سطور
أخشى من وقع الكلمات، أخشى من قرع كؤوس العشق، وبرود الشجن فعندما يكتمل مصدر الحب، وصخب الحياة، وخارطة الحنين بإيقاع نازك الملائكة بـ (أغنية حب للكلمات) فلا ننسى معها أن للحياة شجناً آخر، أن جر أذيال الخيبة مثلها مثل جر غنيمة حرب، وأن دعاء للقديس بطرس مثل خطبة جمعة موشاة بالشتم ومحاربة الناس ومقاتلتهم وجرهم إلى معارك وهمية ما أن ينفك المصلون منها إلا ويعرفون مدى السخف وحالة الإصغاء والصبر التي يتمتعون بها في فهم اللا شيء .هل نحن حقا لا شيء ؟ماذا نجيد أكثر من خفة دم ، أكثر من فراغ فكري وعاطفي ، أكثر من حالة عنف نؤسس معها لكل حلم قبيح بوجه مزين بأبهى الصور والتعاليق الإنسانية المرتجلة !نشتم كل شيء، نرى في الجمال فكرة للعيش والعشق الصاخب، نرى في كل الأوطان مجرد مستعمرات بشرية للعبث، في كل ذلك نرى أننا أصحاب الحق وأصحاب القتل والموت والقرار، أصحاب الفراغ والتعبئة الخاطئة .ماذا بعد ؟؟؟أن نفكر بعقليات إنسان القرن الحادي والعشرين، أم بعقلية رجل خارج لتوه من مستنقع تتصدر روائحه كل شكليات الحكم النبيل والمفتعل ؟ماذا إذاً ؟فالهروب من استحقاقات الحياة هروب مدو أيضاً، والضحك دون مبررات للسعادة والنقاء بحد ذاته لا يعني أكثر من خداع للذاكرة !بمجرد أن نرى في تبرير وجودنا بالعباءات والتبعيات الشخصية، بالمناهج والتصورات الأدبية نعي أن كل رسالة نحملها مجرد انتصار للبشرية كلها دون انتقاء طيف من مخاض تكويني واحد، سوف نعي جيدا أن أوطاننا لا تتعايش مع العنف، مع التحريض والاقتتال ، مع المنهج والفكر الديني الضيق، مع كل ما يتنافى مع الوجود البشري والإنساني جمعاً .أن نخشى الكلمات، ولماذا نخشى من الكلمات ؟ سوف نعي أن حالة التوجس التي أملتها علينا كل واقعة تاريخية ما هي إلا لعنة تتوارثها أجيال كي تبني على أعشاشها المهرهرة فقاسات تبيض حالات موت مستعجلة .ولماذا نخشى من الكلمات هذا ما كتبته الراحلة العراقية نازك الملائكة عندما رأت بكلماتها حالة انتصار على الواقع المريض، حالة طهر في مواجهة كل عدا فلم يسع قلمها إلا صاغت بجرحها الذاوي حلم أمة في البوح وافي الكتابة، في الانتصار لكل أنوثة على خاصرة أوطان ترى فيها مصدراً فائضاً للعبث واللعب على جسدها المستباح .نازك الملائكة هي (حنين الملائكة التي فتحت أبواب الحرية الشعرية وماتت صامتة لأنها امرأة وإلى حريتي التي لا أريدها أن تموت بصمت وإلى تاء التأنيث التي تسقط سهوا أو عمدا من كل الانجازات الأدبية العظيمة)هذا ما استطردته بعض من همسها الأدبي في أمسية اختلطت بالشوكولاته والحب والحنين لشاعرة الجزائر ((حنين عمر)) . حقا أن الكلمات أكف من ورود باردات العطر مرت عذبة فوق خدود وهي أحيانا كؤوس من رحيق منعش رشفتها ذات صيف شفة في عطش هذا ما صاغته نازك الملائكة بأكثر من خفة شعرية لنرى بعدها كجيل قادم لا يحمل أكثر من غريزة ، أكثر من حالة خداع للكلمات نفسها ، وللحب والحنين ومصادقة الأوطان وقتلها .