مع بدء ما يسمى "الربيع العربي" ومع اندلاع الازمة السورية ومع انكشاف التدخل الخارجي فيها لا سيما من الولايات المتحدة الاميركية بدأت المواقف الروسية تتدرج لتعبر عن اصطفافها إلى جانب سوريا ونظامها في وجه أي تدخل خارجي لتصبح بعد سنتين من الازمة لاعباً رئيسياً في الملف السوري وملفات آسيا اضافة إلى دورها الفاعل على الساحة الدولية وكل ذلك كان بقيادة الرئيس فلاديمير بوتين. فمن هو هذا الرجل الذي يريد تغيير العالم؟فلاديميروفيتش بوتين الرئيس الحالي لجمهورية روسيا الاتحادية. ولد في 7 تشرين الأول عام 1952 في لينينغراد (سانت بطرسبورغ حالياً) خريج كلية الحقوق من جامعة لينينغراد في عام 1975، وأدى خدمته العسكرية في جهاز أمن الدولة.وقد اعيد انتخابه رئيساً لجمهورية روسيا الاتحادية في 4 من آذار 2012 وبعد فرز 88 % من الأصوات، تبين حصوله على 64.72 % من الأصوات وهذا ما يجعله فائزاً من الجولة الأولى.تعرف القوة في العلاقات الدولية انها إحدى الوسائل والأدوات التي تستخدمها الدولة لتنفيذ مخططاتها وتحقيق أهدافها ومصالحها في إطار سياستها الخارجية. فمفهوم القوة مفهوم عام شامل يستند إلى عوامل اقتصادية، وسياسية، وعسكرية، وبشرية، تؤثر في بعضها البعض وتعد عاملاً لتحقيق سياسة الدولة في العلاقات الدولية والمجتمع الدولي. يعتبر الرئيس الروسي من أنصار تلك النظرية وأهميتها في العلاقات الدولية.وقالل بوتين في 15 فبراير/2013 أن نظرية السياسة الخارجية الجديدة لروسيا الاتحادية تأخذ بعين الاعتبار التغيرات الأخيرة في العالم، بما في ذلك الأزمة المالية العالمية والاضطربات التي تعيشها منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا».وقال بوتين في إجتماع مجلس الأمن الروسي: " تركز النظرية على ضرورة استخدام الأشكال والمناهج العصرية للعمل السياسي الخارجي، بما في ذلك الدبلوماسية الاقتصادية، وإدخال ما يسمى بعناصر "القوة الناعمة" والاندماج الواعي في التيارات المعلوماتية العالمية" وتأخذ بعين الاعتبار التغيرات الأخيرة الحادثة في العالم، وإعادة توزيع موازين القوة في الشؤون العالمية والبراغماتية والتصميم على تحقيق وحماية المصالح القومية، ودون الدخول بنزاعات أو أي صراع مع أحد قائلاً "إن روسيا ستواصل ممارسة سياسة بناءة فاعلة في الشؤون الدولية، كما ستعزز مكانتها وثقلها وسمعتها في العالم".وهنا يُطرح السؤال التالي: ما هي الأسس والمرتكزات وعناصر القوة التي يبني عليها بوتين هذه السياسة؟روسيا هي أكبر بلد في العالم من حيث المساحة، حيث تغطي نسبة 8/1 من مساحة الأرض المأهولة بالسكان في العالم بمساحة تبلغ 17 مليون كيلومتر مربع كما أنها تاسع أكبر دولة من حيث عدد السكان في العالم بأكثر من 143 مليون نسمة. تمتدُّ روسيا عبر كامل شمال آسيا و40 % من أوروبا، وتمتلك أكبر احتياطي في العالم من الموارد المعدنية والطاقة، ولديها أكبر احتياطيات العالم من الغابات والبحيرات، التي تحتوي ما يقرب من ربع المياه العذبة في العالم.تُعد العاصمة الروسية موسكو أكبر مدن روسيا اليوم وإحدى كبريات مدن العالم من حيث السكان،و تُعتَبرُ روسيا حادي عشر أكبر اقتصاد في العالم حسب الناتج المحلي الإجمالي، والسادسة من حيث القدرة الشرائية، والخامسة من حيث الميزانية العسكريَّة.إن روسيا واحدة من الدول الخمس الوحيدة المعترف بامتلاكها أسلحة نووية في العالم و أكبر مخزون من أسلحة الدمار الشامل وإحدى القوى العظمى العالمية، وعضوة دائمة في مجلس الأمن الدولي، وفي مجموعة الثماني ومجموعة العشرين ومجلس أوروبا ومنتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادي ومنظمة شانغهاي للتعاون ومنظمة الأمن والتعاون، ولروسيا العديد من الحلفاء كفنزويلا وايران وسوريا وتربطها مصالح عديدة بالكثير من الدول. للرئيس بوتين مواقف عديدة وفي اكثر من مناسبة جعلته سيد القمم واللقاءات ونجم الكلمات والأداء. وفي قمة الدول الثماني الأخيرة واجه بوتين الدول السبع الأخرى بمفرده وفي لقائه على هامش القمة مع الرئيس الاميركي باراك اوباما، حيث بدا التوترعلى الزعيمين كليهما وهما يتحدثان إلى الصحفيين، وبعد محادثات استمرت نحو ساعتين حيث كان بوتين يحملق معظم الوقت في الأرض وهو يتحدث بشأن سوريا بينما كان اوباما ينظر من وقت لآخر نحو الزعيم الروسي. للزعيم الروسي أيضاً مواقفه تجاه سوريا بالرغم من التحذيرات الاميركية لروسيا من صفقات الاسلحة مع سوريا إلا أن بوتين خالف ذلك، بإعلانه أن روسيا لا تستبعد إرسال شحنات أسلحة جديدة إلى النظام السوري، منتقداً الغرب في تسليحه للمعارضة. وأضاف "نحن نرسل الأسلحة إلى حكومة شرعية طبقاً لعقود قانونية".أما مواقف بوتين الأخيرة فقد ثبتت نظرية بوتين في السياسة الخارجية، فمع تصاعد وتيرة التهديدات الأميركية باللجوء إلى الحرب العسكرية في سوريا بسبب استخدام الكيميائي كانت روسيا تمارس لعبة التزلج وتعمل على ايقاع الاميركي بشباكها ويرد بوتين الكرة إلى الملعب الاميركي بقوله «أما الحديث عن أدلة سرية لا يمكن كشفها فهذا ليس موضع انتقاد، إنه ببساطة مؤشر إلى عدم احترام الشركاء والأسرة الدولية (...) إذا كانت الأدلة موجودة يجب إعلانها وإذا لم تعلن فهي غير موجودة».ووصف الموقف بأنه يبدو «مفتعلاً واستفزازياً» من جانب أطراف لها مصلحة في تدخل خارجي.وخاطب نظيره الأميركي قائلاً: «أنت حاصل على جائزة «نوبل» وادعوك للتأمل في عدد الضحايا المحتملين لأي عمل عسكري محتمل».روسيا استنفرت مصادر قوتها واستعدت لاحتمال ضربة عسكرية امريكية على سوريا، فهل تكون هذه الضربة اللحظة التاريخية لروسيا لهزيمة اميركا وتغير النظام الدولي السائد من سنوات؟ وهل يصبح الدب الروسي سيد العالم ؟
|
تقارير
هل يقود بوتين روسيا الى قيادة العالم ؟
أخبار متعلقة