رواية
الفصل الخامس/ الجزء الأخيروبعد شهر كاملوفي إحدى تلك المناطق من على كورنيش النيل ، وقف مدحت يراقب النيل في هدوء وشروددون أن يشعر بوقع الأقدام الأنثوية التي تتصاعد من خلفحتى سمع صوت إسراء وهي تهمس في أذنه :-أمازلت تأتي إلى هذا المكانالتفت مدحت إليها في نظرة ما زالت تحمل بعض الشرود ثم عاد ينظر إلى النيل مرة أخرى فوقفت إسراء بجانبه قليلا ثم قالت :-لقد تخرجت اختي أخيراً، وسنغادر أنا وهي البلاد الأسبوع القادمأجابها الصمت مرة أخرى حتى التفت إليها مدحت وهو يقول في نبرة حزينة :-هل هذا رفض لطلب الزواج ؟تأملت إسراء وجه مدحت في حنان وهي تجيبه :-لم يعد هناك فائدة يا مدحت، لن تستطيع نسيان ما جرى مطلقا تنهد مدحت مرة أخرى وتعلق بصره بذلك المركب الذي انساب في نعومة على صفحة النيل ثم سألها فجأة :-كيف حال طفلتي ضحكت إسراء ضحكة قصيرة ثم أجابت :-أنها أصبحت صديقة لشروق ابنتي، ولا ادري كيف سأخبرها بمغادرتنا الأسبوع القادمنظر إليها مدحت في امتنان وهو يهتف :-لقد أمضت الشهر بالكامل برفقتكم دون مللأومأت برأسها موافقة وعاد الصمت يلفهما حتى اعتدل مدحت وهو ينظر إليها قائلاً :-هيا بنا ... سأوصلك إلى المنزل لأصطحب أبنتينظرت إليه إسراء في حزن فاستطرد قائلا :-هذا إن ظللت مصرة على قراركأجابته في خفوت :-صدقني يا مدحت، أنه القرار السليماومأ برأسه وهو يلقي على النيل نظرة أخيرة ونهض ليصطحب إسراء الى سيارته دون ان يتبادل معها الحديث حتى وصل المنزل واصطحب أبنته وغادر المنزل ووقفت إسراء في شرفتها تراقبه وهو يستقل السيارة هو وابنته دون ان تشعر بأختها وهي تقف بجوارها-هل تحبينه بكل هذا القدراومأت إسراء برأسها دون ان تلتفت اليها ودموعها تنساب في صمت حتى نطقت :-ليس لديك أدنى فكرة يا هند ... ليس لديك فكرةأما مدحت فقد كان يقود سيارته في طريقه إلى المنزل حتى التفتت ابنته إليه قائلة :-ألن استطيع رؤية أمي مجددا يا أبي ؟هز مدحت رأسه نافيا وهو يجيب :-كلا يا عزيزتي صمتت الصغيرة في حزن وهي تداعب دميتها في صمت ثم قالت في صوت عالي :-ولكن عمتي إسراء أخبرتني أنها ستأتي لزيارتنا كل فترةأطلق مدحت زفرة حارة ثم التفت إلى ابنته قائلا في مرح :-ألا ترغبين في عشاء مميز؟صفقت الطفلة بيديها في جذل، وانطلق مدحت بيسارته داخل المدينةطاويا كل الصفحات في حياته، ليتركها تغرق تلك الحقبةحقبة أهداب الخيــانة.