عوض العرشاني الحرب حربان :1 - حرب الجيوش والدبابات فى مواجهة الجيوش والدبابات الأخرى, وهذه حرب دول , ربما تكون متكافئة وربما لا ... كما حدث فى حروب مصر وإسرائيل فى قناة السويس وعلى الحدود وخلف الحدود كما حدث فى حرب أكتوبر 1973 , وكذلك حرب الدبابات فى كل الأقطار التى اشتبكت فى معارك مع اليهود والصهاينة , سواء على حدود مصر , أو الأردن أو الجولان أو لبنان , وكذلك الحرب اليمنية التى خاضها الجيش المصري , ضد الملكيين, في اليمن وعلى الحدود اليمنية - السعودية . 2 - حرب العصابات :وهى الحرب التى يخوضها المقاومون على طريقة «الكر والفر «, مع قوات العدو الأجنبى كما حدث فى عدن من مقاومة باسلة , ضد القوات البريطانية فى المدينة وفى الريف , على طريقـــــــــــــــــــــ ـة « اضرب واهرب « .. وقد نجحت هذه المعركة نجاحا كبيرا , فى تدمير عدد كبير من الدبابات والقوات البريطانية , بفضل نضال شعبنا فى الجنوب اليمنى ضد الاحتلال البريطانى فى الفترة من 1964 إلى 1967 وخصوصا فى المدن . ( 129 ) -حرب المدينة: هى الحرب المتميزة التى ينجح فيها الفدائيون فى مقاومتهم للاحتلال , وقد شهدنا ذلك , فى معارك الفدائيين , ضد الاحتلال , فى السيطرة على مدينة عدن فى يونيو 1967 , حيث احتل الفدائيون مدينة « كريتر» وسيطروا على مداخلها ومخارجها فى ظل تواجد القوات الأجنبية .لقد استمرت السيطرة على حى كريتر فى عدن لمدة 15 يوما ولم تتمكن القوات البريطانية من استعادته إلا يوم 4 يوليو 1967 وبمساعدة القوات التى جرى إنزالها على جبل « معاشيق « حيث اعترف المندوب السامى البريطانى قائلا :« لقد كان ذلك هزيمة ساحقة بالنسبة للبريطانيين وأكثر سحقا بالنسبة للحكومة الاتحادية , التى كان يعتقد أكثر العرب أنها قامت بكل خيانة وغدر باستدعاء حلفاء إسرائيل إلى مقاتلة إخوانهم العرب».لقد كان ذلك آخر مسمار يدق فى النعش الاتحادي كما ذكرت الصحف البريطانية . فى 20 يونيو أعلنت قوات الجيش والبوليس فى اتحاد الجنوب العربى الثورة على الإدارة البريطانية وإسقاط الحكومة التى كانت تضم سلاطين ومشايخ محميات الجنوب , ربما يقول قائل أن ذلك العمل من صنع البريطانيين أنفسهم لتعزيز الدعاية لصالح الجبهة القومية التى دخلت معهم فى اتفاق خيانة لضرب ثوار جبهة التحرير ونكاية بالمصريين الذين يدعمونها , لكن ذلك أمر مردود إلى صدور البريطانيين , إذا كانوا يفكرون بهذا التفكير الساذج , حيث سقط من صفوفهم عشرات القتلى ومئات الجرحى .فكيف سمحت حكومة عدن للجيش العربى وهو التابع لها , ويقوم بتنفيذ أوامرها . بالاستيلاء على مدينة , يسقط فيها عشرات الجنود البريطانيين, قتلى وجرحى.. كيف ؟؟؟ كيف؟؟؟ ولماذا ؟؟ سؤال بدهي .لقد أعلنت الحكومة البريطانية أنه « حتى مساء 20 يونيو 1967 كان 20 جنديا بريطانيا قد قتلوا فى الشوارع وأصيب 25 آخرون , كما هاجم الثوار المسلحون سجن عدن المركزى بالمدافع وأطلقوا سراح 500 من المعتقلين السياسيين»هل هذه سياسة ؟؟ .. أم سذاجة ؟؟ سؤال مطروحلا نعتقد - برغم محاولة البريطانيين الخداع والتمويه حول هذه الحادثة - أنها تمت بمعرفة الإدارة البريطانية , لقد فعلها الفدائيون , بسياسة المخابرات البريطانية , من حيث أنها استدرجت إلى فخ كانت فيه جريحة ومخدوعة ولم تكن فاعلة أو سباقة إلى هذه المجزرة , التى سببت عارا للإدارة البريطانية !!!!. ليلاحظ القارئ أن « وثيقة الخيانة « التى صكت بين الجبهة القومية , والمخابرات البريطانية , لا زال حبرها لم يجف بعد .و كان من بين نصوصها أن المخابرات البريطانية سوف تسهل لعناصر الجبهة القومية الاستيلاء على المناطق وتكثيف العمليات الوهمية , وأن السياسة البريطانية الإعلامية , ستسخر إعلامها لإعطاء الجبهة القومية دفعة إعلامية ودعاية ضخمة أمام الشارع اليمنى والعالم , لإظهارها بأنها المسيطرة على الشارع فى عدن وفى إمارات الجنوب ,وأن هذا من صنعها واثبات وجودها فى عدن على وجه الخصوص.ومنذ الاتفاق فى بداية شهر 6 عام 1967 بينها وبين الجبهة القومية أنها ركزت على حملة دعائية فاتحة المجال لعناصر الجبهة القومية , بعمل فعل ما , لصالح الدعاية , التى ستبثها القوات الاستعمارية لصالحها , ولكن خاب ظنها, وفشلت مؤامراتها.وانتكست خططها , حيث كانت معركة « كريتر « معركة فدائية خالصة لصالح التنظيم الشعبى وجبهة التحرير , حيث أربكت السياسة الاستعمارية , وأقلقت مضجع «هيمفرى تريفيليان» آخر مندوب سامي بريطاني , حيث كانت مفاجأة لكل خططه وتنبؤاته فلقيت خطته مصرعها وفشلها من حيث كان مأمنها.ولذلك : نسجل للتاريخ أنها معركة حقيقية وتاريخية قامت بها عناصر فدائية من التنظيم الشعبى وجبهة التحرير , من حيث لا تتصور قوات الاحتلال من أين سيأتي مقتلها؟؟!!!وقام المندوب السامى فى الساعة السابعة صباحا من يوم بدء المعركة فى 20 يونيو منزعجا من نومه , ليقابل كبار القادة البريطانيين المسئولين عن المخابرات فى عدن , ويتلقى الصدمة فى بواكير صباحه الأسود .http://abyanboard.net/kleeja/download.php?img=155وسارت الدبابات قاطعة شوارع عدن على الأرض فى حين حلقت الطائرات فى السماء , فلم تجد للثوار أثرا أمامها.لقد اختفوا كالجن فى النهار , وظهروا فى الليل كأسود خرجت من عرينها , تضرب فى كل اتجاه دبابات العدو ومصفحاته .وماذا عن الثوار والفدائيين ؟اشتعلت عدن وضواحيها بحرب العصابات الخفية , وهوما كان يرعب رجال المخابرات البريطانية , لأن هؤلاء الأبطال كانوا كالجن لا يظهرون عليهم , وإنما كانت أفعالهم , هى الترجمة الحقيقية لوجودهم.كان هناك البطل “ مختار “ وكان هناك “ عفيف “ وكان هناك “ خالد المفلحى “ وكان هناك “ علي بن علي هادي “ و “ الملقاط “ و “ يوسف علي بن علي “ و عبد الله احمد “ عبد السلام “ وكان هناك “ عبد الله محفوظ “ و “ عزب محمد فضل “ و “ على عبد الله حسين “ اليافعى “ وغيرهم وغيرهم .رحم الله من مات منهم , وحفظ الله من عاش منهم .وكان هؤلاء الأبطال إلى جانب مئات من الأبطال الذين لم تسعفني الذاكرة الآن في ذكرهم من عناصر التنظيم الشعبى وجبهة التحرير , كانوا يشكلون رعبا للإدارة البريطانية , وصداعا عنيفا لصبية الجبهة القومية , علما بان بعض هؤلاء قد مارسوا النضال من خلال الجبهة القومية فى بدء تكوينها .وعندما اعلنت جبهة التحرير كانوا من اهم طلائعها الفدائية لأنهم كانوا يرفضون التعصب , والعمل الحزبي الحركي .فضلا عن الأبطال الأشاوس فى مناطق القتال ومن بينهم المناضل المرحوم “ بالليل بن راجح لبوزة والشيخ محمد غالب لبوزة , والثائر محمود ناصر من ردفان الباسلة “, وغيرهم من مناطق الضالع وحالمين والشعيب الذين سنتحرى عن أسمائهم وتاريخ نضالهم فى حلقات لاحقة .ولا ننسى فى هذه اللحظات شباب “ العراشة “ من أبناء الخاملة , و” العزيبة “ من لحج أبناء “حميد العزيبى “ وغيرهم وغيرهم من المناضلين , الذين اختطفهم جهاز امن الدولة , بقيادة “الشرجبى” بيريا الرهيب بعد الاستقلال بقليل .http://abyanboard.net/kleeja/download.php?img=154الإرهاب الشيوعي في اليمن الجنوبية (37) الحلقة السابعة والثلاثونتقديم: عبد القوي مكاوي
حرب المدن خاضها الفدائيون في عدن وخلدت آثارها في التاريخ المعاصر
أخبار متعلقة