دعيت لحضور حفل زفاف - حفل زفاف يمني غير عادي- حفل زفاف ولكن بدون القات! وكان هذا أمرا جديدا حرصت أن أشهده، ولكن للأسف لم أتمكن من قبول الدعوة نظراً لسفري خارج البلاد في ذلك الوقت. وحتى الاَن لا أزال مندهشاً.هذه الخطوة الصغيرة تعتبر الدلالة على بداية «اليمن الجديد». في عام 2011 اليمنيون صغار السن، مثل غيرهم في العالم العربي، خرجوا إلى الشوارع للمطالبة بحكومة ومستقبل أفضل مع فرص عمل وكرامة للجميع. الثورة الآن تتطور ولم تعد تقتصر على المطالب الاقتصادية والسياسية. وهناك تركيز الآن على الجوانب الاجتماعية والثقافية؛ كما رأينا هناك أعداد متزايدة من اليمنيين يعبرون عن آرائهم حول القات والمطالبة بوضع حد لهذه العادة.منذ جئت إلى اليمن في يناير 2012، كان الناس يسألونني عن رأيي في القات، وعما إذا كنت قد حاولت في أي وقت مضى تعاطيه. جوابي على ما إذا حاولت في أي وقت مضى تعاطيه كان قاطعاً ‘لا’ ولا يمكن أبدا،. إن تصوري لموضوع القات أكثر تعقيدا بكثير.إن مضغ القات هو تقليد يمني وتقليد يعمل على تعزيز أواصر الترابط العائلي والصداقة حيث تتجمع العائلات في ليلة الخميس (ليلة واحدة فقط في الأسبوع) لمضغ القات، وقضاء الوقت معا، والتمتع برفقة بعضهم البعض والمحادثة. ولكن للأسف، فقد تم تدريجيا استبدال هذه التجربة الثقافية بالمضغ يوميا. أصبحت عادة مضغ وانتهى الأمر بها إلى الإدمان. أولئك الذين يمضغون يومياُ يقولون لي أن عليهم عمل ذلك كل يوم! خلاف ذلك، فإنهم يشعرون بالدوار وبعد فترة الظهر، لا يمكنهم التركيز. ماذا يمكن أن نسمي هذا النوع من التبعية الجسمانية، خلاف أنها الإدمان بعينه؟إن المضغ اليومي يسبب أضراراً جسيمة بالأفراد، الأسر والأمة. بالنسبة للأفراد، يجدون صعوبة في تناول الطعام أو النوم بعد المضغ، مما يعني عدم تمتعهم بقسط من الراحة أو إمكانية قدرتهم الإنتاجية في اليوم التالي. أيضا، زادت النسبة المئوية لحالات السرطان بشكل كبير، والتي يرجح البعض سببها إلى المضغ اليومي. أما بالنسبة للأسر، الكثير منهما تنفق حوالي 15 ٪ من دخلهما على القات. هذا هو أعلى من إجمالي ما يتم إنفاقه على الصحة والتعليم لأطفالهما. إن الأموال التي تنفق على القات تعني مالاً أقل للأغذية، الذي غالبا ما يؤثر على سوء تغذية الأطفال. أما بالنسبة للأمة، فإن استهلاك الكميات الكبيرة لزراعة القات يأكل من احتياطيات المياه الشحيحة. ويجري استنزاف المياه الجوفية في حوض صنعاء التي تزود العاصمة بمعدل ينذر بالخطر. يتوقع بعض الخبراء أن المياه في حوض صنعاء قد تنفد في غضون السنوات العشر القادمة، دون أي جهود جادة لإبطاء معدل نضوبها. ويؤثر القات أيضا بشكل غير مباشر عن طريق تقصير الإنتاجية الإجمالية لساعات العمل. كما يسرع موظفو القطاع الحكومي والخاص مغادرة أماكن عملهم للتوجه إلى سوق القات وقضاء بقية اليوم في المضغ مع الأصدقاء. ويسلم العديد من فوائد القات. حيث يعمل عدد كبير من الناس (مع بعض التقديرات أن 10 - 20 ٪ من القوة العاملة تعمل في إنتاج القات وتوزيع القات). قد يكون هذا صحيحاً. ولكن، إذا تم قياس التكاليف والفوائد، تفوق تكاليف القات فوائده. ويمكن أيضا تحقيق هذه الفوائد من خلال تنويع الإنتاج الزراعي. إن زراعة الفاكهة والخضروات يمكن أن تقلل محليا تكلفة المواد الغذائية المستوردة، وبالتالي تقلل الضغط على الاحتياطيات الأجنبية التي تشتد الحاجة لها.لذلك، هل مضغ القات مشكلة؟ انها بالتأكيد مشكلة. لم يعد اليمنيون يستخدمونه بالطريقة التقليدية. ويمكن العودة إلى كونها تجربة أصيلة وثقافية كما كانت من قبل. واليمنيون بحاجة فقط إلى العودة إلى تقاليدهم، ومضغ القات في عصر أيام الخميس فقط، مما يجعل منه وقتاً للأسرة، حيث يقضي الجميع- لقاء أسرياً متميزاً!هل يمكن للحكومة فعل شيء حيال ذلك؟ نعم، بالتأكيد لديهم القدرة! وأود أن أتحدى قيادة الأمة، بدءا من الرئيس، رئيس الوزراء، البرلمانيين والوزراء، ليشكلوا قدوة لغيرهم ويعلنوا أنهم سوف يمضغون القات فقط في عصر أيام الخميس. ويمكن أيضا أن يعتبر غير قانوني للمسئولين الحكوميين، بما في ذلك قوات الأمن، مضغ القات أثناء ساعات العمل. ويمكن أيضا أن تمتد ساعات العمل إلى 3 عصراً، كما كان في الماضي. وينبغي تطبيق هذه القواعد الجديدة بصرامة من قبل الحكومة. وينبغي للمجتمع المدني والقطاع الخاص تطبيق هذا الالتزام، وعلى المجتمع الدولي أن يشجع ذلك. وعندئذ فقط أذهب إلى لقاء عصر يوم الخميس، «المجلس». وأود أن أرحب بفرصة للاستمتاع بوقت الأسرة، ولكنني لن أمضغ القات[c1]* المدير القطري للبنك الدولي في اليمن[/c]
عرس خال من القات
أخبار متعلقة