عندما أنظر إلى كثير من المدن التي كنت أراها مدناً نظيفة راقية منظمة مرتبة مخططة تخطيطاً جميلاً، أتألم ألماً شديداً، وأتساءل لمن يفترض أن نوجه اللوم حول ما آلت إليه فأنا لا استطيع أن استثني أحداً من المساءلة من أعلى مسؤول في الدولة إلى أدنى مسؤول فيها. لم تعد هناك مناطق راقية، اختلط الحابل بالنابل وأصبحت سمة العشوائية هي الطاغية على كل المناطق كمناطق كريتر - خورمكسر - وحتى منطقة الشيخ عثمان الشعبية لم تسلم من الأذى. وأقول أذى لأن ما أراه وما يراه الجميع ليس له أي صفة أو تسمية أخرى، كثرت التسميات للجهات المسؤولة عن النظام والنظافة والقانون، ولكني وغيري لا نلمس وجوداً لأحد على أرض الواقع.البناء العشوائي التهم كل الفراغات والمتنفسات، ولم يعد للمخططات وجود، منطقة كمنطقة خورمكسر التي كانت راقية بمعنى الكلمة أصبحت في بعض أحيائها كأي منطقة شعبية، أرصفتها وشوارعها التي كانت تتسم بالنظافة والسكون عمتها الفوضى والضوضاء والقذارة ومخلفات باعة الأرصفة، ولم تعد هناك حرمة لا للرصيف ولا للطريق العام، افترش الباعة جوانب الطريق، والتمادي في السكوت عليهم من السلطات المحلية ومن البلديات والمرور والشرطة أيضاً جعلهم يتمادون ليحتلوا الطريق أيضاً (طريق السيارات).وما ينطبق على خورمكسر ينطبق أيضاً على مدينة كريتر والشيخ عثمان وغيرها من المناطق، لم تسلم منطقة من الفوضى والأذى ولم تعد هناك شوارع نظيفة ولا مناطق راقية.ضاقت الشوارع حتى الواسعة منها، وفي بعضها لم يعد هناك متسع لمرور أو إيقاف السيارات، فالباعة لم يستثنوا مساحة لا يمكنهم افتراشها والبيع فيها وترك مخلفات من أكياس النايلون والكراتين وبقايا الأسماك وكل ما احتواه هذا الشارع أو ذاك من عملية البيع التي تمت طوال يوم كامل. وزاد الطين بلة أوضاع النظافة التي أصبحت لغزاً لا نجد له تفسيراً يقبله أي عقل، وكذلك المجاري التي أصبحت طافحة باستمرار ولم يعد يسلم منها أي شارع، خاصة بعد مشروع المجاري الذي كلف الدولة ملايين الملايين!!!وللأسف لا نجد من يعترض أو يستفسر أو يتساءل حول وضعية غلط كهذه، ولا من يوجه اللوم لأحد. أما المواطن المستسلم لأي شيء يدور حوله فلا يعترض، لا يبدي عدم رضاه، لا ينتقد، متقبل لكل الأخطاء والفوضى التي حوله وكأنها واقع لا يمكن تغييره، بل يمكن تقبله كواقع مفروض ولا أدري ممن؟ما نعيشه واقع مؤلم ومأساوي بكل المقاييس أتمنى أن يصحو ضمير من أصلونا إليه ويبدؤوا - ونحن معهم أو الفاعلون منا - في إصلاحه وبأمانة وليس بمغالطة. هل أصبح كل شيء غلط في حياتنا واقعاً لا يمكن تغييره بل علينا تقبله كواقع مفروض لا يمكن حتى التفكير في تجاوزه أو محاولة تغييره؟!
هل من صحوة؟!
أخبار متعلقة