقر الدم مما يؤدي إلى إضعاف مناعة الجسم وارتفاع نسبة الوفيات في أوساط النساء الحوامل وسوء التغذية.وأضاف الوصابي بالقول : مشكلة سوء التغذية في اليمن تمثل تحدياً كبيراً يواجه الحكومة اليمنية فهذه المشكلة ليست مشكلة صحية فحسب ولكنها مشكلة اقتصادية واجتماعية حيث تظهر مؤثراتها على التنمية المستدامة في اليمن وما يعني أنها تشكل عائقاً لمسار التنمية في اليمن. وقد يؤدي سوء التغذية إلى التسبب بإعاقة جسمية أو عقلية وكذلك يؤدي إلى تدني مستوى الإنتاج حيث يصاب الإنسان بالخمول بالإضافة إلى أنه قد يؤدي إلى تدن في الأداء المهني وهذا بالتأكيد يؤدي إلى زيادة إنفاق الدولة لمواجهة ذلك . حيث تشير الإحصائيات إلى أن الحكومة اليمنية تتكبد خسائر كبيرة تصل إلى أكثر من (250ملياراً) سنوياً والرقم قابل للارتفاع نتيجة تفاقم الظاهرة.وأوضح الوصابي أن اليمن لن تتمكن من تحقيق أهداف الألفية الثالثة بحلول (2015). ولكنها تستطيع تحسين مؤشرات أهداف التنمية الألفية وبالذات مؤشر تخفيض معدل وفيات الأطفال ومؤشر تحسين صحة الأمهات من خلال إعطاء اهتمام اكبر لمشكلة سوء التغذية.[c1]الفقر سبب رئيسي[/c]وقال : يعتبر الفقر السبب الرئيسي لسوء التغذية في اليمن نتيجة اتساع رقعة الفقر بين أفراد المجتمع فالإحصائيات تفيد بأن نسبة الفقراء في اليمن تصل إلى حوالي (34 %) حسب إحصائيات-2006 2005 ) وهناك توقعات بارتفاع هذه النسبة إلى (44 %) نتيجة الأوضاع غير المستقرة التي أدت إلى ارتفاع نسبة البطالة0 والأطفال والنساء هم الفئة الأضعف في المجتمع وهم الأكثر معاناة في هذا الجانب. ولكن الفقر ليس وحده المسؤول الأول عن سوء التغذية وهناك أسباب أخرى .وأشار إلى أن ارتفاع مستوى الأمية بين الأمهات يزيد من حجم المشكلة بسبب الجهل بأساليب التغذية السليمة، كما أن تردي الوضع الصحي في اليمن أدى إلى شيوع الأمراض المعدية ، اضافة الى تردي مستوى إمدادات المياه والصرف الصحي وعدم الحصول على مياه شرب نقية ، زيادة معدل انعدام الأمن الغذائي حيث يعاني (22 %) من السكان من انعدام أمن غذائي شديد.وقال أن مواجهة سوء التغذية مسؤولية حكومية ومجتمعية وأهلية حيث تشترك في مواجهة هذه الظاهرة جهات كثيرة منها: (وزارة الصحة- وزارة المياه - وزارة الشؤون الاجتماعية وكذلك التربية والإعلام والزراعة ) بالإضافة إلى السلطة المحلية, ومنظمات المجتمع المدني, ومنظمات المجتمع الدولي. وذكر هذه الجهات هو على سبيل المثال لا الحصر وكل جهة تقوم بما يعنيها وكون الفقر هو السبب الرئيسي في تفاقم مشكلة سوء التغذية فإن ووزارة الشؤون الاجتماعية هي إحدى مؤسسات مكافحة الفقر في اليمن حيث تقوم الوزارة ممثلة بصندوق الرعاية الاجتماعية بمساعدة الفئات الأكثر فقراً وغير القادرة على الكسب والتخفيف من وقوع الأفراد في خط الفقر .وتشمل المساعدات الفئة غير القادرة على الالتحاق بسوق العمل مثل العجزة والمعاقين كلياً والأيتام وتسمى بالفئات الاجتماعية وهناك فئة أخرى تسمى الفئة الاقتصادية وتشمل المرأة التي لا عائل لها والعاطل عن العمل وقد وصلت عدد حالات الضمان الاجتماعي حتى نهاية عام 2012م حوالي (1,5مليون) حالة أي حوالي (7,910,696) فرداً وبنسبة (54 %) نساء , (46 %) رجال. ويصل إجمالي الحوالات النقدية التي تقدم لهذه الفئات إلى (77مليار ) ريال سنوياً. كما تقوم الوزارة بتقديم الدعم الصحي والمالي والاجتماعي والتعليمي للأشخاص ذوي الإعاقة من خلال صندوق تأهيل وتدريب المعاقين. ومن خلال البرامج والمشاريع التي تنفذها الوزارة مثل مشروع الرعاية الشاملة الذي يتم تنفيذه بالتعاون مع منظمة اليونيسف وتقدم الحماية الاجتماعية للأطفال الفقراء وكذلك الأحداث والأيتام وأطفال الشوارع .كما تساهم الوزارة بمساعدة الأمهات من خلال مشروع الولادة الآمنة الذي تنفذه إدارة المرأة والطفل في الوزارة .وأيضاً تقوم وزارة الشئون الاجتماعية بتدريب وتأهيل النساء من خلال أكثر من(60) مركاًز للأسر المنتجة والمنتشرة في المحافظات الجمهورية بالإضافة إلى برامج الحد من عمالة الأطفال وحماية الأطفال الذين يعملون في مهن خطرة.[c1]وعظ وإرشاد ديني[/c]بدوره يقول الشيخ جبري ابراهيم مدير عام الوعظ والارشاد بوزارة الاوقاف : خطباء المساجد هم قادة النور والهدى ودعاة الخير والمحبة وهم السراج الذي يضيء للناس ويبدد الظلام ويمهد الطريق للامة جميعا ولذلك يجب عليهم ان يضطلعوا بكل ما يهم المجتمع وينبهوا إلى كل ما يهدد وحدته وكيانه وامنه واستقراره وكل ما يهدد صحة المجتمع وهو امر واجب علي الخطباء والعلماء والوعاظ والمرشدين ان يقوموا به.وأضاف جبري بالقول: ان بأيدي العلماء ان يقودوا المجتمع الى كل خير وينبغي ان يضطلعوا بالمهمة الكبيرة .. والحقيقة ان قضية سوء التغذية تهدد الفرد والمجتمع وتهدد الدولة والانسانية كلها لان سوء التغذية يسبب عاهات للبشر وحتى ايضا هزات اقتصادية وتموت الموارد البشرية التي تنهض بواجبها في الامة ولذلك نجد الحق سبحانه وتعالى في القرآن الكريم ارشدنا الى توازن الطعام فقال سبحانه وتعالى (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا) أي لا تتركوا الاكل فهو سبب للمهلكة ولا تزيدوا في التخمة فأنه ايضا سببا للهلكة. وقال في الآية الاخرى ( فلينظر الانسان الى طعامه انا صببنا الماء صبا ثم شققنا الارض شقا فأنبتنا فيها حبا وعنبا وقضبا وزيتونا ونخلا وحدائق غلبا وفاكهة وابا متاعا لكم ولأنعامكم ) فدل على انه لا بد من تنوع الغذاء والطعام من اجل ان يكون الانسان سوي البنية، والنبي يقول : المؤمن القوي خير واحب الى الله تعالى من المؤمن الضعيف.. فينبغي للخطباء والعلماء والوعاظ والمرشدين جميعا ان يوجهوا المجتمع الى ما فيه الخير والهداية وكذلك ايضا الى ما فيه الانتاج لان سوء التغذية يأتي بأشياء كثيرة وينعكس سلبا على الحياة برمتها.[c1]مناصرة وطنية[/c]ويقول مدير عام المركز الوطني للتثقيف والاعلام الصحي عبدالسلام عبده سلام : لقد أطلقت وزارة الصحة العامة والسكان ممثلة بالمركز الوطني للتثقيف والاعلام الصحي والسكاني وبالتنسيق والتعاون مع منظمة اليونيسيف حملة تحسيس ومناصرة وطنية لمواجهة مشكلة سوء التغذية في اليمن في الفترة من منتصف ابريل وحتى منتصف يونيو 2013م أي لمدة شهرين كاملين ، تم خلالها تفعيل دور مختلف وسائل الاعلام المرئية والمسموعة والمقروءة وقد اثريت من خلالها قضية سوء التغذية في اليمن على مختلف الاصعدة والمستويات ووضع الجهات ذات العلاقة بالتغذية والامن الغذائي والاقتصادي والتنمية المستدامة أمام مسئولياتها بما في ذلك الداعمين ومنظمات المجتمع المدني للعمل بمعية وزارة الصحة العامة والسكان على مواجهة مشكلة سوء التغذية والسعي لإيجاد حلول وتدخلات فاعلة للحد من تمددها وتوسعها والسير قدما لإيجاد السبل والوسائل الممكنة لليمن من تجاوز هذه المحنة.[c1]جهود عالمية[/c]برنامج الاغذية العالمي قال أن المسح الشامل للأمن الغذائي الذي اجراه في عام 2012 كشف أن أكثر من 10 ملايين يمنى يعانون من انعدام الامن الغذائي، ووجُد أن 5 ملايين منهم أي 22% من السكان يعانون بشدة من انعدام الامن الغذائي، وانهم غير قادرين على انتاج أو شراء الغذاء الذى يحتاجون اليه.وذكر برنامج الاغذية العالمي في بلاغ صحفي أنه ينفذ في عام 2013عملية طوارئ ضخمة تبلغ كلفتها 249مليون دولار لمواجهة الازمة الانسانية والمساعدة في تهيئة الظروف التي تؤدى الي المصالحة السياسية من خلال برنامج يمتد لمدة عام يستهدف حوالي 5 ملايين شخص ويشمل ثلاثة مجالات رئيسية هي تقديم المساعدات الغذائية في إطار برنامج شبكة الامان في حالات الطوارئ الي 3,8 مليون شخص يعانون من انعدام الامن الغذائي، تقديم المساعدات الغذائية لحوالي 600 الف نازح داخليا والعائدين والسكان المتضررين من الصراع، دعم التغذية لنحو 325 الف طفل دون سن الثانية من العمر و200 الف طفل دون سن الخامسة و157 الف من النساء الحوامل والامهات المرضعات .إضافة الى ما يقدمه برنامج الاغذية العالمي من مساعدات غذائية لـ70 الف لاجئ من القرن الافريقي، وما يقدمه من تغذية مدرسية لـ 35 الف فتاة سنويا من خلال برنامج تعليم الفتاة.وأعلن برنامج الاغذية العالمي أن خططه لعام 2014 في اليمن تتركز في تنفيذ عملية اغاثة جديدة منتصف 2014 تعتمد على ابحاث مكثفة اجريت خلال العام الجاري 2013م.وذكر برنامج الاغذية العالمي أن اكثر من 10 ملايين شخص في اليمن إما جوعى أو على حافة الجوع مع وجود معدلات مرتفعة جدا من انعدام الامن الغذائي . وتدخل معدلات سوء التغذية لدى الاطفال في اليمن ضمن أعلى المعدلات في العالم مع وجود ما يقرب من نصف عدد اطفال اليمن دون سن 5 سنوات (مليوني طفل ) يعانون من التقزم .واوضح برنامج الاغذية العالمي انه يهدف هذا العام الى تزويد حوالي 5 ملايين شخص في 16 محافظة بالمساعدات الغذائية .[c1]أوضاع صعبة[/c]وخلال زيارتها الاخيرة لليمن قالت وكيلة الامين العام للأمم المتحدة للشئون الانسانية ومنسقة الاغاثة في حالات الطوارئ فاليري آموس: اليمن بلد عانى من الفقر المزمن وتأخر التنمية وملايين اليمنيين يكافحون من اجل العيش مع اوضاعهم المعيشية الصعبة. الناس بحاجة الى الغذاء ، الماء، التعليم ، الرعاية الصحية ولكن في الوقت نفسه يريدون ان يعرفوا ان هناك استثماراً يحدث لتأمين مستقبلهم . نحن بحاجة الى المزيد من التمويل لمساعدة الاشخاص الاكثر احتياجا. أما المديرة التنفيذية لبرنامج الاغذية العالمي إرثارين كازين فقد تحدثت هي الأخرى خلال زيارتها لليمن وقالت : برنامج الاغذية العالمي يقدم المساعدات الغذائية لإنقاذ حياة حوالي 5 ملايين من اليمنيين لكسر حلقة الجوع المتوارثة عبر الاجيال. وأضافت سنواصل تقديم المساعدات الغذائية الحيوية وتحسين الامن الغذائي والتغذية ولكن في نفس الوقت سنعمل على بناء قدرة هذه المجتمعات على التحمل ومواجهة الازمات وضمان ان تكون الاسر نفسها قادرة على توفير احتياجاتها الغذائية من خلال الغذاء مقابل العمل ، والغذاء مقابل التدريب والانشطة الأخرى المدرة للدخل.[c1]تقارير أممية[/c]في تقرير لمنظمة الأمم المتحدة للأمومة والطفولة(اليونيسيف)تفاصيل مثيرة تضع اليمن في مصاف أكثر البلدان معاناةٍ من سوء التغذية المزمن؛ في مرتبة ثانية بعد أفغانستان والصومال، ويشير إلى أن (10ملايين) يمني يعانون من انعدام الأمن الغذائي، وأن (5ملايين) من السكان يعانون من انعدام الأمن الغذائي الشديد، بينما يرزح مليون طفل دون سن الخامسة تحت وطأة المعاناة من سوء التغذية الشديد في جميع أنحاء البلاد، ونحو(276ألف) طفل مهددون بالموت بسبب سوء التغذية، الأمر الذي ينذر بوضع كارثي ما لم يتم تداركه عبر تدخلات صحية وتغذوية وقطاعية فورية وطويلة الأجل.[c1]مشكلة سيئة للغاية[/c]ويُشار إلى أن اليمن هي البلد الأعلى في معدلات وفيات الأطفال دون سن الخامسة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والتي تصل إلى نحو(77) وفاة لكل (1,000) ولادة حية، وهذا يعني أن نحو(69 ألفاً) من الأطفال يموتون سنوياً قبل بلوغهم سن الخامسة. كما صنف اليمن ثاني بلد في العالم بعد أفغانستان في مؤشر قصر القامة (التقزم). ويذكر تقرير أوردته منظمة اليونيسيف أن (58 %) من الأطفال في اليمن ممن تقل أعمارهم عن خمس سنوات يعانون من التقزّم، وما نسبته (43 %) من هذه الشريحة العمرية ترزح تحت طائلة المعاناة من نقص الوزن، وأن ما نسبته (15%) يعانون من الهزال العام، في حين يعاني الكثير منهم من فقر الدم والكساح وغيرها من مظاهر سوء التغذية الناجمة عن نقص الحديد واليود وفيتامين(أ).[c1]مسح تغذوي[/c]وفي قراءةٍ لنتائج المسح التغذوي لإدارة التغذية بوزارة الصحة العامة والسكان في الفترة الممتدة بين عامي (2011م و2012م)، والذي شمل (6)محافظات يمنية وهي(الحديدة، حجة، تعز، ريمة، عدن، لحج)، لم يظهر أي تحسنٍ لمؤشر التغذية؛ بل وصل إلى حدٍ شديد الحرج يرقى إلى مستويات الأزمة، لوجود (15 % ) من الأطفال دون سن الخامسة يعانون من سوء تغذية شديد، قابله في بعض المناطق معدلات سوء تغذية أعلى بكثير وصولاً إلى(32 %)، وهذا- لا شك- يتجاوز ضعف المعدلات الدولية للحالات الطارئة.ويشير هذا المسح التغذوي إلى أن محافظة ريمة اليمنية، أسوأ حالاً من أي محافظة أخرى شملها المسح، إذ يصل فيها النمو المتعثر إلى ما نسبته(70 %)؛ متجاوزاً الحد الحرج الذي يبلغ (40 %)- بحسب تصنيف منظمة الصحة العالمية- مما يُعبر عن سوء تغذية مزمن يتطلب- لأجل الوقاية ومنع المزيد من المعاناة- تدخلات تغذوية صحية طويلة الأجل.كما أثبتت دراسة استقصائية أجرتها وزارة الصحة العامة والسكان اليمنية بدعم من ‹›اليونيسيف›› شملت 3104 أسر في محافظة الحديدة، جمعت خلالها بيانات عن 4668 طفلاً دون سن الخامسة، أن نسبة نقص الوزن الحاد بلغت 31.7 % - أي ثلث الأطفال الذين شملهم الاستطلاع يعانون نقص الوزن الحاد. وتتجاوز هذه الأرقام ضعف عتبة الطوارئ المتعارف عليها دولياً والتي تبلغ 15 في المائة.[c1]مخاطر على المرأة والطفل[/c]ووفقاً لتقارير سابقة تعود إلى العقد الماضي، فإن ما نسبته (25 %)من النساء في اليمن يعانين من سوء التغذية، وهي نسبة كبيرة تعكس بوضوح شيوع معاناتهن من نقص طاقةٍ مزمن. وتشير التقارير ذاتها إلى أن النساء اليمنيات في سن الإنجاب يعانين- كذلك- من فقر الدم.يُذكر أن خطورة سوء التغذية على الأطفال والنساء- وخصوصاً الحوامل والمرضعات منهن- تتجلى بوضوح في إضعاف مناعة الجسم المقاومة للأمراض المعدية، مما يجلهم -عموماً- أكثر عرضة لخطر الموت، وفي هذا دلالة واضحة بأن سوء التغذية سبب مؤكد في ارتفاع معدلات الوفيات لدى هاتين الفئتين.[c1]تجديد الالتزام[/c]وقالت ماريا كاليفيس المديرة الإقليمية لليونيسيف بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا (إن النزاعات والفقر والجفاف، إضافة إلى الاضطرابات الحاصلة في اليمن منذ العام الماضي وارتفاع أسعار الغذاء والوقود وانهيار الخدمات الاجتماعية، كلها عوامل تهدد صحة الأطفال وبقاءهم).وأضافت كاليفيس «الآن أكثر من أي وقت مضى لا بد من تجديد التزامنا بتحقيق مستقبل أفضل وأكثر أمنا لأطفال اليمن ومع استعداد اليمن لبدء مرحلة جديدة يجب وضع الأطفال في صدارة الأجندة السياسية للبلاد لضمان توفير احتياجاتهم وحفظ حقوقهم.وبينت كاليفيس أن مشكلة سوء التغذية في اليمن ليست محصورة في قلة الغذاء، بل المسألة أكثر تعقيدًا ومرتبطة بحرمان طويل ومستمر، ولها أبعاد أخرى تتمثل في ضعف الصحة والافتقار إلى التحصين والبيئة الصحية الملائمة، مشيرة إلى أن هذه المشكلة تزداد سنة بعد أخرى، وتفاقمت بشكل خطير جدًّا خلال الأزمة التي شهدها اليمن عام 2011 .وقالت ‹›اليونيسيف›› إن المساعدات الغذائية وحدها لا تكفي لمعالجة سوء التغذية، فهناك حاجة ماسة إلى بذل جهود أكبر لدعم الأمن الغذائي للأسر، إضافة إلى تغيير الممارسات والسلوكيات الغذائية المتبعة، إلى جانب توفير الحد الأدنى من الرعاية الصحية الأولية وخدمات التغذية مثل الأغذية العلاجية، والمياه الصالحة للشرب والصرف الصحي والنظافة للسكان المتضررين من النزاع . ومع كل ما تقدم فهناك ضعف شديد لدى المواطنين والأجهزة الحكومية في الاهتمام بهذه القضية , يعود إلى الجهل وعدم المعرفة بحجم المشكلة وآثارها الوخيمة على صحة وحياة الأطفال . كما أن استمرار تزايد المشكلة ناتج عن سوء فهم لطبيعتها ومسبباتها وبالتالي طرق معالجتها.[c1]أسباب وعوامل[/c]ووفقا لعدة دراسات وتقارير رسمية فإن ثمة عوامل مجتمعة قد ساهمت في تفاقم معدلات سوء التغذية في اليمن بمعية العوامل المتعلقة بالنظافة وشيوع الأمراض المعدية والمستوى الرديء لصحة البيئة وإمدادات المياه والوصول إلى مياه شربٍ نقية وصالحة ومرافق للصرف الصحي. يضاف إليها العادات السيئة في التغذية ، عادة مضغ القات السيئة والمنتشرة بشكلٍ عام بين أوساط اليمنيين ومن بينهم النساء، حيث يبدو تأثيره السلبي جلياً خلال فترتي الحمل والإرضاع ، الحالة الصحية التغذوية السيئة لدى الأمهات-عموماً- وعند الحوامل والمرضعات بشكل خاص ، ارتفاع مستوى الأمية لاسيما بين الأمهات، مما يفاقم حجم المشكلة بسبب الجهل بأسس التغذية السليمة ، الزيادة في معدلات انعدام الأمن الغذائي في اليمن لتشمل حوالي (44,5 %)من السكان، بينما (22%) منهم يعانون من انعدام أمن غذائيٍ شديد.[c1]عواقب اقتصادية[/c]وتبدو مشكلة سوء التغذية في اليمن بأبعادها المختلفة سيئة للغاية مقارنة بالكثير من بلدان العالم، فهي على الصعيد الاقتصادي تمثل عائقاً حقيقياً أمام التنمية, وتحدياً كبيراً يواجه الحكومة اليمنية في تحقيق أهداف التنمية المستدامة, فجراء استمرار هذه المشكلة تتكبد اليمن خسائر سنوية هائلة تقدر بـ (3%) من الناتج المحلي الإجمالي, ووفقاً لتقديرات عام2012م بلغت خسائرها السنوية (254ملياراً و538مليون) ريال، وتتزايد عاماً بعد آخر.فالوضع أشبه إلى الوصف بكارثة انبرت آثارها بوحشية وامتدت أضرارها فطالت جوانب الحياة الاقتصادية والاجتماعية والصحية؛ مؤثرةً على ملايين الأطفال في بلدٍ فاض قديماً بالخيرات فنال حينها- عن استحقاق- لقب(أرض العرب السعيدة)..وفي الحاضر بات سوء التغذية بحق الخطر القائم؛ يسلب البراءة الحياة وتفقدها سبل النجاة أو يقود بها إلى حياةٍ معطلةٍ مفرغةٍ من السعادة يطويها الحزن وتكبلها العلل والآلام.لقد أثر سوء التغذية على التنمية الاقتصادية في اليمن حيث يواجه اليمن معدل نمو سكاني متزايد بنسبة (3 % )، وتشكل فيه الفئة العمرية تحت سن(15)عاماً نسبة (50 %) من إجمالي السكان، مما يعني زيادة الطلب على الخدمات ومزيداً من الأعباء على الحكومة, وبالمقابل، تصل نسبة السكان الذين يعيشون في اليمن على أقل من دولارين- بموجب تقرير التنمية الإنسانية للعام 2012م- إلى (17,5 %)، في الذي الوقت الذي يعاني فيه اليمنيون من انعدام الاكتفاء الذاتي.وتعتبر اليمن في المرتبة الـ (72)من أصل (81) بلداً يعاني من عدم وجود اكتفاء ذاتي في معظم المواد الغذائية الأساسية؛ مثل القمح والأرز، حيث تستورد (90%) من حاجتها من القمح و(100 %) من احتياجاتها من الأرز، مما يعني أن السوق اليمنية غير قادرة على تأمين احتياجاتها الغذائية، وفي الوقت ذاته شكل ارتفاع الأسعار أحد العوامل التي أدت إلى انعدام الأمن الغذائي.واستمرار حالة سوء التغذية في اليمن- بطبيعة الحال- يكبدها خسائر مادية كبيرة تقدر سنويا بـ (3%) من إجمالي الناتج القومي الإجمالي, فعلى ضوء تقديرات عام 2011م بلغت تلك الخسائر تحديداً (252,311,670,000) ريال، وتوالت هذه الخسائر لتصل عام2012م إلى (254,537,970,000) ريال, وهذا يظهر الآثار الخطيرة لسوء التغذية على الاقتصاد اليمني، مما يعني أنه يشكل تحدياً كبيراً وعائقاً جسيماً لمسار التنمية في اليمن.[c1]ارتفاع الوفيات[/c]يعتبر سوء التغذية من أعظم التهديدات التي تواجه الصحة العامة، وبالتالي فإن مسألة تحسين التغذية هي أعظم نموذج لتقديم المساعدة والمعونة.كما أن سوء التغذية يُعد المساهم الأكبر في وفيات الأطفال، بنسبة تقدر بنحو(50 %) بين الأطفال، بينما شكلت كل من نسبة المواليد ناقصي الوزن وقصور النمو داخل الرحم- على مستوى العالم- السبب الكامن في وفيات(2,2مليون) طفل سنوياً.وتبدو الرضاعة الطبيعة القاصرة أو المنعدمة أصلاً نتيجة الاعتماد الكامل على الرضاعة الصناعية أحد أبرز المشكلات؛ كونها تمثل سبباً في وفاة نحو(1,4 مليون) طفل آخر حول العالم.[c1]عواقب مرضية[/c]يزيد سوء التغذية من مخاطر التعرض للعدوى والإصابة بالأمراض المعدية، منها أن سوء التغذية العام يؤدي إلى انخفاض وزن الجسم مقارنة بالعمر أو الطول. إن سوء التغذية الناجم عن نقص الفيتامينات والمغذيات الزهيدة المقدار يُفضي إلى حدوث كثير من مشاكل الصحة بدنياً وعقلياً. وظهور سوء التغذية خلال سن الإنجاب لدى النساء مسألة واردة- إلى حدٍ كبير- تتجلى مع تناول الأمهات لأغذية غير كافية كماً ونوعاً، فيصبحن بذلك غير قادرات على تحمل متاعب الحمل وعرضة للإصابة بالأمراض المتكررة، وما يترتب عليه من ولادة أطفالٍ ناقصي الوزن؛ ذوي فرصة أقل في البقاء على قيد الحياة, وإذا بقوا على قيد الحياة فسيكونون أكثر عرضة للإصابة بالأمراض وتأخر النمو الجسدي وضعف النمو العقلي.إلى جانب مضاعفات أخرى طويلة الأمد تتمثل في التقزم ونقص القدرة على أداء المهام التي يحتاجها الفرد لتأمين الموارد اللازمة للحياة؛ ومن ثم قلة الإنتاجية وتدني الدخل الضروري للمعيشة مع ضعف القدرة على التحصيل العلمي.من ناحية أخرى، يؤدي سوء التغذية عند الأمهات المرضعات إلى نضوب مخزون العناصر الغذائية الأساسية بالجسم؛ مثل (الكالسيوم، الزنك، الماغنيسيوم، حامض الفوليك، فيتامين ألف) وربما البروتينات، ويمكن لمثل هذا النقص أن يزيد من خطر إصابة الأم بمرض هشاشة العظام.ولأن متطلبات الطاقة الغذائية تزداد بشكلٍ ملحوظ خلال فترة الحمل والرضاعة, فإنه وبمعزلٍ عن تلبية احتياجات الطاقة لدى الحامل تكون النتيجة أنها تلد مولوداً منخفض الوزن، يقابله انخفاض مخازن الدهون لديها؛ بما يحد من نجاح الرضاعة الطبيعية.وليس المعنى هنا أن تعذر نجاح الرضاعة عائدٌ إلى انخفاض كمية حليب الأم، فهذا الاعتقاد ليس صحيحاً، وذلك لأن كمية حليب الأم تعتمد أساساً على عدد مرات الرضاعة ومدى فعالية مص الطفل للثدي، وهو ما تؤكده العديد من الأبحاث والدراسات العلمية. [c1]آثار نفسية[/c]وبناء على ما أوردته (مجلة اللانست العلمية)، فإن سوء التغذية المتمثلة في نقص اليود يمثل السبب الحتمي الأكثر شيوعاً وراء حدوث التخلف العقلي عند الأطفال عبر أرجاء العالم، لدرجة أن النقص المتوسط من مادة اليود - وخاصة عند النساء الحوامل والأطفال- يمثل العامل الذي يقلل من مستويات الذكاء بمعدل (10- 15) نقطة في مقياس الذكاء.من ناحية ثانية، فقد ارتبط التعلم والتحصيل الدراسي الجيد بالوجبة الغذائية؛ لما للأخيرة من تأثيرٍ على قدرات التعلم والاستيعاب وسعة الذاكرة، ووجد- بحسب الدراسات- أن الأطفال الذين يتناولون مكونات غذائية أفضل يتسمون بأداء دراسي أفضل.وهنا، تعتبر مشكلة سوء التغذية في اليمن من أهم أسباب تأخير عجلة التنمية والتطور، وبقدر ما تسهم به في هذا التأخر فإنها - أيضاً- نتيجة حتمية له. [c1]مواجهة مشتركة[/c]تعد المعدلات المرتفعة لسوء التغذية في اليمن نتاج تفاعل العديد من العوامل الاقتصادية والاجتماعية والبيئية بصورةٍ تتداخل فيها أدوار ومسؤوليات واختصاصات العديد من الدوائر الحكومية والقطاعات والجهات الأخرى ذات العلاقة وفي مقدمتها السلطة المحلية بالمحافظات ووزارات (الزراعة، الصحة، المياه والبيئة، الشؤون الاجتماعية، التجارة والصناعة، التربية، الإعلام، الأوقاف والإرشاد والتعليم العالي)، بالإضافة إلى منظمات المجتمع المدني والمجتمع الدولي والأسرة ، وهو ما يجعلها كلها مشتركة في مواجهة هذه المشكلة التنموية الكبيرة .[c1]خلاصة القول[/c]إن تبعات مشكلة سوء التغذية ومسئوليات مواجهتها تقع على كاهل الجميع مؤسسات وأفراد حكومة ومنظمات مجتمع مدني وقطاعاً خاصاً ومجتمعاً دولياً وعلى الجميع ان يتحمل مسئولياته من أجل التصدي لها بكفاءة واقتدار على مختلف المستويات ، فهي تعتبر مشكلة كبيرة تكاد تمثل كارثة حقيقية ما لم تنل مكافحتها أولوية واهتماماً ملموساً من جميع المعنيين ، وهو ما يُحتم ويفرض على الجميع وعلى رأسهم وسائل الإعلام والمعنيون بالأمن الغذائي ورعاية الأمومة والطفولة تسليط الضوء أكثر على هذه القضية من اجل المجابهة والتصدي لوقف تداعيات خطرها على الفرد والمجتمع والوطن عموما .