في تأملات تتصل بصورة المبدعة اليمنية أمام الإعلام تتدفق ملاحظات ذات أهمية خاصة بدءاً من تأملات في تطور بعض القيم الغربية وراء تلك الصورة وخصوصاً فيما يتعلق بارتباط أمور السياسة وحركة التغيير التي تسود معظم دول العالم منها الدول العربية بشكل عام واليمن بشكل خاص كل هذه الأحداث أثرت على الفكر والإبداع عند المبدعين وفي قلب الفكر الجماعي العلمي والتقى وهذه الأحداث أزاحت المسائل الأساسية المتعلقة بالحياة الخاصة والخطاب الأخلاقي وأي عالم او فنان يغامر بالنظر في هذه المسائل وبالغرق في الشئون الاقتصادية والتاريخ والسياسة وحقوق الإنسان ومنها حماية الفكر والإبداع وحقوق المبدعين أي عقلية ستتمكن من التجرؤ على كشف قناعاتها الأصلية دون خوف من مجابهة رغبات اقترانها بالتنازل. لقد استطاعت المبدعة ذكرى احمد علي في أعمالها الدرامية في الإذاعة والتلفزيون والمسرح اليمني أن تقدم أعمالا درامية تاريخية وسياسية واجتماعية نالت إعجاب جمهور المسرح اليمني ، خاصة عن الحب والتحدي والثورة الاجتماعية ولكن أين هي وسائل الإعلام التي يجب أن تبرز إبداع المرأة اليمنية المبدعة رغم تقديمها أعمالا إبداعية تتعلق بفكرة الحب والتضحية والتحدي الطبقي. وفيما يتعلق بالعمل الدرامي التلفزيوني والمسرحي سواء كن كاتبات أو مخرجات هل ثمة عوائق تواجه تحققهن برؤية خاصة ومتجاوزة المنجز السابق في ظل شبكة فنية معقدة تحتاج إلى التمويل وتجاوز الرقابة وخبرات خاصة ؟ أم أن شروط النجاح التجاري بالنسبة لهن تتضاد مع مقومات مغايرة لما هو قائم و موجود لماذا لم نر أعمالا أدبية مميزة لعدد كبير من الكاتبات اليمنيات أمثال شفيقة زوقري نجيبة حداد ، نهلة عبدالله ، شفاء منصر ، فاطمة رشاد وغيرهن ؟ وهل عين المرأة المخرجة غير قادرة على الخروج من زاوية نسوية تستطيع أن تلامس ما لم تلامسه عين الرجل المخرج ؟ علماً بأن الفن الجيد والمضمون هو واحد سواء كان الذي يصنعه رجلاً أو امرأة. في العمل الدرامي قدمت لنا المخرجة والممثلة نرجس عباد نسخة متطورة عن فكرة العمل الدرامي التضحية والحب والتحدي من أشكال التمرد النسائي والصراع الذي يقوم بين الرجل والمرأة عبر صورة درامية رائعة نالت إعجاب جمهور الدراما اليمنية . لماذا لا نجد مخرجة يمنية ذات رؤية مميزة قادرة على التحقق بحجم يوازي الكثير من المخرجين المميزين. رغم أن هذه المرحلة التي تمر بها بلادنا من أحداث ساخنة تساعد على تقديم أعمالاًً= إبداعية مميزة حيث تشهد الساحة الأدبية عدداً كبيراً من الكاتبات والأدبيات والفنانات المتميزات والنساء المبدعات على المستويين المحلي والعربي والربيع العربي الذي أصبح بالنسبة للمرأة العربية خريفاً عربياً وظهور حركات تعمل على عودة المرأة العربية إلى البيت وهنا يبرز السؤال الأكثر صعوبة من الكلمة في تقديم معنى أكثر تميزاً وعمقاً ما هي مشكلة المرأة المبدعة اليوم ؟ هل هي مشكلة خوف من الحلم وتعريه الذات الخاصة أم عوائق تجعل من الهدف التجاري للقدرة على الاستمرار وتحجم المغامرة الفنية ما يغني تلك القدرات ويعطلها ام في احسن الاحوال يجعل منها مواهب متوسطة الحجم؟. هناك عوائق لا بد أن تواجه الدراما اليمنية اليوم فالمرأة المبدعة والاشكاليات الممكنة التي تواجهها كفرد ضمن رؤى اجتماعية وتقليدية ودينية ونمطية خاصة وفي ظل أسئلة المخرجات أو صانعات الصورة العربية عن غيرهن ؟ وهل من مشترك قائم بينهن ؟ وهل هناك رؤية ثورية خاصة تختلف عن المدرسة التي تعلمن فيها الفن كالمدرسة الرجالية للدراما العامة؟ ما النموذج لهن وعن ماذا يبحثن وكيف يرثن المرأة بعين المرأة ؟ عندما نشدد على مفردات مثل المؤسسة والجمهور بدلاً عن الفرد أو الخاص كحالة شرطية للإنتاج والتصور الفني فإننا نقدم قيداً جاهزاً للنساء أن يراجعن تاريخهن الخاص وحالتهن وصورتهن التي تقدم بدلاً من التشجيع والدخول في مغامرة البحث عما لم يعرف أو يعرض بعد. أخيراً لا شك في أن حركية الإبداع في الدراما اليمنية مضت عليها عشرات السنوات وقد أسهمت المرأة فيها منذ الستينات من القرن الماضي وقد كسر الكثير من التقليدية وخلقت أحلاماً ونماذج وأفراحاً خاصة أسعدت الكثير من النساء والرجال غير أن حقيبة المستقبل تمتلئ أيضا بالمزيد من الطموحات والأحلام ولا شك في أن المرأة اليمنية المبدعة قادرة كمثيلاتها في العالم على تحقيق تلك الأحلام والتطلع نحو المزيد من المشاركة الفعالة في بناء المجتمع الحديث وذلك بمزيد من الوعي الجميل الذي فتح أمام الأجيال المستقبل المشرق.
|
ثقافة
المرأة المبدعة والبحث عن الخلاص في عالم أعمى
أخبار متعلقة