بادئ ذي بدء لا بد أن نوضح أن النقاب هو زي مختلف عن الحجاب الإسلامي، الذي نؤيده ويظهر فيه الوجه والكفان، ولكننا ضد النقاب الوثني - الجاهلي الذي يخفي جميع الجسم بما في ذلك الوجه والكفان عدا العينين، فلا يرى الإنسان سوى كتلة من السواد لا يدري هل هي ذكر أم أنثى، ويحتار المرء حول هويتها هل هي إنسان أم شبح؟![c1]أنصـــار النقـــاب :ينقسم أنصار النقاب إلى ثلاثة اتجاهات:[/c]الاتجاه الأول: يرى أنه (واجب).الاتجاه الثاني: يرى أنه (مندوب).الاتجاه الثالث: يرى أصحاب الاتجاه الثالث أنه (مباح) و(مستحب عند الفتنة).والسؤال هو: لماذا الاختلاف لدى أصحاب الاتجاه القائل بوجوب النقاب؟إن السبب في ذلك هو: إن النص القرآني والسنة النبوية لم يقولا بوجوب النقاب، كما أن القول بأن النقاب (مستحب عند الفتنة) مرفوض شرعاً لأنه ليس إلا مجرد رأي سبقته نصوص شرعية ثابتة، هي الأولى بالاتباع والالتزام، وهو ما مفاده كفاية ما ورد من النصوص الشرعية، بالنسبة لوجه المرأة خصوصاً ولفتنتها على وجه العموم.كما أن مقولة (مستحب عند الفتنة)!! توحي بأن ما جاء بالإسلام من أحكام ثابتة بالنصوص الشرعية إنما يختص بالنساء الجميلات فقط( 1) (!!) ومعلوم أن الإسلام قد استوفى تناوله مسألة (فتنة النساء) من جميع الوجوه وعالجها أعظم العلاج دون أن يقسم النساء إلى قسمين: جميلات، وقبيحات، والقول بغير ذلك لا يُقبل شرعاً أو عقلاً أو أخلاقاً(2 ).لقد ذهب كثيرون إلى أن النقاب أي الحجاب الإسلامي ربما كان خاصاً بأزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم دون غيرهن. وقد أجمع على ذلك المؤيدون للتعميم يستمدون رأيهم من باب التأسي وليس من حكم العمومية، لأن دليل الخصوصية في مسألة النقاب. - والراجح أنه الحجاب الإسلامي وليس النقاب السائد اليوم، واضح وصريح بنص الآية كما جاءت في سورة الأحزاب، حيث قال تعالى: ((إن ذلكم كان يؤذي النبي فيستحي منكم والله لا يستحي من الحق وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبداً ذلكم كان عند الله عظيماً)).والثابت هو أن الآية نزلت في نساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمهات المؤمنين فقط، ودليل التخصيص قوله تعالى: ((إن ذلكم كان يؤذي النبي فيستحي منكم)) مع الإشارة إلى أن الآية نزلت في شأن الحجاب الإسلامي (كشف الوجه والكفين وتغطية ما دونهما) - وليس النقاب - يضاف إلى ذلك. إن الله وصف في قرآنه نساء النبي بأنهن لسن كأحد من النساء.وفي الحديث الموقوف الذي رواه (البخاري) و (مسلم)، عن أنس رضي الله عنه - قال (عمر ابن الخطاب) يا رسول الله، إن نساءك يدخل عليهن البر والفاجر فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب!!قد يقول البعض: إن النقاب اليهودي الجذور لا ضرر فيه وهو أفضل من التحلل.والجواب هو: إن هذا كلام غير سليم من الناحية الأصولية، فإن الأحكام الثابتة توجب الالتزام بها دون بحث مدى تحقق الضرر منها من عدمه، كما أن القاعدة الشرعية تقرر أن الغالي - المغالي - في الدين كالجافي عنه، فكلاهما متشابهان في إفساد الأحكام.ولدى أنصار التنوير والحداثة فإن الإسلام لم يأمر المرأة حتى بتغطية وجهها أو يديها، بل إن من تفعل ذلك تحرم ما أحله الله، وندلل على ذلك بواقعة من التاريخ القديم حدثت في منـزل (أبي بكر الصديق) - الخليفة الأول، والواقعة يرويها (الطبراني) عن (قيس بن أبي حازم) (وهو ثقة من أقدم التابعين على الإطلاق، وله منـزلة كبيرة، حيث روى عن تسعة من العشرة المبشرين بالجنة، قال: (دخلنا على أبي بكر - رضي الله عنه - في مرضه، فرأيت عنده امرأة بيضاء، موشومة اليدين تذب عنه، وهي أسماء بنت غميس).البيضاء لم تكن سوى زوجة الخليفة أبي بكر، أي أن الرواي - ومعه كثيرون - رأى وجهها وتحقق منه ورأى يديها بأدق تفاصيلها - الوشم - ولو كان في ذلك أدنى حرمانية لأمر أبو بكر زوجته بالابتعاد أو بالنقاب.وهناك عدد كبير من القواعد الأصولية الفقهية التي تؤكد الحكم بعدم مشروعية النقاب وأكثر من ثلاثة عشر نصاً قرآنياً تؤكد ذات الحكم، إن (من حرم حلالاً كمن أحل حراماً، سواء بسواء)، هذا ما أجمع عليه الفقهاء، وكشف الوجه واليدين حلال قطعاً، لذلك فالقول بالنقاب حرام بالإجماع.ويرى كثيرون أننا صرنا ننظر إلى أمر المرأة غير المنتقبة أو غير المنقّبة في مقارنة مع المرأة المنتقبة أو المنقبة، ونحن نشفق على هذه أكثر من إشفاقنا على تلك، لأن الثانية (المنتقبة) عاصية ولكنها تعتقد أنها فاضلة، كما أن غير المنتقبة ليست عرضة للكبر والعجب المانعين من دخول الجنة، بينما الثانية أكثر عرضة لذلك.[c1] النقـــاب معصيـــة ( 3):[/c]لا ريب أنه سوف يثير حفيظة المتشددين والرجعيين المعاصرين من أنصار المذهب الوهابي وأتباعه القول بأن النقاب معصية.ولكن الأدلة الشرعية والشواهد الحياتية على ذلك كثيرة ومنها:[c1]الدليل الأول :[/c] درء المفاسد مقدم على جلب المصالح. (المادة (4) من القانون المدني اليمني) والضرر يجب أن يزال.ولا ريب أن الأضرار الناجمة عن النقاب كثيرة مما يتوجب معه منعه في الأماكن العامة ومنها دور العلم كالجامعات والقضاء والنيابات والمستشفيات والمراكز الثقافية وأماكن العمل من وزارات وغيرها ... الخ.ولا ريب أن النقاب يحول دون الشفافية بمنع معرفة الآخر، وهذه مفسدة كبيرة يجب درؤها بمنع النقاب في أماكن العمل وفي الأحوال التي تمارس فيها المرأة أعمالاً تشكل خطراً على حياة الناس كسياقة السيارات أو حيث يجب أن تسود الشفافية والصدق ويعرف كل طرف الآخر على حقيقته دون زيف أو اختفاء وراء النقاب كالتدريس في المدارس والجامعات والمهن الطبية والقاضيات على منصة القضاء والمحاميات في ساحات العدالة وأعضاء النيابة العامة.والثابت شرعاً أن مفسدة عدم التعرف على الشخص أكبر من المصلحة الشخصية التي يحققها من الاختفاء وراء النقاب، كإخفاء قبح الوجه أو تشويه فيه أو محاولة منع التعرف عليه للتمكن من ارتكاب الجرائم والإفلات من الملاحقة بسبب اختفاء الفاعل وراء النقاب ... الخ.[c1]الدليل الثاني : [/c]الإسلام دين الوسطية ((وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس)) «سورة البقرة، الآية (143» فإذا كان الوقار في الثياب وسطاً ما بين الخلاعة في الثياب والحجاب، وعندما ظهر الحجاب صار وسطاً ما بين الوقار والحشمة والخمار، ثم عندما شعرت المؤمنات أنهن قد يكن موضع فتنة برغم الطرحة التي تغطي رؤوسهن ظهر الخمار الذي صار وسطاً ما بين الحجاب والإسدال. ثم عندما شعرت المختمرات أن هناك من قد يتلصص على نصفهن السفلي ظهر الإسدال الذي صار وسطاً بين الخمار والنقاب، لكن عندما ظهر النقاب لا يمكن أن يكون وسطاً ما بين طرفين بأي حال من الأحوال، إلا ما بين الإبقاء على المرأة كائناً إنسانياً صاحب ملامح والقضاء عليها وصيرورتها كتلة من السواد كقطعة الليل الحالك ما عدا ثقبين في الوجه يطلق عليهما (العينان)؟![c1]الدليل الثالث :[/c] الله جميل يحب كل جميل، فهل يتفق النقاب مع تلك القاعدة؟ هل يمكن للمنقبة المرتدية الثياب الحالكة السواد والتي لا يظهر منها شيء سوى عينين بعدستين ملونتين (صناعة أوروبية) في أحيان كثيرة، أو قد ترتدي نظارة تعكس الضوء للناظرين حولها فتنشر الريبة والكآبة أو لا يظهر من المرأة شيء على الإطلاق، هل يمكن لمنظر المرأة هذا أن يشكل أية درجة من الجمال بينما هو مجرد كومة من السواد على هيئة رأس بدون وجه.[c1]الدليل الرابع : [/c]إن النقاب فرض في الماضي السحيق على (الحرائر) ليتم التفرقة بينهن وبين الإماء كما ذكر (ابن كثير) في تفسيره عن الظرف الذي نزلت فيه الآية القرآنية بسورة الأحزاب ((يأيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين)).هل بناتنا وأخواتنا المتنقبات أو المنتقبات أو المنقبات(4 ) يخرجن إلى الخلاء لقضاء حاجتهن وسط رمال الصحراء كما كانت تفعل نساء المؤمنين في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم لكي يتسنى لهن ارتداء الجلباب على أجسادهن؟ ولتتم التفرقة بينهن وبين الإماء فلا يؤذين؟!الدليل الخامس : يعود أصل النقاب إلى اليهودية، حيث ورد في (العهد القديم - التوراة) من الكتاب المقدس ما يشير إلى لبس النساء للنقاب حتى في حوالي القرن التاسع عشر قبل الميلاد: ((ورفعت رفقة «ريبيكا» عينيها فرأت إسحاق، فأخذت البرقع وتغطت)) (سفر التكوين 24 : 65)وفي سفر (إشعيا 3 : 16 - 23) ((وقضى الله على بنات صهيون إذ يتشامخن ويمشين ممدودات العناق غامزات بعيونهن وخاطرات في سيرهن يخشخشن بأرجلهن، أن يعري عورتهن وينـزع في ذلك اليوم زينة الخلاخيل والأساور والبراقع)).وفي العهد الجديد (الرسالة الأولى إلى أهل كورنثوس 11 : 7 - 10): ((لا حاجة بالرجل إلى تغطية رأسه، فهو صورة الله ومرآة مجده، أما المرأة فمرآة لمجد الرجل. فالرجل ليس من المرأة بل المرأة من الرجل. ولم يخلق الرجل من أجل المرأة بل المرأة خلقت من أجل الرجل. لهذا وجب على المرأة أن تلبس نقاباً على رأسها احتراماً منها للملائكة)).[c1]الدليل السادس :[/c] انتفاء العلة فيجب زوال النقاب بانتفائها لأن العلة تدور مع المعلول وجوداً وعدماً.((كان ناس من فساق أهل المدينة يخرجون بالليل حين يختلط الظلام إلى طرق المدينة فيعرضون للنساء وكانت مساكن أهل المدينة ضيقة فإذا كان الليل خرج النساء إلى الطرق يقضين حاجتهن فكان أولئك الفساق يبتغون ذلك منهن فإذا رأوا المرأة عليها جلباب قالوا هذه حرة فكفوا عنها، وإذا رأوا المرأة ليس عليها جلباب قالوا هذه أمة فوثبوا عليها وقال مجاهد يتجلبن فيعلم أنهن حرائر فلا يتعرض لهن فاسق بأذى ولا ريبة)). (ابن كثير)ويتضح مما ذكره (ابن كثير) أن النقاب إنما كان فرضه على الحرائر في زمن غير زماننا حيث العبودية صارت جريمة دولية، لذلك لكي تكون المتنقبات الملتزمات بالحياة الإسلامية القديمة حرائر حقيقة لا حكماً لا بد أن يكون لديهن (إماء) أي جوارٍ، فهل سعت الأخوات المتنقبات لأن يكون لديهن (إماء) لإعادة أجواء المجتمع الإسلامي القديم؟ وهل يمكنهن ذلك رغم أن قانون العقوبات اليمني في المادة (248) منه يعاقب على الاتجار بالرقيق (العبيد) وتصل العقوبة إلى عشر سنوات؟![c1]الدليل السابع : [/c]عندما يأمر الله المؤمنين والمؤمنات بغض أبصارهم فإن المعنى من ذلك أن كلاً من المرأة والرجل يرى الآخر ولذلك جاء الأمر بغض البصر ولا يمكن أن يفرض الله تعالى على المرأة تغطية وجهها ثم يأمر الرجل بغض بصره عنها ولا يمكن أن يأمر الله المرأة بغض بصرها إلا إذا كانت ترى الرجال وهم يرونها دون نقاب أو خمار يخفي ملامح أي منهما.[c1]الدليل الثامن :[/c]يثير النقاب في النفس مشاعر الخوف، والتوجس، وعدم الارتياح من كل ما يقبع خلفه من كائن شبح مجهول الهوية، والملامح، والسمات. ومما يضاعف هذه المشاعر المخاطر الأمنية، وغير القانونية الكامنة خلف ارتداء النقاب ابتداءً من الغش والخداع حتى الاغتيالات.[c1]الدليل التاسع :[/c]يجسد النقاب، وبقوة، ذاك المفهوم الظلامي العام، الذي يعتبر المرأة عورة كاملة، ومفسدة للصلاة ولذا لا يجوز أن يظهر منها شيء على الإطلاق. ويكرس أحقية الرجل بامتلاك مصيرها، وتوجيهه بما لا يفك أسر النساء أبداً، من قبضة الرجال، فالرياضة، والرقص والجري، والمشي، والموسيقى، والطعام، والشراب بحرية كلها نشاطات إنسانية أساسية، تحرم منها المرأة المنقبة، ولا تستطيع ممارستها بحال من الأحوال.[c1] الدليل العاشر :[/c]أمسى النقاب في عصرنا وسيلة خطيرة واسعة الانتشار لإخفاء الجرائم والمجرمين لعدم معرفة هوية الفاعل وتمكينه من التسلل إلى الأماكن الخاصة والظهور في الأماكن العامة دون معرفة هويته فيرتكب جريمته الجنائية أو الإرهابية وينجو بفعلته وتقيد الجريمة ضد مجهول، وهذه مفسدة كبيرة تفوق المصلحة التي تعود على صاحبات النقاب وأنصاره، والمقرر شرعاً وقانوناً أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح.[c1]الدليل الحادي عشر : [/c]النقاب وسيلة للغش فلا يستطيع الخاطب، على سبيل المثال، رؤية خطيبته بحجة أنها منقبة وغالباً ما يخفي النقاب قبْحاً لو عرفه الخاطب لما أقدم على الخطبة والزواج، والحديث الشريف: (من غشنا ليس منا).[c1]البرهـــان القضائـــي :[/c]حكمت المحكمة الدستورية العليا في مصر بدستورية منع النقاب في المدارس، وورد بهذا الصدد في حيثيات الحكم ما يلي:وحيث إن تنازع الفقهاء فيما بينهم في مجال تأويل النصوص القرآنية، وما نقل عن الرسول صلىالله عليه وآله وسلم من أحاديثه صحيحها وضعيفها، وإن آل إلى تباين الآراء في شأن لباس المرأة، وما ينبغي ستره من بدنها، إلا أن الشريعة الإسلامية - في جوهر أحكامها وبمراعاة مقاصدها - تتوخى من ضبطها لثيابها، أن تعلي قدرها، ولا تجعل للحيوانية مدخلاً إليها، ليكون سلوكها رفيعاً لا ابتذال فيه ولا اختيال، وبما لا يوقعها في الحرج إذا اعتبر بدنها كله عورة مع حاجتها إلى تلقي العلوم على اختلافها، وإلى الخروج لمباشرة ما يلزمها من الأعمال التي تختلط فيها بالآخرين، وليس متصوراً، بالتالي، أن تموج الحياة بكل مظاهرها من حولها، وأن يطلب منها على وجه الاقتضاء، أن تكون شبحاً مكسواً بالسواد أو بغيره، بل يتعين أن يكون لباسها شرعاً قرين تقواها، وبما لا يعطل حركتها في الحياة، فلا يكون محدداً لجمال صورتها، ولا حائلاً دون يقظتها، ومباشرتها لصور النشاط التي تفرضها حاجتها ويقتضيها خير مجتمعها، بل موازناً بين الأمرين، ومُحَدَّداً على ضوء الضرورة، وبمراعاة ما يعتبر عادة وعرفاً صحيحين ولا يجوز بالتالي أن يكون لباسها، مجاوزاً حد الاعتدال، ولا احتجاباً لكل بدنها ليضيق عليها اعتسافاً، ولا إسدالاً لخمارها من وراء ظهرها، بل اتصالاً بصدرها ونحرها فلا ينكشفان، مصداقاً لقوله تعالى: ((وليضربن بخمرهن على جيوبهن)) واقتراناً بقوله جل شأنه بأن: ((يدنين عليهن من جلابيبهن)) فلا يبدو من ظاهر زينتها إلا ما لا يعد عورة، وهما وجهها وكفاها، بل وقدماها عند بعض الفقهاء (ابتلاءً بإبدائهما) على حد قول الحنفية، ودون أن يضربن بأرجلهن ((ليعلم ما يخفين من زينتهن))(5 ).[c1]الشيخ (الغزالي) والنقاب :[/c]يقول الشيخ (محمد الغزالي) رحمه الله والذي يعتبر من كبار فقهاء علماء الإسلام في عصرنا: (العبرة ليست بالحجاب المادي مهما يكن صفيقاً ومانعاً، وإنما العبرة بالحجاب المعنوي والخلقي وهو حجاب الضمير المراقب لله عز وجل، هذا هو الحجاب الحقيقي)، ويستكمل نظرته المستنيرة الشاملة فيقول:((إذا كان إدناء الجلابيب وضرب الخمر على الجيوب مما كان يميز الحرائز الشريفات عن الجواري البغايا في ذلك العصر - عصر الحرائر والجواري - فإن لكل عصر أوضاعه الاجتماعية وأزياءه الملاءمة، التي تخضع لعوالم المناخ والطقس والطبيعة والعرف والعادة وبالظروف والملابسات وقد انتهى عصر الحرائر والإماء - ولن يعود - وما علينا إلا أن نتخذ من الأزياء ما يليق برجالنا ونسائنا في عصرنا)).يواصل الشيخ (الغزالي) حرب شن حملته على السلفية المتزمنة فيقول:((الحجاب الظاهري للمرأة كما تصوره الفتاوى الرجعية ليس إلا دوراً من الأدوار التاريخية لحياة المرأة في العالم وقد انتهى هذا الدور منذ زمن بعيد ولن يعود، ذلك الدور التاريخي الذي كان للحجاب والذي تعطيه الفتاوى التقليدية حجما أكبر من حجمه بكثير، مستندة إلى أقوال وتفسيرات وتأويلات طفحت بها بعض الكتب الفقهية البائدة التي تمثل آراء أصحابها ولا تمثل الإسلام الأصيل، وتصور أحط المجتمعات الإسلامية في العصور الوسطى، كما أنها لا تمثل الظواهر الصحية والتقدمية التي عرفتها المرأة في العصر الإسلامي الأول)).ونختتم مقتطفاتنا من حديقة (الغزالي) الغناء ونبعه العلمي الفياض بقوله:((سيظل أصحاب فتاوى الحجاب والفتنة في فتنة دائمة لا مقطوعة ولا ممنوعة ما داموا غافلين أو متغافلين عن أن هذه الفتنة قائمة بين الجنسين - ولا بد - وهي شر الحياة والعمران، فلنعدل عن محاربتها إلى تنظيمها تربوياً واجتماعياً وواقعياً، بإقامة المجتمع الطبيعي بين الجنسين، لا المجتمع الانفصالي الشاذ الذي على طراز السجون والمعتقلات والقبور، فالمجتمع السافر المفتوح الجامع بين الجنسين لا مكان فيه مطلقاً للاحتجاب ولا خوف فيه من السفور الذي لا صلة له مطلقاً بالفجور!!))( 6).[c1]الهوامش [/c](1 ) وعلى العكس من ذلك دلّت المشاهدات على أن عدداً كبيراً من النساء اللاتي يلبسن النقاب إنما يفعلن ذلك لتغطية قبح وجوههن؟! أما المرأة الجميلة فإنها تلبس الحجاب الإسلامي وترفض النقاب، لأنه يخفي ما وهبها الله من الحُسْن والجمال ويظهرها بمظهر سوداوي قبيح وشنيع. (2 ) د. إسماعيل منصور، (تذكير الأصحاب بتحريم النقاب).(3 ) د. هاشم قاسم، (ولماذا لا يكون النقاب معصية؟)، صحيفة (القاهرة)، العدد (504)، السنة العاشرة الثلاثاء 5 يناير 2010م.(4 ) نفرق بين المنتقبات والمنقبات من حيث أن الكلمة الأولى تعني أن لبس النقاب كان طواعية دون إكراه، بينما المنقبات جرى إكراههن مادياً أو معنوياً على ارتداء النقاب.(5 ) حكم المحكمة الدستورية العليا المصرية، الصادر في 18 مايو 1996م الموافق 30 ذو الحجة 1416هـ، كذلك راجع: صحيفة (القاهرة)، الثلاثاء 20 أكتوبر 2009م، العدد (494)، السنة العاشرة.(6 ) خالد منتصر، (حرب الشيخ الغزالي .. حرب ضد النقاب)، صحيفة (الحوادث) المصرية 25 من شوال 1430هـ - 14 من أكتوبر 2009م.
|
دراسات
فصل الخطاب في حكم النقاب
أخبار متعلقة