كلمات
لا دولة بلا قانون، ولا قانون بدون قضاء بدون استقلال، فدولة القانون هي تلك الدولة التي يعلي فيها القانون ويطبق على الجميع بلا استثناء، فيسود الاستقرار ويعم العدل، ويأمن الإنسان على يومه وغده، وبعد يناير وبعد سقوط مبارك، كانت الآمال الكبار لدي الجميع أن نري دولة القانون والعدل، والمواطنة التي لا تفرق بين مواطن وآخر، لكن، وآه من لكن، قد وجدنا أن الثورة قد تم القفز عليها، وأن الدولة قد اختطفت لتيار سياسي يرفع شعار الدين وإن تعددت تياراته، وبعد وصول مرسي إلى كرسي الرئاسة قد وجدنا هذا التيار يقوم بعملية تصفية حسابات شخصية هادفاً ومستهدفاً لإسقاط الدولة ومؤسساتها استعداداً لتأسيس دولته الخاصة، مع العلم أن هذا التيار المسمي بالإسلامي وإن تنوعت تسمياته وتعددت خططه وتباينت تكتيكاته تجمعه استراتيجية واحدة، وهي إقامة دولة الخلافة الإسلامية، فكان من الطبيعي بعد وصول الإخوان ومندوبهم مرسي للسلطة أن يعملوا على رفعة الوطن وتقوية مؤسساته وإعادة هيبة الدولة والحفاظ على القانون واستقلال القضاء وعودة الأمن والأمان للمواطن، حتي يعود الاستقرار فيعود الإنتاج، وهذا لم يكن يتم، وبعد ثورة يناير، بدون الحفاظ على التوحد الوطني الذي كان، حتي يشارك الجميع في ترسية سفينة الثورة على أرض الواقع، ولكننا قد وجدنا حالة من حالات الغرور والغشم السياسي التي لا يعنيها غير السيطرة والاستحواذ لإتمام عملية أخونة عبيطة تنفيذاً لفكرة التمكين التي يحلمون بها، وتصوراً أن الاستحواذ والتمكين لن يكون إلا باختراق القضاء والشرطة والجيش والإعلام، حتي يتمكنوا من مفاصل الدولة العميقة التي يعيدون صياغتها على طريقتهم ولصالحهم كجماعة أو تيار فلا وجود لديهم لفكرة الوطن وتاريخه وحضارته، ولا الشعب وقضاياه وطموحاته، وهنا قد وجدنا توزيع الأدوار حتي يكتمل العرض المسرحي حسب ما يرى المخرج، فمن يحاصر المحاكم ويهدد القضاة ويقدم مشروع قانون لتصفية القضاة والحسابات، ومن يحاصر الإعلام ويهدد الإعلاميين حتي يخضعوا لما يريد، ومن يتطاول على القوات المسلحة ويتهمها بقتل الجنود في رفح وهم يعلمون من هم القتلة، وهناك من يتقول على المخابرات العامة، بما لها من رصيد وطني لدي كل مصري، فيريدون أن يحولوها إلى مقاول أنفار البلطجة والبلطجية، أما الشرطة فهذه هي أم الكبائر بالنسبة لهم، فحتي الآن هناك كلام أمام القضاء على تلك المؤامرة المشارك فيها هذا التيار مع من هم خارج الوطن، بإحراق أقسام الشرطة ومرافقها واقتحام السجون وتهريب المساجين، والاعتداء على مقار مباحث أمن الدولة وتخريبها، وقد تم ذلك في توقيت محدد، على اعتبار أن الشرطة كانت اليد الباطشة للسلطة التي قهرتهم ووقفت حجر عثرة أمام مخططاتهم وأودعتهم السجون، وبالطبع فدور مباحث أمن الدولة معروف في هذا الإطار، ولذا كان مخططهم في مواجهة الشرطة يستهدف هدفين، تصفية حساباتهم الشخصية مع الشرطة وفي إطار الشخصية الذاتية بعيداً عن أي موضوعية أو صالح عام، والآخر هو ترهيب الشرطة وإخضاعها لما يريد هذا التيار، ولذا وجدنا مظاهرة مدينة نصر أمام الأمن الوطني، وما هي غير عملية تخويف وتهريب وفرد عضلات وإسقاط للقانون وتغييب للدولة حتي تكون دولتهم هي البديل، ومن الواضح أن دولتهم المأمولة هي دولة اللا قانون واللا قضاء واللا مساواة واللا عدل واللا مواطنة، فهي دولة الفكر الواحد والرأي الواحد، دولة طز في مصر واللي في مصر.