قبل خمس سنوات كتب الشاعر الكبير الدكتور عبدالعزيز المقالح تحت عنوان“صنعاء مهددة بالترهل والعطش” .. كتب يقول ( لا أُخفي أنني أتحوّل عندالحديث عن صنعاء إلى شاعر عاطفي بامتياز لكن هذه العاطفة كثيراً ما تتحولإلى غضب عنيف تجاه كل المحاولات الهادفة إلى تغيير معالمها وتشويهضواحيها وإطلاق أيدي العابثين للاستحواذ على ما تبقى من أراض زراعيةومساحات خضراء، يتم تحويلها إلى مبانٍ خرسانية تعذب الروح وتقضي على آخرأمل في إصلاح ما أفسده الإهمال، وتغافلت عنه الجهات المسؤولة، ما أصابصنعاء بالاختناق وجعلها مهددة بأخطر عدوين لدودين هما: الترهل والعطش)..وختم المقالح مقالته بتأملات شعرية يقول فيها :[c1]( كانت أغنيةً للضوءومن خلف نوافذهاتتنزل موسيقي الروحوتومض ذاكرةُ الأيامْ.هل تغدو بيتاً مهجوراًجدرانا لا تدخلها غير العتمةووطاويط العزلةيا عشاق البهجة في أبهي زينتها وبراءتهاصنعاء تغادر موقعها في القلبوتوشك أن تخرج من ماء الأحلامْ ).هذا كان قبل خمس سنوات ،حين أطلق شاعرنا الكبير المقالح صرخته محذراً منترهل وتوسع صنعاء العشوائي ، وطمس جمالها من ناحية ، ومن ناحية ثانيةعطشها ، فهي المهدّدة بأزمة مائية بالغة الخطورة نتيجة لانخفاض منسوبالمياه في الحوض الذي تستمد منه مياهها اليومية.. ولنا أن نتصوّر حالصنعاء اليوم التي بالتأكيد زادت ترهلاً، واقتربت كثيراً من كارثة العطشالتي تهدّدها .تقول الأرقام مبينة بشكل جلي حجم الكارثة المائية القادمة في صنعاء إذاما أستمر الحال على ما هو عليه من استنزاف جائر للمياه واللامبالاةالكبيرة في الحفاظ عليها.إن حوض صنعاء حسب الدراسات العملية والمعطيات الحالية مهدّد بالنضوب فيعام 2025. إن مقدار العجز في الحوض يصل الى نحو 200 مليون متر مكعبسنويا، فيما لا تتجاوز التغذية السنوية 80 مليون متر مكعب.يبلغ عدد الآبار المحفورة في حوض صنعاء حوالي «13400» بئر، وفي منطقة بنيحشيش فقط يبلغ عدد الآبار بها نحو «5000» بئر أي بكثافة «20» بئراً لكلكيلو متر مربع.فهل تصبح العاصمة صنعاء التي تحتضن الحوار الوطني الشامل الذي انطلقالاثنين المنصرم ، بدون مياه في ظل الاستنزاف الجائر والمهول للمياهبحلول العام 2025م.تقول بعض التقارير ، إنه حتى لو تمكن اليمن من النجاح في معالجة مشكلاتهالحالية السياسية واحتوائها من خلال الحوار الوطني، ونجح في فرض نوع منالاستقرار يقيه التفكك والفوضى، فإنه يواجه خطراً وجودياً يفوق في حدتهباقي المشاكل والتحديات. فاليمن الذي يبلغ عدد سكانه 24 مليون نسمة،مهددٌ بنضوب مصادره من المياه العذبة في المستقبل القريب، مع انعدام أيبديل بكلفة معقولة لهذه الأزمة المرتقبة. ومن جوانب الأزمة أيضاً أنالعاصمة صنعاء بسكانها البالغ عددهم مليوني نسمة، والبعيدة بحوالي 95ميلا عن الساحل المطل على البحر الأحمر، وبارتفاع عن الأرض يصل 7000 قدم،من المتوقع أن ينفد مخزونها من الماء بحلول منتصف العقد القادم ، حيثيخصص أغلب الماء المتوفر لديها حالياً للسقي الزراعي، فيما يستهلك‘القات’ لوحده حوالي 40 في المئة من تلك المياه، علماً بأن هذا النباتالمخدر الذي يقبل عليه اليمنيون بكثرة، يستنزف كميات كبيرة من المياه.فكيف الخروج من هذا المأزق الخطير الذي يزحف على اليمن.هكذا يتساءل الخبراء والمهتمون بالمياه في اليمن ،وهو بلا شك تساؤل فيمحله ، فالكارثة قادمة ومحدقة لا محالة، إذ تعتبر اليمن واحدة من دولالعالم الأكثر شحاً في موارد المياه حيث ارتفعت أسعارها عدة مرات منذالعام 2011 والسبب هو ارتفاع أسعار وإمدادات الوقود المستخدم في ضخالمياه من طبقات المياه الجوفية العميقة والتي تتعرض لضخ جائر كبير أدىالى نضوب معظمها ،ونتيجة لذلك فمن الممكن ان تصبح صنعاء أول عاصمةبالعالم بدون مياه .
|
آراء
حوار في عاصمة مهددة بالعطش
أخبار متعلقة