ترأس الجلسة الثامنة لمؤتمر الحوار .. رئيس الجمهورية :
صنعاء / سبأ:أكد الأخ عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية / رئيس مؤتمر الحوار الوطني الشامل أن الحوار هو الوسيلة الوحيدة التي ستجنب شعبنا الدخول في حرب أهلية وصراع مسلح وتدمير شامل لكل مقدراته وآماله.جاء ذلك في كلمته لدى ترؤسه أمس الجلسة الثامنة من الجلسة العامة الأولى للمؤتمر.وعبر الأخ رئيس الجمهورية عن سعادته بأن يكون مع المشاركين في المؤتمر بعد أكثر من 10 أيام من تدشين أعماله. وتابع الأخ الرئيس قائلا :»بالتأكيد كانت اللقاءات الجانبية على هامش المؤتمر مؤشرا مهماً أيضا على إمكانية تقارب رؤى المشاركين واجتماعهم على طاولة واحدة، والآن سندخل المرحلة الثانية من أعمال المؤتمر بتوزيع المشاركين إلى تسع فرق عمل يستمر عملها لمدة شهرين كاملين قبل أن نجتمع مرة أخرى في الجلسة العامة الثانية لمؤتمر الحوار».
وأردف :»إن آمال الشعب اليمني على نشاط فرق العمل لا تقل عن الآمال المعلقة على الجلسات العامة لمؤتمر الحوار، ففرق العمل هي التي ستخوض في جوهر القضايا المعروضة على المؤتمر، ولذلك أؤكد عليكم ضرورة الالتزام في الحضور والمشاركة الايجابية فيها والعمل من خلالها على تقريب وجهات النظر وحل المشكلات وليس العكس».ولفت الأخ رئيس الجمهورية إلى أهمية أن يدرك الجميع دوما أن هناك من لا يريد الحوار وهناك من يعمل ضده وهناك من يحاول خلق المشكلات والعوائق تجاه استمراره .وقال :« وما الأحداث الأخيرة التي حدثت في صنعاء وعدن إلا مؤشر على ذلك، ولذلك عندما تدركون ذلك فانا على يقين إنكم ستحرصون بأن لا تنعكس سلبا على أعمال المؤتمر أية أحداث من هذا القبيل في أي محافظة كانت».ووجه الأخ الرئيس الحكومة وأجهزة الأمن في المقابل إلى القيام بواجباتها في ضبط وتوفير الجوانب الأمنية وتوفير الأجواء الصحية من كل الجوانب بما يكفل إنجاح هذا المؤتمر المصيري .. مشددا في الوقت ذاته على ضرورة أن يتحمل كل حزب وكل تكوين سياسي أو مجتمعي مسؤولياته تجاه أعضائه وأنصاره، فالبلاد لم تعد تحتمل مزيدا من التوتر، ومن ذلك دعوات العصيان المدني التي تنعكس أضرارها على المواطنين العاديين، بينما بالإمكان الدعوة إلى مسيرات سلمية غير مسلحة كوسيلة ديمقراطية للتعبير عن الرأي كما هو المعتاد دون الحاجة إلى استخدام القوة والعنف وإجبار الناس على المشاركة فيها.وتطرق الأخ الرئيس إلى الإحداث المؤسفة التي شهدتها صنعاء وعدن خلال الأسبوع الماضي .وقال :« فيما يخص الحدث الذي وقع في صنعاء والمتمثل بمحاولة اغتيال احد أعضاء مؤتمر الحوار فالجناة معروفون لدى أجهزة الأمن وتم التعميم بأسمائهم وصورهم على جميع النقاط في أمانة العاصمة وعموم محافظات الجمهورية، تمهيدا لتعقبهم وضبطهم في اقرب وقت ممكن أن شاء الله تعالى».وأضاف:« وفيما يخص الأحداث التي جرت في عدن فقد وجهنا باتباع أساليب أخرى وليس كما كان معمولاً به سابقا، وبحيث يكون لدى كل مدير مديرية عدد من شرطة مكافحة الشغب الذين يحملون العصي بدلا عن البندقية».. داعيا كل القوى السياسية المشاركة في مؤتمر الحوار إلى أن تحث أنصارها في كل المحافظات على التعاون مع أجهزة الأمن لترسيخ دعائم الأمن والاستقرار لما فيه إنجاح هذا المؤتمر، خصوصا أن هناك قوى لا تريد لهذا المؤتمر أن يحقق النجاح المنشود».وأهاب الأخ الرئيس بجميع المشاركين والمشاركات في مؤتمر الحوار أن يفكروا بمسؤولية إزاء الإحداث والتحولات التي عاشها وشهدها اليمن على مدى خمسة عقود من عمر الثورة اليمنية المباركة (26 سبتمبر و14 أكتوبر).وقال :« مر ما يقارب 50 سنة واليوم نحن أمام منعطف سياسي جديد للتغيير ، وهذا التغيير أصبح ضرورة».وأشار إلى أن أغلب سكان اليمن هم من فئة الشباب فيه، موضحا في هذا الصدد أن الذين تقل اعمارهم عن الـ 45 سنة يشكلون 75 في المائة من سكان اليمن، وان الذين تتراوح اعمارهم مافوق 15 سنة ومادون الـ 28 سنة يبلغ عددهم ستة ملايين شاب .وخاطب المشاركين في المؤتمر قائلا» ينبغي أن تفهموا ذلك، وتدركوا حجم التحديات والصعوبات التي تواجهنا.. فلدينا حاليا نحو 600 ألف شاب من خريجي المعاهد والجامعات الذين تخرجوا قبل 10-8 سنوات وحتى الآن لم يحصلوا على عمل، وهذه مشكلة أن يظل الشاب بعد تخرجه 10 سنوات دون عمل، فبعضهم قد ينتحر والبعض الآخر قد ينحرف ويلتحق بالعناصر الإرهابية التابعة لتنظيم القاعدة الإرهابي» .وأشار الأخ رئيس الجمهورية إلى ماتحظى به التسوية السياسية التاريخية في اليمن من إشادات واسعة على المستويين الإقليمي والدولي باعتبارها تجربة متفردة من بين دول الربيع العربي.وقال « كل الزعماء والقادة الذين التقيت بهم في القمة العربية الأخيرة في قطر مندهشون لما شهده اليمن، وكل المغتربين اليمنيين سعداء جدا للتحول الذي يجري في وطنهم وأملهم كبير في المشاركين والمشاركات في هذا المؤتمر بأن يتوجوا هذا النجاح ويحققوا النتائج المنشودة من الحوار، الذي يرتكز عليه مصير الشعب اليمني وحاضره ومستقبله».وأعتبر الأخ الرئيس أن جميع المشاركين في مؤتمر الحوار أمام امتحان من قبل الشعب اليمني.وقال:« إما أن نستطيع الخروج بنتائج مثمرة توصلنا إلى بر الأمان ونرسم المستقبل الأفضل لشعبنا، مالم سيسخط علينا الشعب ويضعنا في مزبلة التاريخ». لافتا إلى أن هذا المؤتمر فرصة تاريخية ينبغي استغلالها كون الفرصة لا تتكرر دائما كونها لحظة تأتي أمامنا وعلينا أن نستغلها قبل أن تضيع منا.وأكد الأخ الرئيس أن القضية اليمنية أصبحت محل اهتمام العالم اجمع وان العالم يقف إلى جانب اليمن من اجل إنجاح العملية الانتقالية السلمية وفي المقدمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن والدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن والاتحاد الأوروبي ودول الجوار.وقال :« العالم اجمع يدعم اليمن وحريص على مساعدته، حتى وان كان لكل طرف حساباته، إلا أنهم جميعا يدركون مخاطر انزلاق اليمن إلى حرب أهلية ومدى تأثير ذلك على أمن واستقرار المنطقة و العالم، نظرا للموقع الاستراتيجي لليمن والذي يتحكم في الممرات الملاحية الدولية عبر خليج عدن والبحر العربي ومضيق باب المندب ».وأضاف :»ولذلك فإن الجميع يدرك أن اليمن إذا ذهب إلى حرب أهلية فسيكون تأثيره كبيرا على كل الدول في المنطقة والعالم، ولهذا وصل مجلس الأمن إلى اليمن لأول مرة وعقد اجتماعا في صنعاء». مبينا أن العالم يتابع باهتمام الوضع في اليمن وحريص على إنجاح التسوية السياسية في هذا البلد كون التجربة اليمنية تجربة فريدة في المنطقة ومتميزة من بين الدول العربية التي شهدت ثورات الربيع العربي.وأشار إلى أن التجربة اليمنية اتسمت بتحقيق التغيير عبر الطرق السلمية وتم تشكيل حكومة وفاق وطني تمثل الأطراف السياسية المختلفة وسار الجميع في خارطة طريق لمدة سنتين ويتضمنها حوار وطني يعالج مختلف القضايا ويرسم مستقبل اليمن وصياغة دستور جديد للبلاد وصولا إلى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية القادمة إن شاء الله تعالى .وخاطب الأخ رئيس الجمهورية جميع المشاركين والمشاركات قائلا :« نتمنى من الجميع أن يتجنبوا أن نظل نتبارى بالكلمات فيما بيننا البين وكل طرف يكيل التهم ضد الآخر، فقد تحدثنا باستفاضة طوال الأسبوعين المنصرمين والآن حان الوقت للنقاش الجاد والمفيد عبر اللجان التسع التي سترسم مستقبل اليمن»، آملا من الجميع أن يكون نقاشهم بعقلانية ومنطق في فرق العمل.ولفت إلى أنه سيكون لدى بعض فرق العمل مستشارون من الخبراء الدوليين وخبراء من الاتحاد الأوروبي ليقدموا الاستشارات الفنية في كل ماتطلبه فرق العمل بما من شانه الاستفادة من تجاربهم وخبراتهم الكبيرة .. مبينا أهمية الاستفادة من الخبرات والتجارب الدولية بما فيها الخبرات الأوروبية كون أوروبا لم تصل إلى هذا المستوى المتطور إلا بعد قرون من الصراعات وخرجت منها وأسست الأنظمة الديمقراطية المتطورة التي مكنتها إلى الوصول إلى ماهي عليه اليوم.وحث الجميع على التحلي بسعة الصدر وان يتحمل كل طرف رأي الطرف الآخر ويعمل الجميع بروح الفريق الواحد في سبيل بلورة رؤية وطنية وفاقية إزاء مختلف القضايا لضمان صنع اليمن الجديد وبناء الدولة المدنية الحديثة .. مشددا على أن الآمال معقودة على ماسيخرج به هذا المؤتمر من اجل الوصول باليمن إلى محطة تحول جديدة تضعه على عتبة أول درجة من درجات القرن الحادي والعشرين.واستطرد الأخ الرئيس قائلا:« انا سعيد إنكم مجتمعون في هذه القاعة بعد أن حققتم انجازا كبيرا عكس عظمة اليمنيين أمام المنطقة والعالم والمتمثل بالانتخابات الرئاسية».وقال :« الانتخابات جرت في فبراير العام الماضي وصنعاء مقسمة إلى ثلاثة أقسام وكان الناخبون يمرون من بين المتاريس إلى صناديق الاقتراع وهذا عكس بان الشعب اليمني لا يريد الحرب بل يريد السلم وصنع المستقبل الأفضل» .وأضاف : « كما تم إيقاف المواجهات المسلحة ورفع المتاريس بأسلوب علمي وعقلاني وفي مقدمتها المتاريس التي كانت في العاصمة صنعاء «.. كاشفا في هذا الصدد أنه تم جمع لواءين من الألوية التي كانت تتواجه بالسلاح في صنعاء وإرسالهما إلى أبين لمواجهة العناصر الإرهابية الأمر الذي أسهم في مساندة الوحدات العسكرية واللجان الشعبية لتتوج تلك الجهود بإخراج عناصر القاعدة من أبين وبعض مديريات شبوة.وشدد الأخ الرئيس على أنه بالتصميم والإرادة وتغليب المصالح العليا للوطن على مادونها من مصالح سينجح الحوار ويخرج بالنتائج المنشودة منه لصنع المستقبل والتأسيس لمرحلة التحول التي يعيشها اليمن والانتقال به إلى مرحلة جديدة تلبي طموحات وآمال الشعب .وأختتم الأخ رئيس الجمهورية كلمته قائلا:« هذا ما أحببت التأكيد عليه بعد ما يقارب أسبوعين من بدء الحوار الوطني الشامل وها انتم قد أزلتم الكثير من الحواجز النفسية وحدث ما كنا ننشده من تقارب وتفاهم بين مختلف الأطراف، ونثق إنكم ستعملون الكثير خلال الفترة القادمة من خلال مشاركتكم الايجابية في فرق العمل وستكون هيئة رئاسة المؤتمر على تواصل دائم معكم ومتابعة مستمرة لأعمالكم فلا تخيبوا آمال شعبكم فيكم ورجاءه منكم وكونوا على مستوى المسؤولية الملقاة على عاتقكم كما عهدناكم ». وعقب ذلك تواصلت الجلسات برئاسة نائب رئيس المؤتمر الدكتور عبدالكريم الارياني .. حيث جرى استعراض محضر الجلسة السابعة ومن ثم مناقشة جدول أعمال المؤتمر حتى يوم الأربعاء المقبل.وبعد ذلك استعرضت هيئة رئاسة المؤتمر هيكلة فرق العمل التسع ومقترح توزيع أسماء المشاركين والمشاركات في كل فرقة عمل على حدة والتي ستناقش محاور المؤتمر والمتمثلة بالقضية الجنوبية، قضية صعدة، بناء الدولة ودستور جديد، والحكم الرشيد، والحقوق والحريات، والعدالة الاجتماعية والمصالحة الوطنية، القضايا البيئية والاجتماعية الخاصة، وقضايا ذات بعد وطني، التنمية الكاملة والمستدامة، وصياغة الدستور.