مقال افتتاحي
وإن جاء القرار متأخراً ، لكنه يمثل استجابة لما يحدث في الجامعات الحكومية ، أعني بذلك توجيه مجلس الوزراء - في جلسته المنعقدة بتاريخ 27 نوفمبر الماضي- بتشكيل لجنة وزارية برئاسة وزير التعليم العالي والبحث العلمي وعضوية وزيري الشئون القانونية والخدمة المدنية ونائب وزير المالية ، وذلك للنزول الميداني الى الجامعات ، والإطلاع على اوضاعها وما تعانيه من مشاكل وصعوبات ، والمقترحات الكفيلة بتجاوزها ، وتقديم تقرير بذلك الى المجلس للمناقشة واتخاذ ما يلزم . الخطوة مهمة خاصة انها تضم الى الوزير -شرف- المشرف على الجامعات وزيري الشئون القانونية والخدمة المدنية ونائب وزير المالية ، وهو ما جعل للجنة ادواراً وليس دورا أكاديمياً فقط ، فما تعانيه بعض الجامعات من اختلالات لا ترتبط فقط بالشق الأكاديمي ، ولكن هناك عوائق كثيرة تحد من أن تؤدي الجامعات دورها العلمي والتنويري . التشريعات القانونية التي تنص على أن للجامعات استقلالاً ماليا واداريا ، تظل حبراً على ورق ، فرؤساء الجامعات لا يستطيعون القيام بأي دور سواء في عمليات التعاقد أو التثبيت أو التسوية من معيد لمدرس او لاستاذ مساعد او لأستاذ مشارك او لاستاذ دكتور ، ما لم يمروا على وزارتي الخدمة المدنية والمالية ، فأين هو الاستقلال المالي والإداري الموجود فقط نظرياً في التشريعات؟. الكادر الأكاديمي في الجامعات محروم من التأمين الصحي ، وان وجد بدل علاج فإنه لا يوازي ما يدفع لحاملي شهادة الثانوية في النفط والكهرباء والبنك المركزي والقطاعات الإنتاجية الأخرى ، فنحن الآن ككادر جامعي نطالب بأن يساوونا بحاملي الثانوية العامة .السكن الجامعي الممنوح لأعضاء هيئة التدريس فاز به الأساتذة الأوائل ، فيما بقيَ الاخيرون يستلمون بدل السكن والمقدربـ 37 ألفا خاضعة للضريبة ، وهذا المبلغ في بعض المدن لا يفي باستئجار شقة تليق بأستاذ جامعي ، فينبغي مساواة الجميع اما بسكن موحد ، أو بأن تتولى الجامعات استئجار شقق تتولى هي دفع إيجارها حتى ولو زادت على المبلغ المقرر للسكن . بدل الريف الموجود في القانون والمقدر بـ 20 بالمائة من الراتب الأساسي غير مفعل ، والغريب ان القانون نفسه مفعل لمعلمي وزارة التربية والتعليم ، وهم يفوقون اضعاف ما هم عليه في الجامعات ، فالحال اصبح معكوساً وأصبح الكادر الاكاديمي يطالب بأن يساويه القانون بالمعلمين في المدارس الابتدائية . الراتب الذي يتقاضاه عضو هيئة التدريس المساعد والذي يصل إلى 218 ألف ريال بما فيها بدل السكن، أصبحت لا تلبي احتياجات الكادر الأكاديمي ، الذي يفرض عليه المجتمع وضعاً اجتماعياً يختلف عن بقية الطبقات ظناً منهم انه الأعلى راتباً في الجهاز الحكومي ، مع العلم ان قطاعات اخرى تعطي رواتب وحوافز شهرية تعادل او تفوق ما يتقاضاه الدكتور ، علماً بأن الدكتور لا يتقاضى سوى راتبه فقط . ميزانية البحث العلمي نخجل ان نذكرها ، ولا يستطيع الاساتذة المشاركة في المؤتمرات والندوات العالمية ، لان الاجراءات الادارية والمالية في الجامعة ووزارة المالية معيقة جداً ، وتنتهي فترة المؤتمر والتعزيز المالي لم يخرج بعد ، اما بداعي انتظار الدور او نفاد البند المخصص.استغرب للمضربين من اعضاء هيئة التدريس في الجامعات كيف يبنون اضرابهم على مطالب شخصية تتعلق معظمها برحيل او بقاء رؤساء الجامعات ، ولا يبنونه على تحقيق المطالب التي ذكرتها سابقاً ، والتي كانوا يستطيعون من خلال اعتصاماتهم وإضراباتهم الدائمة ان يجعلوا الجهات المسئولة تتجاوب معها.فالعمل الحزبي هو الذي خرّب الجامعات ، وجعل ابناء الكادر الواحد يتصارعون فيما بينهم ، والمغلوب على أمره هو الطالب لا غير ، فالصراعات الحزبية خلقت اجواء غير علمية ، الولاء فيها للحزب وليس للعلم ، والغريب ان يحدث هذا في ارقى الكوادر التعليمية . الجامعات تفتقر للدعم الملبي لاحتياجاتها التعليمية خاصة الناشئة منها ، فميزانيتها لا توازي ميزانية كلية من الجامعات قديمة الإنشاء ، ونتساءل هنا باستغراب عن الجدوى في انشاء جامعات جديدة ، فيما تظل ميزانياتها كما كانت عليه وهي مجرد كلية ، فالاسم جامعة والحقيقة انها ما زالت بنظام الكلية أو الكليتين ، وهذا يخلق اعباء على رؤساء الجامعات ، كون اعضاء هيئة التدريس يطالبونهم بما لا يستطيعون تحقيقه وفق الميزانية الضئيلة ، فيما يتحسر الكادر الأكاديمي ويتمنى أن يرجع لجامعته القديمة قبل فك الارتباط؟ معالي المهندس هشام شرف .. الجامعات ومن فيها بانتظاركم انتم وبقية اللجنة المحترمة ، للوقوف على حقيقة ما يجري فيها ، ونتمنى ألا تكون الزيارة فقط لرفع تقرير إلى مجلس الوزراء كإسقاط واجب ، بل ينبغي ان تكون الحلول موجودة ، فبدون حلول لهموم الجامعات وكوادرها ، لن يكون للزيارة اية فائدة . [c1] أستاذ مساعد بجامعة البيضاء [/c]