إعداد/ ميسون عدنان الصادقألف هذا الكتاب رائد من رواد النهضة الثقافية أديب وموسيقي هو الأستاذ الدكتور حسين فوزي ألفه في أثني عشر عاماً عن عظيم عظماء الموسيقى « بيتهوفن « وقدم في كل فصل من فصوله عملاً من موسيقى بيتهوفن فالكتاب موضوع للقراءة غنى كبير ومرجع موسوعي لمن يدرسون الموسيقى السيمفونية ومن يستمعون إلى عمل من أعمال بيتهوفن فهو يضم : السيمفونيات والرباعيات الوترية كلها.* وأهم الصومانات والافتتاحيات والكونشرتوا.* والموسيقى الاحتفالية وأوبرا فيديليو. لقد ضمن الدكتور حسين فوزي الكتاب شروحه وتحليلاته لمائة وخمسين مؤلفاً لبيتهوفن مما قدمه في البرنامج الثاني بالإذاعة المصرية الذي افتتح فيه أحاديث الموسيقى في مايو 1957م بالسيمفونية التاسعة.وليس بالقليل أو اليسير في زمن العجالات فإن التحضير لكل فصل كان يستأدبه الاستماع إلى العمل ذاته من المسجلات مراراً ثم مطالعة كل ما يختص به فيما تحتويه مكتبته من ترجمات لبيتهوفن وشروح وتحليلات لأعماله فالعودة إلى سماعه مراجعاً على الدولة الموسيقية فدراسة المدونة وحدها دراسة تحليلية يسودها مرة ومرتين وثلاثاً قبل صياغتها النهائية ليس التسويد ولكنه التجويد وهكذا الكتابة حين تكون رسالة ومسؤولية وسبراً للأعماق هكذا الكتابة حين تكون عملاً مجهداً ومسعداً شاقاً وشائقاً. لقد كتب الكاتبون مئات الكتب والدراسات عن بيتهوفن فكان على العربية ألا تتخلف عن هذا الحقل البكر. ومن هنا يعتبر هذا الكتاب ميلاداً جديداً في حياتها يضيف إليها ما يضيفه الوليد إلى الأم وإن كانت أنجب الأمهات.ويجعل الفصل الأول في الكتاب عنواناً طريفاً غير متوقع وهو « لوس أبو الغيط « ويفسر الدكتور حسين فوزي هذا العنوان بقوله :كلمة بيتهوفن مركبة من كلمة « هوفن « وهو الحقل أو الحديقة و « بيت « وهو البنجر ويكون معنى اللقب « حقل البنجر « وتعريبه مختزلاً في دعابة « أبو الغيط «.يبدأ الكتاب مع بداية بيتهوفن في وسط متواضع وألوان من نكد الدنيا أن يولد لوغد سود عيش زوجته - أم بيتهوفن ومرر عيش الغلام الموهوب وهو يضطهده ويقسو عليه كي يخلق منه أعجوبة موسيقية جديدة ونداً للطفل موزارت وبذلك يكسب من ورائه ما يفتح له أبواب الرزق وأفواه الدن والزف.1 - نشأ بيتهوفن على ضفاف الراين في وسط شديد التأثر بالحوادث عبر الحدود هناك في باريس حيث قام أشباه له من أبناء الشعب بثورة عارمة أطاحت بكل مخلفات العصور الماضية أوخز عبلاتها التي نبتت واعرشت وتغولت حول إقطاع القرون الوسطى وانتهت إلى استبداد لويس الرابع عشر الذي أجاب عن سؤال بسيط بصراحة أبسط ما الدولة؟ الدولة أنا.. وكان الله يحب المحسنين.فهي حقيقة تاريخية وليست تخريجاً إن كان بيتهوفن من أبناء الثورة الفرنسية وإن كانت مواقفه من أحداث عصره موقف الثائر الذي نشأ في أسرة تخدم الإقطاع وعمل على توكيد وتوطيد شخصيته وفرضها بل فرض الفنان الحق على مجتمع النبلاء الذي خالطه وعاشره بعد أن هجر بون إلى فيينا.وإنها لحقيقة تاريخية أيضاً أن بيتهوفن آخر من لبس لباس الخدم من الموسيقيين وقد نفاه عنه منذ أن غادر مسقط رأسه وهو في الثانية والعشرين من عمره ويمم شطر فيينا ليتم تعليمه ثم ليغزو العالم الكبير بموسيقاه ولبس الخدم الذي أعني السترة المزركشة التي كان يلبسها الموسيقيون في جوقات الأمراء ولبسها بيتهوفن وأبوه وجده. لم يستخدم بيتهوفن فنه لنشر دعوة فقد كان فنه أغلى من أن يراق على التراب ويقف على الأبواب.تأثر بيتهوفن بالأحداث ليكون مرآة وطنه فحسب والمعبر عن آلامه وآماله فالفنان شبيه بآلة موسيقية حساسة كالصنج « الأيولي « يعلق في الأغصان فتذبذب أوتاره بلمسة الهواء حتى لو كان نسيماً والفنان الصادق هو المرآة المستوية لعصره لا تكذب على الناظر إليها مثلما تكذب المرايا المقعرة والمحدبة.ألف بيتهوفن سيمفونيتة الثالثة إعجاباً بنابليون بونابرت حين كان يمثل الثورة الفرنسية ابن من أبنائها فلما نما إلى بيتهوفن أن نابليون أعلن نفسه إمبراطوراً على الفرنسيين صاح غاضباً إذن فهو واحد من أخلد الناس جاء ليدوس حقوق الإنسان ويتمادى في تحقيق أطماعه الشخصية يتعالى على البشر ويمعن في والطغيان. وأتجه بيتهوفن إلى المكتب وأمسك بصفحة عنوان السيمفونية من أعلاها وقد خط عليها اسم بونابرت ومزقها بالطول ورمى بها أرضاً ومحا اسم نابليون من عنوان سيمفونيته الثالثة وسماها سيمفونية البطولة في ذكرى رجل عظيم كان قد مات في نفس بيتهوفن.كان الوسط الارستقراطي الذي يعجب بفن بيتهوفن يدلله ويخشاه في وقت واحد. وكان الارشيدوق من مراسيم الطباعة وفروض الخضوع فأمر الأمير رجاله بأن يتركوا الفنان العظيم حراً وان يكفوا فيما يختص بأستاذه من ألاعيب القردة.
|
ثقافة
بيتهوفن.. كتاب للدكتور حسين فوزي
أخبار متعلقة