يبدو إن ما سمي بالخريف العربي قد أقتحم خصوصياتنا وأفسدها وبدأنا نلمس عوائق تلك الفوضى بين تفاصيل يومياتنا فسيأتي اليوم الذي نرى فيه الابناء رافعين لافتات أرحلوا لوالديهم، والازواج والزوجات يتبادلون تلك الرايات المطالبة بالرحيل.وأخذني حديث النفس الى تجمعنا الشهري أنا وصديقاتي المقربات والذي ناهز العشرين عاماً وأنا في طريقي إليه.لو وصلت ووجدت تلك اللوحات التي تطالب برحيل بعضنا لمجرد الاختلاف بالرأي .تبسمت عندما دخلت وبدا كل شيء على ما تعودنا عليه مرتبا ًوأنيقاً كما نرغب.. أخذت مكاني بينهن رميا ليس بجسدي، وإنما بما أحمله من هموم ،وآلام أثقلت كاهلي ..ارتفعت الاصوات بالكلام، أو بإلقاء النكت ذات النكهة السياسية ...إلا من توسطتهما التفت يمينا وشمالا ولاحظت بأن سلمى صامتة ولم تفتح فمها بكلمة... وعزيزة كعادتها لم تتثاءب ولم تبد عدم المبالاة ببعض التفاصيل التي نتفق عليها... فما لبثت بتحسس خاتمي وقلت بصوت مرتفع... تلوث الزمن بانهزام جيل المبادئ من الزمن الجميل .فردت سلمى بنفس مستوى صوتي : ما بني على باطل فهو باطل .انفجرت عزيزة قائلة بصوت أعلى قطبت حاجبي على أثره: لهذا تنتهي أغلب حكايتنا بالفشل ....هنا ردت سلمى بعد أن لمحت عيناي برسالة سريعة وكأنها تطلب تأييدي : لقد ذهب جيل المبادئ والزمن الجميل ،وأختلط الحابل بالنابل، وأصبحنا ننام على فتنة ،ونقوم على فتنة .وأخذت عزيزة تنهيدة قوية وقالت بألم :الى أين نتجه ونحن نلهث خلف مجهول...!!؟وقتها التقطت أصابعهن من الجو وتشابكنا بقوة ليخف كل ذلك التوتر وحدثتهن : بأنه يجب إلا نفقد الثقة بالله أبداً، ولابد أن نستمر بإرسال أمانينا إلى السماء وننتظر الوعد بالإجابة كما وعدنا بكتابه الكريم .ردت سلمى : نحن نعيش نفس تفاصيل حرب العراق.وهزت عزيزة رأسها مؤكدة كلام صديقتنا سلمى وأكدت: بأنها غاضبة لموضوع اجتماع الجامعة العربية التي خذلت العراقيين من قبل ...معلله بأنه مؤلم جدا بأن تكون الجامعة العربية التي تبنت حلم الوحدة العربية لا تمت الى واقعنا بصلة... لحظتها أرخيت أصابعي لتحرير أصابعهن وأغمضت عيني على نفس عميق، وشريط مؤلم جداً فقبل العراق كان هناك فلسطين، وبعد العراق كان هناك اليمن ،وتونس ،ومصر، وليبيا، واليوم سوريا... طعنات غدر لا تمحى وأنين وانكسار لا يتوقف ومازالت الصرخة تبحث عن أذن المعتصم ونخوته... في نفس اللحظة تذكرنا كم من ألم تألمنا ونحن نداوي جرحاً يحتفظ بدمه ولم ندعه ينزف ... بينما غيرنا يتألمون من جراح تنزف بغزارة.
|
آراء
نحتفظ بدماء جراحنا
أخبار متعلقة