عندما اجتاحتنا فوضى ما يسمونه ربيعاً عربيا، والتي اذن معدوها للشعوب بالنزول للشارع مطالبة بالقضاء على النظام، واسقاطه، وتغيير الحكام، تحت ذريعة شرعية الشارع.. قلت حينها بأن هذه فوضى، وبأن اسقاط النظام معناه الحرفي ان نحتكم للفوضى، حينها كان صوتنا ضائعا بين اصوات المنادين في الشوارع، تماشيا مع الموجة الآتية من تونس.دارت الاشهر ولم تفلح في اليمن قصة اقتلاع او اسقاط النظام، لأن الشعب اليمني عرف حينها أن تمسكه بالنظام لا يعني اطلاقا تمسكه بالمسمى الشخصي لرئيس الدولة، ولكنه تمسك بدولة وبرئيس جاء باختيار الشعب، ولا يمكن ان يذهب الا برغبة الشعب نفسه، وطريقة الاحتكام هي واحدة لا خلاف عليها، والمتمثلة في الانتخابات الرئاسية، ولهذا كان الرئيس السابق على حق عندما نادى بانتخابات رئاسية مبكرة، كون اي طريقة أخرى، كانت ستسمح بالخروج على الرئيس الجديد.استغرب اليوم حينما يخرج علينا المتحزبون تحت غطاء الاسلام السياسي في مصر وبقية الدول ومنها اليمن، ليقولوا لنا الشرعية الدستورية، فأين كانت هذه الشرعية عندما داسوها بأقدام الشارع، وأهانوا الحكام الذين أمر الله بطاعتهم ولو كان احدهم عبداً اسود، أم ان قميص الشرعية يخلعونه عن الآخرين متى ارادوا ويلبسونه انفسهم متى أحبوا، فليرتضوا اليوم الاحتكام للشارع لأنهم صنعوا مفاسده.الغريب ان الفتاوى الدينية،عفوا السياسية، التي تصدر عن من ينصبون انفسهم علماء باسم الأمة، تراها تناقض نفسها بحسب هوى مصدرها، فحكام الامس ليس لهم شرعية وينبغي الخروج عليهم -بحسب فتاواهم- وحكامهم ملائكة، ومجرد التفكير بالخروج عليهم كفر، ويتوجب قتال فاعليه، والمصيبة ان تصدر مثل هذه الفتاوى من القرضاوي، الذي افتى بقتل القذافي ويفتي على من يخرج ضد مرسي، ألا يخجل مثل هؤلاء، ويخاطبون عقولنا، أم انهم فقط من يمتلكون العقول؟؟.قلت واكرر ان الفوضى سوف تستمر، فكلما جاء رئيس، خرج عليه مناصرو الرئيس السابق ليخلعوه أو يعزلوه أو يسجنوه، وهي قصة سوف تتكرر، الا اذا عدنا لنقطة الصفر، لنعترف بخطأ الانقياد لما يطلقون عليه الربيع العربي، الذي مسخ الأمة، ولعب بعقول علمائها، وفرق وحدة الصف، وقسم الشعوب الى فرق تقاتل بعضها بعضا.الحمد لله أننا في اليمن عكسنا النظرية، وتمسكنا بالشرعية الدستورية، ولولا تمسكنا بها لكنا اليوم في الرئيس العاشر، فكل طائفة كانت ستخلع رئيس الطائفة الاخرى، وعلى هذا فإنني اعتبر ما يحدث في مصر فتنة عظيمة مردها في الاساس الكلمة القبيحة التي استوردناها والمتمثلة في اسقاط النظام، فها هم الاشقاء في ارض الكنانة يحصدون نتائج كلمة ارحل، فقد بقي الاستبداد، وما رحل عنهم إلا الأمن والسلام والاستقرار الاقتصادي والوئام الاجتماعي... جنب الله مصر الحبيبة كل مكروه، ورزق اهلها حكمة تجعلهم يجتمعون على كلمة سواء، لأن الغاء الآخر لن يقود الا إلى استمرار الانشقاق.استاذ مساعد بجامعة البيضاء
قميص الشرعية الدستورية
أخبار متعلقة