اليوم يلاحظ في هذه المناطق أن الأحزاب الأيديولوجية تريد أن ترث الأرض ومن عليها، وتحت شعار ما الأرض إلا لنا وحدنا، وهي بذلك ترتكب خطأ من سبقها، وعليها ستدور الدوائر، لأن المجتمع لم يعد يقبل أشخاصاً ولا فئات ولا أحزاباً تسعى للانفراد بالحكم، وما يجري في أفغانستان ومصر والسودان وتونس وأخيرا تركيا مؤشر يجب أن يدرس بعناية من قبل الأحزاب الأيديولوجية، قبل أن يقع الفأس في الرأس، وعلى نفسها جنت براقش.بدون الدولة المدنية الديمقراطية، لا مجال للاستقرار، وليكن شعارها قول الله: “وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل”.ــــــــــــــــــــــــــــــتركيا اليوم تعطي دروساً للحكام من الإسلاميين العرب الذين ينامون على حرير الغفلة.رجب طيب أردوغان ذكرني ببعض الحكام العرب في كل بلد وهو يصف التظاهرات بأنها «مؤامرة». لا مؤامرة في تركيا أو بلادنا، وإنما حراك شعبي، غير أن أردوغان يظل أذكى من الذين ابتلينا بهم، فهو اعترف بأن الشرطة استعملت عنفاً غير مبرر ضد المتظاهرين، ولم يقل ان المتظاهرين اعتدوا على الشرطة، كما انه لم يتهم الميديا بالمبالغة في تغطية التظاهرات، وإنما حاول استمالتها إلى جانبه، كما انه لم يهاجم القضاء ولا يمكن أن يفعل.إذا كان الناجح التركي يواجه تحديات لحكمه، فماذا يواجه الفاشلون العرب؟ لا أعتقد انهم يعون أهمية الدرس التركي، فلو أن عندهم الوعي ما فشلوا إلى هذه الدرجة المخزية، وأراهم سيدفعون الثمن.ــــــــــــــــــــــــــــــإذا كان الطريق الجديد، طريق العدل والمساواة غير واضح المعالم حتى الآن فإن بدء السير فيه يؤكد وجوده ثم يجعل معالمه واضحة أشد الوضوح، وذلك ما أشارت إليه الحكمة الصينية من أن الطريق العام المشترك لم يكن موجوداً إلاَّ بعد أن اختار الناس السير عليه وفي اتجاه واحد، وسيكون من الصعب فقدانه أو تجاوزه بعد أن تتضح معالمه ويكون العدل والمساواة والكرامة جزءاً لا يتجزأ من مكوناته الأساسية وتطبيقاته الواقعية، ولن تتمكن بعض الهنات أو الخروقات المحدودة من طمس معالمه الكبرى أو تشويه منجزاته التي سيتضافر على تحقيقها كل أبناء الوطن على اختلاف رؤاهم وانتماءاتهم، وسيتولى الطريق العام الواحد توحيد مشاعرهم والتخفيف من حدة اختلافاتهم.ــــــــــــــــــــــــــــــأقول لمسؤولينا هؤلاء المناط بهم صون كرامة هذا الوطن، وكرامة أبنائه اخجلوا ولو قليلاً فإذا لم تكونوا تستشعرون المسؤولية تجاه وطن وشعب تمرغ كرامته في الوحل على يد قاطع طريق أو مختل أو باحث عن مردود مادي، فكيف بكم إذا ما تعرض الوطن لعدوان خارجي في إطار مؤامرة تحاكي المؤامرة التي حيكت ضد الشعب السوري منذ عامين ونصف العام، اقرأوا التأريخ السياسي جيداً لتعرفوا كم هي الإرادة السياسية مطلوبة عندما تكون الشعوب مهددة بالأخطار وبالمؤامرات.ــــــــــــــــــــــــــــــإننا شعب يعبد الرُّكَبْ، حتى ثورتنا.. حتى عندما نثور ويسيل الدم إلى الركب لانثور من أجل الحرية ومن أجل الكرامة ومن أجل مستقبل أفضل ،وإنما نثور من أجل أن نستبدل ركبةً مللنا تقبيلها بركبةٍ أخرى.. ونثور من أجل تغيير الركب القديمة برُكَبٍ جديدة لا من أجل اللحاق بالرَّكْب .وإذا صح بأن ثقافتنا هي ثقافة الزحف ..ثقافة الرُّكَبْ..فالصحيح أيضا أن ثورتنا العربية الربيعية هي ثورة الرُّكَبْ..بدليل أن أولئك الذين كانوا يتمسحون برُكَب سلاطين العهد البائد ويقبلون ركبهم يزحفون اليوم لتقبيل ركب سلاطين العهد الثوري..الركب الثورية .
للتأمل
أخبار متعلقة