نؤكد هنا للمرة الألف أن كل دماء المصريين حرام، ونزيفها يوجع القلب، ويخز الضمائر، ويسبب الألم والحسرة والإحباط على ما يحدث في الشارع المصري.. هذا أمر مبدئي ومؤكد ولا مساومة عليه، لكن بوادر مناحة ومحزنة مفاجئة ظهرت عند بعض مناضلي الفضائيات وهواة السياسة في آخر الزمان، والذين اختفوا لفترة ثم عادوا ليطلوا فجأة من جديد في بكائية مزيفة، وبدموع في عيون وقحة على ضحايا أحداث المنصة في طريق النصر فجر السبت الماضي، وبدأت ألسنتهم تلوى بكلمات خادعة، ظاهرها الحق، وباطنها الباطل والزيف والخداع البراق بشعارات فضفاضة عن حقوق الإنسان، وغياب الضمير، والقوة المفرطة والعنف، والبطش الزائد في مواجهة أفراد من المعتصمين في رابعة، وظهور النغمة المقيتة لمحاولة خلق عدو جديد لبعض المرضى النفسيين من مناضلي الفضائيات والخلايا النائمة من «الطابور الخامس» الذي لا يعجبه ما حدث في 30 يونيو من إعادة اللُحمة والتوحد بين الجيش والشرطة والشعب ضد نظام فاشي، فعاد يحاول الآن بوجه شيطاني حاقد فكّ هذه اللُحمة وهذا التوحد، وجاءت فرصة سقوط العشرات من الضحايا في المنصة لتكون مدخلهم لإعادة العداء الوهمي بين الشعب والجيش مرة أخرى، والذي كان سببا في تسليم السلطة للإخوان بعد تورط عدد كبير من الحمقى «الثوار» في ترديد شعار «يسقط حكم العسكر» بلا وعى وإدراك حتى سقطت مصر في أحضان الإخوان، وكانوا هم أنفسهم أول من تمت التضحية بهم، وتلفيق التهم إليهم، والزج بهم إلى السجون في عهد من ورطوهم مع الجيش، ومن وقفوا معهم في انتخابات الرئاسة.الحزن لا يأتي إليهم عندما يرون بأعينهم ضحايا سلخانة الإخوان في رابعة والنهضة أو دماء المصريين في سيناء، أو المقطم، أو في الجيزة، وبين السرايات، أو في القائد إبراهيم بالإسكندرية، ولكن يسكنهم ويقيم بداخلهم عندما يتعلق الأمر بمحاولة الشرطة والجيش الحفاظ على منشآت الدولة، وحماية أرواح المواطنين الأسرى الآن لدى الإخوان في رابعة العدوية. لا يرون ما يحدث في رابعة والجثث الملقاة يوميا من ضحايا التعذيب، والمكان الذي تحول إلى بؤرة إرهاب، ووكر للجريمة والتحريض على العنف والقتل، ولا يرون المتاريس التي أقامها الإخوان، كأنهم في حرب ضد الدولة.نرجوكم كفي، توقفوا عن هذا العبث فقد سقطت الأقنعة جميعا بعد إعصار 30 يونيو، ولن يصدقكم أحد.
