سهل بن إسحاقالثقافة هي مفهوم واسع، ومتنوع بتنوع ما تتضمنه الثقافة من فعاليات وأنشطة تنتمي لها وتعبر عنها بمجملها من تراث وموروث شعبي وآثار وفنون وآداب وعادات وتقاليد، وكل ذلك يمثل جوهر العمل الثقافي والهوية الوطنية.. وبالإضافة إلى مفهوم الثقافة العام، فقد وجدت مفاهيم جديدة لمفهوم الثقافة والعمل الثقافي بعالمنا اليوم، أي بزمن العولمة الذي فرض أساليب وطرقاً ووسائل للعمل الثقافي معتمدة على التطور التكنولوجي باستخدام الشبكة العنكبوتية المعلوماتية، بالإضافة إلى مؤسسات المجتمع واحتياجاته ومتطلباته الحقيقية.ونتيجة للمفهوم العام للثقافة وما طرأ عليها من مفاهيم جديدة، فقد أصبحت الثقافة أساساً محورياً بعملية التنمية البشرية لخدمة المجتمع على اختلاف فئاتهم ومستوياتهم التعليمية وتنوع ميولهم، والفهم الجاد والحقيقي للضرورات التي تدعو إلى تجديد البناء المجتمعي من خلال التغيير المنهجي لمستويات نمط العيش للفرد والمجتمع. وبذلك تترجم الثقافة المفاهيم النظرية إلى حقائق بعمل ثقافي ملموس على أسس راسخة، ينتج عنه تنمية بشرية شاملة لكافة نواحي الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والعملية بشكل متواز ووحدة مسار من شأنه المضي نحو النهوض بالمجتمع في كافة النواحي، وليس في ناحية دون أخرى، لتحقق الثقافة هدفها ودورها في رقي وتقدم وازدهار ورفاهية ورخاء المجتمع بأكمله.وإن أي تقصير أو غياب للثقافة وعملها وللمثقفين من صفوة المجتمع ونخبته من أكاديميين وسياسيين ومفكرين وأدباء وفنانين وكافة المبدعين،عن القيام بدورهم في حياة المجتمع، فذلك سوف يفسح المجال لغيرهم، وحينها سينتج الخراب وستعم الفوضى والإضرابات وسيحدث ما لا تحمد عقباه. ولذلك فعلى المثقفين والمؤسسات الثقافية الحكومية والأهلية أن تعي وتدرك أهميتها للمجتمع ودورها في النهوض نحو التطور والتقدم والازدهار والرخاء والنماء ومستقبل مشرق لجميع أفراد المجتمع.فالمجتمع الذي لا يقوده المثقفون مجتمع مغيب ومجهول المستقبل، ومفكك اللحمة الاجتماعية وعاجز عن صناعة التغيير ويسير نحو مستقبل مظلم، وبالثقافة والمثقفين يمكن إحداث التحولات المهمة بحياة الفرد والمجتمع، من خلال ما تملكه من مقومات وعناصر وإمكانيات بشرية ومادية ووسائل وأدوات للتصدي لأي أزمات وتحديات يواجهها المجتمع ومعالجتها والخروج منها بيسر وأمان، والاستمرار في السير نحو المستقبل المنشود علماً أن كل ما تملكه الثقافة من مقومات وعناصر تختلف عن سائر المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، لأنها تعتمد على الفكر والعقل والمنطق والحوار لإحداث أي تغيير،ذلك التغيير لا يتم بين ليلة وضحاها، إنما يتم بالتدريج وبصورة تراكمية باستخدام أدوات ووسائل ثقافية متنوعة من أدب وشعر وقصة ورواية ومسرح وموسيقى وغناء وفنون وأعمال إبداعية، وندوات ومحاضرات وغيرها من أنشطة وفعاليات.ولاختيار بلادنا النهج الديمقراطي لنظام الحكم المبني على التعددية السياسية الحزبية، وكون الديمقراطية ليست هبة أو منحة، إنما هي سلوك واكتساب، عبر عملية تربوية ثقافية تراكمية ومرتبطة بانتشار التعليم وخلو المجتمع من الأمية، فإن ذلك يتطلب خطاباً ثقافياً جديداً قائماً على حرية التعبير والحق في الاختلاف وتقبل الآخر، ونبذ ثقافة الإقصاء والفتنة والكراهية وزرع قيم وثقافة الحوار والتسامح والمواطنة المتساوية والانتماء للوطن الذي يعلو فوق أي انتماء سياسي وحزبي وظائفي.ولكل ما ذكر عن مفهوم الثقافة والعمل الثقافي، يتضح أن الوضع الحقيقي بمحافظة عدن بعيد كل البعد عما يجب أن يكون ويتناسب مع مفهوم الثقافة والمهام المناطة بها والأهداف التي وجدت من أجلها.وبالتالي والحقيقة المرة والمؤسفة ودون أي شك أن الثقافة بمحافظة عدن مغيبة، بعد أن تم حصرها واقتصارها على المشاركات البسيطة والمتواضعة جداً في الاحتفالات الوطنية بتقديم بعض الفقرات الغنائية والراقصة والمسرحية، ومع الأسف بشكل متدنّ لا يرتقي إلى ما تزخر به محافظة عدن من مخزون ثقافي وفني وتراثي، وما تملكه من قدرات وإمكانيات فنية وإبداعية. وبذلك فإن الثقافة بعدن قد حصرت واختزلت في مهام مكاتب متعهدي المناسبات والأعراس، وحتى أن تلك المهمة لم تؤد كما يجب أن تكون.وهنا نتساءل: أين ثقافة الطفل وأين الأنشطة الثقافية والفنية الشبابية والمدرسية والجامعية؟ وأين الندوات والمحاضرات والأمسيات والصباحيات الثقافية والفنية؟ وأين الثقافة الجماهيرية والتنويرية؟ وأين برامج تنمية المواهب وتطوير المهارات والقدرات الفنية والإبداعية؟ وأين معارض الفنون التشكيلية والتطبيقية؟ معارض الصور؟ ومعارض الكتاب؟ وأين النشاط الثقافي والفني لذوي الاحتياجات الخاصة؟ وأين؟ وأين؟ وعليه فالرؤية واضحة ودون أي لبس لحال الثقافة والمشهد الثقافي بمحافظة عدن.وهنا اسمحوا لي أن أضع بين أيديكم ونصب أعينكم مساهمتي المتواضعة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه للوضع الثقافي الذي لا يسر العدو قبل الحبيب، ولا يمكن القبول به والسكوت عنه، ومساهمتي هي:الخطوط العامة للعمل الثقافي1ـ وضع خطط وبرامج واقعية للعمل الثقافي الشامل لإحداث تنمية ثقافية قصيرة وطويلة المدى.2ـ استثمار الطاقات والإمكانيات بالمحافظة وتسخيرها في العمل الثقافي الجماهيري التنويري لاستعادة القيم الإيجابية للمجتمع مثل التعاون والتسامح والمحبة والإخاء والانتماء للوطن... ونبذ العنف والتطرف والتفرقة والكراهية والتعصب.3ـ إبراز الإمكانيات الثقافية والفنية والتراثية التي تتميز بها محافظة عدن، وإبراز قيمتها الجمالية والإنسانية ونشرها وترويجها وطنياً وإقليمياً وعربياً ودولياً.4ـ وضع خطة عمل ثقافية لتعزيز مكانة اللغة العربية باعتبارها مكوناً مهماً ورئيسياً من مكونات هويتنا ورابطاً أساسياً من روابط مجتمعنا بأشقائه العرب.5ـ تبني ورعاية الإبداع والمبدعين ودعم المنتج المتميز ترويجاً وتسويقاً وطنياً وإقليمياً وعربياً.6ـ استعادة جسور التواصل والتنسيق والتعاون مع كافة مؤسسات المجتمع لخلق علاقة شراكة ثقافية.7ـ خلق شراكة حقيقية مع رجال المال والأعمال بعدن، لتحقيق نهضة ثقافية مواكبة للنمو المتسارع للمؤسسات التجارية والصناعية والاقتصادية وذلك إيماناً بمبدأ التكامل بين الثقافة والفكر وبين المال والأعمال لينتج صيغة مثلى للتعاون البناء ويثمر تحقيق الأهداف المشتركة الجامعة بين الثقافة ونماء المال والأعمال وانعكاس ذلك على المجتمع بكافة شرائحه.8. العمل على توفير البنى التحتية اللازمة للعمل الثقافي9. تبني برامج وخطط خاصة لقطاع الطفولة والمرأة والشباب وإقامة دورات تدريبية في مجالات الموسيقى والغناء والمسرح والفنون التشكيلية وكافة أنواع الإبداع.10ـ وضع برامج خاصة للنشاط الثقافي الفني الإبداعي لذوي الاحتياجات الخاصة.11ـ إعداد مشروع الموسوعة الثقافية والفنية لمحافظة عدن.12ـ تبني خطة للتثقيف الجماهيري لأهمية الكتاب والقراءة وإقامة فعاليات القراءة للجميع.13ـ العمل على إعادة إقامة المهرجانات الثقافية والفنية والأدبية مثل مهرجان المسرح/ الأعراس/ الغناء/ الفنون الشعبية/ الموسيقى/ الشعر والقصة/ الأفلام الشبابية/ المسرح الشبابي والمدرسي والجامعي.14ـ إعداد قاعدة بيانات الكترونية لكافة المثقفين والفنانين والأدباء والشعراء الراحلين والأحياء.15ـ دعم ورعاية معهد جميل غانم للفنون الجميلة وتحقيق استقلاليته المالية والإدارية، والتحضير للذكرى الأربعين لتأسيسه.16ـ إقامة الندوات المتخصصة وكذا على هامش المهرجانات والأنشطة الثقافية والفنية.17ـ إقامة المسابقات لكافة أنواع الإبداع والفنون.18ـ تبني منح الجوائز التقديرية والتشجيعية للمبدعين.19 ـ النهوض بالحركة المسرحية وتفعيل نشاطاتها.20 ـ استئناف إصدار المجلات الثقافية والفنية والأدبية والخاصة بالطفولة .21. تشجيع إنشاء وتأسيس مؤسسات المجتمع المدني الإبداعية والثقافية وتعزيز العلاقة معها المبنية على التنسيق والتعاون.22ـ المساهمة في تأسيس الفرق الفنية الخاصة ورعايتها.23ـ تشجيع إجراء البحوث والدراسات الثقافية والفنية والأدبية.24ـ إقامة المهرجانات والأسابيع الثقافية والمعارض داخل المحافظة والمحافظات الأخرى وإقليمياً وعربياً بهدف التعريف بما تزخر به عدن من حضارة وثقافة وفنون.25ـ تأهيل وإعادة تأهيل العاملين في الإدارة الثقافية مهنياً وثقافياً.26ـ دعم المكتبة الوطنية لتوسيع نشاطها وتوجيه حملة تثقيفية تنويرية بأهمية الكتاب.27ـ إقامة مخيمات الإبداع الشبابية الصيفية.28ـ عقد ندوة سنوية للثقافة والفنون والأدب.29ـ إنشاء المجلس الأعلى للثقافة والفنون والآداب برئاسة محافظ المحافظة.30ـ إقامة شراكة دائمة مع مكاتب وزارات الشباب والرياضة، التربية والتعليم، التعليم العالي والبحث العلمي، الإعلام ، السياحة، التعليم الفني والتدريب المهني، التخطيط والتعاون الدولي، المالية، لتشكل فريق عمل واحداً لوضع خطط العمل الثقافي وبرامج تنفيذها.31ـ التواصل مع القنصليات العامة الشقيقة والصديقة بالمحافظة للتشاور والتباحث حول التعاون والتكامل الثقافي والاستفادة من تجاربهم وخبراتهم والسعي لخلق علاقة توأمة ثقافية مع بعض عواصم ومدن تلك البلدان.32ـ السعي لخلق علاقة تنسيق وتعاون بين مكتب الثقافة وكافة المؤسسات الثقافية بعدن: معهد جميل غانم، الآثار والمتاحف، صهاريج عدن، المكتبة الوطنية، مكتبة مسواط، الهيئة العامة للكتاب.33ـ دعم مكتبة مسواط والعمل على تطويرها ودعم نشاطها وجعلها قبلة لأطفال عدن لغرس حب الكتاب والمعرفة في نفوسهم.34ـ الاستفادة من موارد صندوق التراث والتنمية وفتح فرع له بعدن برئاسة المحافظ أسوة ببقية الصناديق الأخرى مثل: صندوق النظافة صندوق الشباب، لتوفير الدعم المالي اللازم لتسيير النشاطات الثقافية والفنية بمحافظة عدن.> ماجستير تربية موسيقيةمدير عام معهد جميل غانم
|
ثقافة
مشروع العمل الثقافي بمحافظة عدن
أخبار متعلقة