نظراً لأن حاجتنا الحياتية للتطوير الإداري أصبحت ملحة حتى تستطيع بلادنا مواكبة التطور في العالم بمقدار إمكانياتها المتاحة فمن المستحب أن نتحدث عن عملية التطوير الإداري بدءاً من أهداف العملية الإدارية بحد ذاتها وبحيث لا يكون كلامنا نحن في هذا الموضوع وما سوف يتخذه أعضاء مؤتمر الحوار الوطني الذي يناقشونه في اجتماعاتهم فضفاضاً وعاماً .إن عملية الإصلاح والتطوير الإداري ليست مجرد تبسيط إجراءات مطولة ومعقدة أو لا مركزية المؤسسات في الدولة أو من نختار لمنصب كذا، وإنما يجب أن تنصب على أدوات العملية الإدارية فأولئك الموظفون أو لعاملون الذين لا ينجح عمل بدونهم .. هم هدف خطة التطوير الإداري وهم الذين لا يتم التطوير بدونهم .. ولما كنا نعلم أن هدف العملية الإدارية هو رفع كفايات وكفاءات الموظفين للوصول إلى أهداف الدولة.فأن من الواجب أن تتضمن عملية التطوير الإداري تدريب هذه الفئات لتصبح من ناحية ( ميكانيكية) العملية الإدارية في مكانها المحدد . وعلى أن يرافق هذا التدريب تدريب من نوع آخر وهو الارتقاء بالسلوك الإداري والانتماء الوظيفي والوطني للموظفين والعاملين ليصبح هؤلاء العاملون أو الموظفون في المستوى اللائق لدفع عملية التقدم الوطني إلى الأمام مع الأخذ بعين الاعتبار أهمية إيجاد الحوافز والعقوبات اللازمة ليتسنى ضبط العاملين في الجهاز الإداري أياً كانت مسؤولياتهم أو مراكزهم . وقد نسوق كلاماً انشائياً في هذه العجالة فنقول أن عملية التطوير الإداري أو الإصلاح الإداري تحتاج إلى البعد عن الفوقية في التعامل وتحتاج إلى المشاركة الوجدانية لجميع الموظفين أو العاملين في الوحدة الإدارية حتى يستطيعوا أن يرتقوا بعملهم وأدائهم بحيث يكون العامل أو الموظف كإحدى أدوات الساعة في إدارة الزمن تؤدي عملها دون تبجح أو استحياء.. إن من أسباب نجاح خطة في تطوير أو الإصلاح أن تتبنى الدولة خطة إدارية عامة تتفرغ عنها خطط إدارية خاصة بالوحدات الإدارية المختلفة وبحيث تكون أهداف هذه الوحدات ضمن الهدف العام للخطة الإدارية العامة للدولة وذلك لضمان استمرارية العمل بعيدا عن الازدواجية والاجتهاد الفكري، بغض النظر عن استمرارية الأشخاص وبحيث لا يتمكن فرد في مؤسسة أن يوجه تلك المؤسسة طبقا لمعطياته واجتهاداته الفردية طالت مدة خدمته أو قصرت، ثم يأتي بعده فرد آخر يغير طبقا لاجتهاداته فيقع العاملون في هذه الحالة في دائرة الإحباط الوظيفي، بل تكون الخطة الإدارية للمؤسسة أو للهيئة من ضمن برنامج عام للدولة، ولا يتم تعديلها الا من قبل واضعيها وحسب متطلبات تحقيق الأهداف.إن علينا في هذا الموضوع ـ موضوع التطوير الإداري- الاعتماد كثيرا على تجربتنا الوطنية في العملية الإدارية ودراسة المعوقات والمشاكل وكذلك الايجابيات الممكن ان نحصل عليها. وان كنا لا نستغني عن الاستعانة بالنظريات الأكاديمية من أجل الحصول على المقاييس والمؤشرات التي تتضمنها لقياس مدى نجاح عملية التطوير الإداري.خلاصة القول: اذا كنا حقا نريد (إصلاح الوظيفة العامة للدولة) فانه يجب تطوير الإدارة لأنها الأساس وحينما تصلح الإدارة فكل شيء سوف يسير لصالح وظيفة الدولة بانتظام سليم.الإدارة فن وأسلوب وقدوة وقبل ذلك علم له أصوله وقواعده ونقول لن يكون هناك اصلاح اداري طالما ظلت الإدارة غائبة عن اهتمامنا وخططنا في الجهاز الحكومي فلا هناك عافية سوف تسري في الجهاز لان الإدارة هي مربط الفرس أو كما يقول المثل البريطاني: (الإدارة قبل كل شيء) وفهموا من لا يفهم.
التطوير الإداري حاجة ملحة
أخبار متعلقة