فيصل علوي .. الصوت الباحث عن الكلمات
كتب/عياش علي محمد في قرية الشقعة مسقط رأس الفنان فيصل علوي، النائمة على سهل زراعي، التي تغسلها مياه وادي تبن، هناك في تلك القرية المخضرة الواقعة شمالي الحوطة، ولد الفنان فيصل علوي من أب لحجي وأم لحجية، حيث كان والده لا وظيفة له في الحياة إلا بما حباه الله من صوت عذب يشارك به أفراح الأهل والأصحاب كلما دعي لإحياء حفلات الزواج في تلك القرية، وإحياء السمرات الخاصة في مناسبات الأعياد والمواسم الزراعية بما يجود به من صوت غنائي يشبع به رغبات المستمعين ويسترزق منه ولكنه استرزاق يصل إلى حد الكفاف، فالفنانون في زمنه عديدون وكلهم يبحثون عن ما يسد رمقهم. والد الفنان فيصل علوي يطلق عليه علوي سعد أحمد شميلة وقد عاش ظروفاً صعبة، وحياة متواضعة سببها قلة الدخل وعدم وجود مصدر ثابت للدخل إلا رقعة زراعية صغيرة تمنحه الحياة له ولأسرته مع أعداد قليلة من الأغنام، وعندما اكتشف والد الفنان فيصل علوي أن له صوتاً يرغب الناس في سماعه، أعطاه هذا التصور والانطباع نفساً جديداً وشعوراً ذاتياً بقدراته على إسعاد الناس حتى إذا حصل على مردود مادي زهيد أو تلقى حفنة من حبوب البكر والبيني التي تشتهر بإنتاجها هذه القرية الصغيرة في مساحتها التي لقبت (بأم الخير) للحوطة وضواحيها بما تكتنزه من خيرات الأرض ومن اتساع مراعيها العشبية بحكم احتضانها لمياه وادي تبن وحقولها الشاسعة، وتكاثر أعداد خيولها المملوكة للأسر الارستقراطية وهي من نسل الخيول العربية.قال عنها الأمير احمد فضل القمندان:ما خيل في الشقعة ترد العناء وما تخرج إلا على شانوسواء قصد الأمير أحمد فضل القمندان بهذا البيت الخيول العربية أو الخيول النسائية فكلاهما عنصران لهما حضورهما في القصيدة والغناء.وحين نشأ الفنان فيصل علوي وترعرع في هذه القرية ظهرت موهبته الفنية مبكرة بفضل بيئته قرية الشقعة الزراعية ومياه وادي تبن ومراعي الأغنام.فقد كان يقود الأغنام إلى مروج القرية ويتركها تعتاش من عشبها، بينما يخلو الفنان فيصل علوي مع نفسه، وتحت تأثير الحقول والمياه والهواء الطلق.. وأمام أغنامه يردد الفنان فيصل علوي أغاني من تلك الأغاني التي كان يسمعها من الفنانين الآخرين أو في غناء الزراع والحصاد، إذ كان يؤنس نفسه بها حتى إذا جاء الليل جمع أغنامه وأعادها إلى زرائبها.وفي بداية الخمسينات من القرن الماضي عندما ظهر في أسواق عدن الراديو (الترانزستر) الذي يحمله المرء في جيبه أو كما كان يطلق عليه (راديو الجيب) كان فيصل علوي يسترق السمع من هذا الجهاز الذي تخرج منه الأصوات والمغاني والألحان.. فأخذ يلح على عمه كي يبتاع هذا الجهاز الصغير الذي فتن به وقضى أياماً بلياليها يتخيل هذا الجهاز ويتمنى أن يكون له واحد منه.وعندما حقق له عمه حلمه هذا بابتياع الراديو له فرح به أيما فرح، وظل ذلك الجهاز سميره وأنيسه في ليله ونهاره، وكان كلما استمع إلى المغاني الصادرة من ذلك الراديو تأخذه النشوة ويذهب بتقليد معظم الأصوات المنبعثة من المذياع.. وعرف الفنان فيصل علوي بعد حين أنه يتمتع بصوت قد يضاهي تلك الأصوات التي يبثها المذياع فكانت هذه أشبه بلحظة إعجابه بصوته الغنائي.. ويبدو أن إعجابه بنفسه قد حمله عبئاً ثقيلاً في البحث عن ملاذ يأوي بصوته إليه.. وربما كان يفكر في القدر المحتوم الذي ينتظره ويمسكه بيده كي يقوده إلى مفاتيح ذلك الصندوق (الترانزستر).وفي ذلك الوقت كان التسابق على الأصوات على أشده، وتبارى الشعراء والأدباء في اختيار الأصوات الموهوبة في لحج.وازدادت موجات البحث عن تلك الأصوات.. لقد كانوا مدركين أن لحج ولادة لتلك المواهب الصوتية والغنائية وما عليهم إلا تقصي الأصوات والفوز بها.والمعروف أن بعضاً من أولئك الموهوبين يولدون نجوماً بالفطرة.. ومنهم من تدفعهم موهبتهم نحو النجومية بشكل تدريجي، ومنهم من يصادفه القدر ويمنحه تأشيرة العبور نحو النجومية.وكان أحد أهم الهواجس والصعوبات عند الشعراء هي أن يعثروا على تلك الأصوات التي سيكون دورها عظيماً في إعطاء الحياة للقصائد الشعرية المخبأة في الدواوين الشعرية المتعلقة بالشعراء أنفسهم والتي لم تجد بعد من ينفخ في روحها ويعطيها الحياة والخلود.فالأمير أحمد فضل القمندان ظل يبحث عن ضالته المنشودة المتمثلة بحصوله على الصوت الغنائي الذي سيعطي قصائده روحاً جديدة والتي تكدست لديه والباحثة عن أصوات تغذيها بالحياة وتساعد على إحياء ذلك التراث الأدبي وتجديده والحفاظ عليه.فمرت قرابة عشرين عاماً من البحث المضني عن تلك الأصوات حتى وجدوها في صبابة الشاب فضل محمد جبلي، ليطلق القمندان زفرات صوتية خارجة من صدره (مهللاً) بذلك الصوت الواعد الذي سيحقق معه حلمه الكبير في نهضة الأغنية اللحجية وانتشارها إلى الأصقاع البعيدة.وقد قادته نباهته الفنية والأدبية إلى جمع ذلك التراث البديع الذي خلفته أجيال تعد سابقة القمندان من أدباء من أدباء وشعراء لحج، وجاء القمندان كي يصقل ذلك الموروث الأدبي ويهذبه ويعمل على تدوينه خشية منه أن يضيع ذلك التراث في ظل التدفقات التي شهدتها المنطقة وإغراقها بالأغاني العربية والهندية فجاءت مصادفة كي يحصل (القمندان) على خامة فنية لازالت في طور النشء والتفتح والنضج.. وعندما كان القمندان يبحث عن تلك الأصوات لم يكن يعني بطريقة مباشرة أو غير مباشرة أنه لا توجد أصوات غنائية لحجية آنذاك، فقد كان هناك الفنان هادي سبيت النوبي، والفنان صالح الظاهري والفنان سعد عبدالله صالح والفنان صالح عيسى، وهم قامات فنية رائعة أثروا الغناء اللحجي ومنحوه حبهم وإخلاصهم، لكن (القمندان) ببصيرته المعهودة توصل إلى قناعة بأن أولئك الفنانين متمسكون بغنائهم التقليدي وينقصهم الميل نحو التطوير.. رغم أن التطور بدأ يغزو ميدان الغناء بظهور آلة (الفوتوغراف) وأقراص التسجيل (الأسطوانات) ومن أجمل الصدف أن الأمير أحمد فضل القمندان قد ساعده الحظ بالعثور على ضالته المنشودة فعثر على الفتى الشقي الذي تظهر عليه تباشير النبوغ الفني فوجده في دكان الحاج محمد جبلي وهو رجل كان يشغل حرفة الخياطة، وموقع عمله يقع تحت بيت القمندان.وقد أرشده إليه العديد من الناس، وأبلغوه بوجود فتى يافع يعزف على العود في دكان أبيه بنغمات آسرة، تلهب مشاعر من يستمعون إليه، وقالوا للقمندان ننصحك بأخذ ذلك الفتى فإنه يبدو عليه تباشير عبقرية فنية قادمة وعليك استغلالها وستكون بعون الله عوناً لك في انتشال هذا الموروث من مراقده وإخراجه للوجود.عندها جرت مفاوضات بين الأمير أحمد فضل القمندان والحاج محمد جبلي والد الفتى (فضل محمد) لاستعارته.. وكان الحاج محمد جبلي لا يحبذ إعطاء القمندان ولده الشقي منذ طفولته كما قال عنه والده.. ويعاني ولده من مرض التراخوما الرمدي إلا أن القمندان أقنع الحاج محمد جبلي بأنه سيعمل المستحيل من أجل معالجة الفتى من التراخوما وسوف يهتم بنظافته وملبسه وأنه سيرعاه مادام حياً وبهذا الواعد وافق الحاج محمد جبلي على إهداء ذلك الفتى اليافع للأستاذ الأمير أحمد فضل القمندان.وتعلم الفتى فضل محمد جبلي من أستاذه القمندان أصول العزف على العود، ولم تمر سنوات قليلة إلا والفتى فضل محمد جبلي قد أصبح ذا مكانة هامة ورفيعة أشار إليه الأمير أحمد فضل القمندان في عدد من قصائده كتلك التي قالها عنه في قصيدته (صادت عيون المها قلبي) حين وصف غناء الفنان فضل محمد جبلي كالذي يفتح طريقاً في صدر القمندان يتنفس من خلاله من معاناته حين يقول:هل أعجبك يوم في شعري غزير المعانيوذقت ترتيل آياتي وشاقك بيانيوهل تأملت يا لحجي كتاب الأغانيولا أنا قط صنعاني ولا أصفهاني هل أسمعك فضل يوماً في الغناء ما أعانيوكيف صاد المها قلبي وماذا دهاني (1).كما أن موهبة الفنان فضل محمد اللحجي تعدت العزف على العود لتصل إلى أوتار الربابة.. وحين كان يسمع القمندان عزف الفتان فضل محمد اللحجي على الربابة تنفرج أحاسيسه ويتجلى وجهه وتعلوه الابتسامة حين يتناول فضل محمد اللحجي في قصيدته (ساعة هنيئة) عندما أفرد لفضل محمد اللحجي بيتاً شعرياً يقول فيه : يا فضل غني بالدان شل الربابة شوق المحبين في البستان هم والحبابة ساعة هنيئة.وبهذا يترجم القمندان تلك بعبارة شعرية تعطي للفنان فضل محمد اللحجي الاذن بالعزف على أوتار الربابة كي يسعد الحاضرين في البستان هم والحبابة. ومضى كل في مجراه ساعياً إلى استقطاب المواهب الفنية فهذا الأستاذ عبدالله هادي سبيت ظل يبحث عن الصوت الذي يلهمه بكل قصيدة جديدة ورغم أن ( سبيت) تعامل مع العديد من الفنانين إلا أن نظره الثاقب ظل يترقب الصوت الذي يقنعه بأداء قصائده.. فجاءت فرصة الرحلة الدراسية التي قامت بها مدرسة الوهط الإعدادية إلى قرية الخداد وكان فيها الطالب محمد صالح حمدون فقدم الأستاذ عبدالله علي الجفري (2) الطالب محمد صالح حمدون للشاعر عبدالله هادي سبيت وقال له اسمع صوته يا سبيت فسمع سبيت صوت الطالب ( حمدون) فأعجب به .. وبقي حمدون في ذهن سبيت حتى جاءت ثورة الجزائر 1958م فقدم له سبيت أغنية ( سألت العين) بعد أن اخذ كلماتها من الأمير محسن بن احمد مهدي وعندما قدم بن حمدون أغنية ( سألت العين) لاقت نجاحاً باهراً إلى درجة انه بعد تسجيلها في إذاعة عدن كانت تستقبل مئات الطلبات للمستعين لهذه الأغنية. وغدت أغنية سالت العين العنوان الذي فجر ركاما من السحب الراكدة لتمطر السماء ولعاً وحباً لهذه الأغنية على ارض السعيدة وعلى بقية النواحي في شبه الجزيرة العربية. وهذا الفنان عبدالكريم توفيق الذي تأثر بالفن وهو في سن الخامسة من عمره عندما يصطحبه والده لحضور جلسات المساجلات الشعرية ويغني فيها متأثراً بخاله الفنان ( هادي سعد) منذ الصغر وكان يحفظ ما يسمعه ليغني بعد ذلك في وقت آخر .. ثم تتلمذ على يد الأساتذة محمد سعد الصنعاني وفضل محمد اللحجي وصلاح ناصر كرد. مارس هوايته الفنية مع الأصدقاء ومع الأسرة ثم في المدرسة وظهرت موهبته من خلال الأنشطة المدرسية التي كانت تقيمها المدرسة ولقي تشجيعاً من أستاذه الفنان حسن عطا .. وبدأ مشواره الفني منذ عام 1958م وسجل باكوره أعماله الفنية بأغنية ( يعذبني الحبيب دائم) من كلمات والحان سالم عبدالله النوبي وقد سجلها في إذاعة عدن. [c1] اكتشاف فيصل علوي [/c]الطفل فيصل علوي تخلى عن مهنة الرعي وأسندت إليه أسرته مهمة جديدة وهي بيع الخبز ( الكدر) الغداء الرئيسي في قريته وفي لحج بشكل عام. وكان يحمل جعبته الملانة بالكدر (3)... ويضعها على رأسه ويذهب بها إلى سوق الشقعة لغرض بيعها .. ولفت الطفل فيصل علوي أنظار الجميع بصوته العذب إذ كان يجذب الشارين إليه لأنه كان يبيع الخبز وهو يغني مطالع من الأغنيات فأعجبوا به ويشترون ما عنده من الخبز ثم يعود سريعاً إلى أسرته بعد أن ينتهي من بيعه للخبز وقد تعرف بالفنان فيصل علوي رجل في بيت كرد يعيش بحوطة لحج ويدعى الحاج ( سعيد محمد كرد) وكانت لديه ارض زراعية في الشقعة .. (4) فأخبر الحاج سعيد كرد قريبة الشاعر صلاح ناصر كرد.. بصوت هذا الطفل ( المبدع) فقرر صلاح ناصر كرد استمالة هذا الطفل .. فأرسله ومعه الفنان محمد السرحاني إلى الشقعة لمفاوضة أهله وانضمامه إلى الفريق الفني في لحج. الحاج سعيد كرد والعازف محمد السرحاني جاؤوا بالطفل فيصل علوي إلى الحوطة لينظم إلى الفريق الفني الذي سبقه في الندوة اللحجية.وتلقاه الشاعر صلاح ناصر كرد وجمعه مع اقرانه في الندوة اللحجية التي كان مقرها ديوان السلطان فضل بن علي العبدلي ( آخر سلاطين لحج) 1958-1967م الذي شملهم برعايته ووافقهم على تشكيل ندوة موسيقية لحجية وساهم في توفير الآلات الموسيقية للندوة إلى جانب ما يجود به عليهم من صرفيات مادية حتى يكونوا الوجه المشرق للفن اللحجي. وفي هذه الندوة عمل الأستاذ فضل محمد اللحجي وزملاؤه صلاح ناصر كرد ومحمد سعد الصنعاني والأمير محسن بن احمد مهدي والفنان حسن عطا والأمير عبده عبدالكريم عملوا على جذب الأصوات الغنائية وإجازتها بعد جولات من الفحص والاختبار للصوت والأداء(5). كان حضور الفنان فيصل علوي منتظماً في الندوة حيث يتلقى الدروس والنصائح من الفنانين الكبار الذين يديرون الندوة الموسيقية.. وخضع الفنان فيصل علوي لعدة اختبارات في إجازة الصوت والتعبير اللغوي للقصائد والمعاني التي توضحها .. ونجح الموهوب فيصل علوي. وبدأت مؤشرات نبوغه وتفوقه الفني فكانت الندوة بيته ومعيشة وسكنه وبحكم التصاقه معيشياً وفنياً بالندوة استطاع الفنان فيصل علوي أن يتعلم ويتقن العزف على جميع الآلات الموسيقية المتوفرة في الندوة.. ولان وقت الفراغ الذي كان يقضيه في الندوة اجبره على التعلم والاستيعاب لهذه الآلات الموسيقية. وبعد أن أشهدت له اللجنة المكلفة بفحص الأصوات في الندوة اللحجية قدم له الفنان صلاح ناصر كرد أغنية باكورة مشواره الفني وهي من كلمات الشاعر احمد عباد الحسيني .. عنوانها ( أسألك بالحب يا فاتن جميل ) وهي أول أغنية للشاعر والملحن والفنان فيصل علوي.. وقد راجت هذه الأغنية ونالت صداها الواسع في أوساط الجمهور في لحج وعدن وتلاها الفنان المؤلف والملحن المذكورين بأغنية ثانية ( يا شقي في يوم عيدك يرحمك رب السماءذا الخبر ما با يفيدك لا ولا يسقيك ما وقد لحنها الفنان صلاح ناصر كرد وغناها فيصل علوي وكرر الثلاثي الموهوبون عباد الحسيني / وفيصل علوي / وصلاح ناصر كرد أغنية ثالثة هي : كان واللي كان كان كان يا فاتن زمان وسط قلبي لك مكان والعواطف ترجمان وبهذه الثلاثية الخلاقة .. وقف الفنان فيصل علوي في تحد صارخ للأصوات الموهوبة الأخرى بل كان احد المنافسين الرئيسيين للفنانين الكبار الذين سبقوه في الغناء. [c1] زواجه [/c]اكتمل نمو الشاب فيصل علوي ونضج صوته وتغلب على حياة ماضيه في الرعي وبيع الخبز وأراد أن يستقر في حياته حتى يتفرغ لطموحه الجارف والجامح الذي كان يدفعه دفعاً للمثابرة على تحقيق شهرته. ورأى انه من الضروري أن تساعده رفيقة الحياة على الخلود للطمأنينة والاستقرار وتقف بجانبه لتحقيق الشهرة والعظمة .. فأصر على أن تقترن بابنه الحلال التي سترافقه في مشواره الفني (6). بعدها قرر طلب الزواج من ابنة عمه الأستاذ صالح دبا الأستاذ الغني عن التعريف واحد الهامات الوطنية التي ارتكز عليها التعليم في لحج. وبعد محاولات مضنية تم الاتفاق على عقد القران لكن السؤال كان يجبر بيت الأستاذ صالح دبا على معرفة عمل ووظيفة وسكن صاحب من طلب من طلب الزواج فكان الجواب انه فنان اولاً وفنان ثانياً وفنان ثالثاً .. فهو الصوت والوظيفة والمسكن والحياة. كان ذلك الارتباط استهلاله ضرورية للفنان فيصل علوي تعطيه الاستقرار والدفعات القوية للمضي قدماً نحو أهدافه الفنية القريبة والبعيدة. وأصبح فيصل علوي مغنياً يشار إليه بالبنان وتتهامسه الألسن وتتحين ظهوره الأعين فظهر صوت فيصل علوي من إذاعة عدن وصدحت صباباته عبر الأثير مؤكداً ثقته بنفسه وإصراره على التحدي لذلك الصندوق الصغير ( المذياع) الذي يتمنى أن تمتد له الأيدي كي تدخل صوته في ذلك المذياع .ز وتحققت واحدة من أهدافه القريبة وهي دخول صوته ذلك المذياع كي يؤكد لنفسه وللآخرين أن تلك الأصوات التي كانت تنبعث من ذلك المذياع لا تزيد عليه إجادة وروعة. وتابع الجمهور الصوت الجديد وتأملوا منه خيراً منه خيراً وكان صوته نعمة على لحج مسارها منذ 1958 وتواصلت حتى قبيل الاستقلال 1967م لكن مرحلة ما بعد الاستقلال لها قصة أخرى. [c1] هوامش : [/c](1) هي والدة الفتى فضل محمد جبلي ( لحجية الاصل ) هل اسمعك فضل يوماً ويقصد الفنان فضل محمد جبلي الذي تحول فيما بعد الى فضل محمد اللحجي بفضل تكريمه بالهوية اللحجية وبمرسوم سلطاني . (2) عبدالله علي الجفري : كان وزيراً للمعارف أبان السلطنة اللحجية. الوهط : المدينة الثانية بعد الحوطة وتقع جنوب غرب الحوطة لحج. (3) محمد السرحاني ، عازف العود والكمان في فرقة الندوة الموسيقية اللحجية وكان يعمل سائقاً في مستشفى لحج. (4) كان غناء فيصل علوي عفوياً وتلقائياً (5) الندوة الموسيقية اللحجية انتقلت بعدها من مقر السلطان إلى الشارع الرئيسي بالحوطة. في مسكن ( خلوه) بجانب ما كان يعرف بسينما الخطيب .. حتى يمارسوا حرياتهم بالكامل دون إحراج السلطان. (6) والده الفنان فيصل علوي تسمى نور حمادية وهي لحجية الأصل.