سطور
ستمضي السنون وستظل ذكرى الفنان الكبير محمد مرشد ناجي باقية وخالدة بخلود أغانيه وألحانه وقد بدأت سيرة جديدة من حياة هذا الفنان والقامة الفنية والثقافية الكبيرة وهو الذي ظل لأكثر من ستة عقود يطور ثقافته ويجدد عطاءه الإبداعي، متفرداً بلونه ونغمه المميز حتى غدا مدرسة رائدة في سماء الغناء اليمني والعربي وذاعت شهرته إلى خارج اليمن والجزيرة العربية. وهو الفنان الذي أستطاع بثقافته الفنية والموسيقية، وكتاباته أن يظهر في أعماله وألحانه المستوى الرفيع الذي عكسته مع النهضة والحياة الثقافية التي شهدتها عدن ولحج منذ الأربعينيات من القرن المنصرم، عند تأسيس الأندية الأدبية والفنية والثقافية، وظهور الصحافة التي هي الأخرى أسهمت في دعم الحياة.. الحياة الثقافية وتعطي لعدن ألقها وتوهجها المدني الحضاري.المرشدي فنان مثقف ترك أثراً طيباً للمجتمع وللمشهد الثقافي والفني، وتأثر الناس والفنانون به أولاً، وأعتبره شخصياً البوابة الثقافية لكل من يريد التعرف أو الإطلاع على ثقافة هذا الجزء من الوطن.. فلا يمكن لأي فنان أن يعبر إلى مرافئ الغناء اليمني دون أن ينصت ويستجيب لصوت المرشدي وألحانه الخالدة.وأنا مثل غيري من المطربين والفنانين، كنت في سنوات طفولتي وصباي برفقة أترابي نترقب بعض الحفلات الفنية التي يحضرها أو يحييها الفنان المرشدي في ساحة (الدوابية) والصباغين بالمعلا أو في مدرسة البادري في كريتر للاستماع للفنان محمد مرشد ناجي، لأن كل الناس كانوا يحضرونها بتلهف شديد، وهذا ليس بجديد ولكن الأجمل أن المرشدي كفنان مثقف من طراز فريد كان أوجد لنفسه جمهوراً كما للفنان أحمد قاسم وفرقته الموسيقية جمهوره، فلكل منهما جمهوره الذي يشجعه ويتحمس له فهما أشبه بناديين رياضيين على كل منهما أن يبرز جديدة ويظهر تطوره وبراعته وكان التنافس على أشده بينهما، وكلاهما يجمعان الناس ويوحدان عدن في أجواء فنية مشبعة بالمحبة، حتى تعصب الجماهير كان يظهر في بعض الأحيان ولكن لم يؤثر سلباً على ازدهار الأغنية العدنية وغيرها من ألوان الغناء.المرشدي رحمة الله عليه تميز عن غيره من الفنانين الذين جايلوه فقد ظل منذ الخمسينيات من القرن الماضي مهتماً بالتوثيق والتأليف الأدبي، فسجل بقلمه كل ما كان يعرفه أو سمعه من الآخرين لكتابة سيرة الفنانين أو نبذة مختصرة عن حياتهم ولهذا جاء كتابه (الغناء اليمني ومشاهيره) ليحفظ للأجيال تلك الحكايات الشفهية التي كان يتناقلها الناس في تلك الفترة التي أدرك فيها الفنان الكبير محمد مرشد ناجي أهمية توثيق ما يستوجب حفظه عن الغناء اليمني ومشاهيره من شيوخ الغناء مثل الجراش والدباشي والعنتري وأنور أحمد قاسم وعلي ابوبكر ومحمد عبد الرحمن مكاوي ويوسف عبد الغني وأحمد عبيد قعطبي وغيرهم.. رحم الله رواد زمن الفن الجميل، زمن الحب والشعور النبيل والصادق في التعبير ورسم الوفاء.[c1] الإمارات العربية المتحدة[/c]