القاهرة / متابعات: تأكيدا على ماقاله المفكر العربي الكبير محمد حسنين هيكل في حواره مع قناة ( سي بي سي ) المصرية المستقلة ، والذي أعادت صحيفة (14 اكتوبر) نشره يوم أمس ، قال المحلل السياسى بقناة «روسيا اليوم»، ميخائيل كرافشينكو، أن ما يجرى حاليا من اضطرابات فى مصر بسبب أزمة الدستور، ليس مجرد صراع بين القوى السياسية الداخلية، بل حلقة من صراع أكبر وأعقد بين القوى العالمية، بدأ مع ثورات الربيع العربى، ولن ينته بها. وأشار كرافشينكو الى أن استمرار الاضطرابات فى مصر وعدم استقرارها، هو الهدف الرئيسى الذى تريده القوى الغربية ممن يحكمها، سواء اتخذت هذه الاضطرابات شكل المظاهرات، أو حتى الحرب الأهلية ، موضحا ان : «مصر تشتعل اليوم من جديد ، حيث عادت المظاهرات والاحتجاجات لتصبح الروتين اليومى بالنسبة للناس في مصر وتونس ، فهل هذا دليل على فشل ثورات الربيع العربى؟ نادرا ما يمر فشل الثورات دون تعليق، لكن ما يحدث فى مصر والعالم العربى اليوم ليس مجرد فشل لثورة ولكنه كارثة، كارثة أن ينقلب الناس بعنف من الأمل فى حدوث تغيير حقيقى، إلى اليأس والغضب على ما يحدث فيهم !!».ويتابع كرافشينكو قائلا : (( اليوم، عاد المصريون ليحتلوا الشوارع فى مظاهرات عارمة، مئات الآلاف من الناس اندفعوا إلى ميدان التحرير احتجاجا على الرئيس محمد مرسي الذى انتخبوه بأنفسهم، والسبب هو استحواذ الرئيس على سلطات تجعله أقرب إلى فرعون، إضافة إلى مشروع دستور جديد لا يوافق عليه سوى هوى الإسلاميين )). وبحسب تعبير كرافشينكو (( لم يكن من المفترض أن تكون الصورة بهذا الشكل .. ولكن كان من المفترض أن ينجح الناس بثورات الربيع العربى فى التخلص من حكم الطغاة والديكتاتوريين، لكن الناس وجدوا أنفسهم فى مواجهة الفوضى والاستبداد بدلا من أن يجدوا لأنفسهم حياة أفضل، وصار السخط والغضب هما الإحساس اليومى لهم، ولم يعد لديهم يقين أن القوى الغربية لا يمكن أن تدعم تحولا ديمقراطيا حقيقيا يخدم شعوب منطقة الشرق الاوسط ويتعارض مع مصالح اسرائيل والبلدان الغربية )) . ويضيف كرافشينكو (( قد يبدو الأمر وكأن هناك حالة من الفوضى التى تنتشر فى الشوارع ولا يملك أحد السيطرة عليها، لكن المحلل السياسى الأرجنتينى «أدريان سالبوتشى»، يرى أن ما يجرى حاليا هو المرحلة الأولى من الخطة التى أعدها الغرب للشرق الأوسط فى المستقبل. يقول سالبوتشى: «علينا أن نفهم أولا أن ما يطلق عليه ثورات الربيع العربى، كان فى الأساس مجرد وسيلة بالنسبة للقوى الغربية من أجل تخطيط حرب أهلية واضطرابات داخلية فى الشرق الأوسط، كان الهدف الأساسى منه إشعال حالة صراع عامة فى الشرق الأوسط، وتحقق ذلك بالفعل، يمكننا أن نطلق على ذلك المرحلة الأولى. الآن بدأت المرحلة الثانية التى سيتم فيها استغلال الموقف المضطرب فى المنطقة ركيزة للانطلاق نحو تحقيق أهداف أكثر طموحا، فى إيران، وسوريا، وحتى ضد مصالح روسيا والصين، هى سلسلة طويلة من الأهداف بعيدة المدى التى يريد الغرب أن تلعب فيها مصر دورا رئيسيا .. وفى تفسير لمشهد مئات الآلاف الذين يندفعون إلى الشوارع فى مصر كل يوم احتجاجا على قرارات مرسى الأخيرة، قال المحلل الأرجنتينى: «الرئيس مرسي بدا وكأنه يريد أن يأخذ مصر فى طريق أكثر إسلامية، ما أدى لتفجير مزيد من الغضب لدى الناس فى الشوارع، وتسبب فى مزيد من الاضطرابات وعدم الاستقرار فى البلد. إنه يعتمد على دعم الغرب للنظام الذى تغير فى مصر، وأحد الأهداف الرئيسية لذلك هو الحفاظ على حالة الفوضى والاضطرابات الاجتماعية، فكلما كانت الدولة مضطربة من داخلها، بدا ضعفها خارجيا»، مؤكدا: «إن مصر الضعيفة تصب حتما فى مصلحة القوى الغربية . وتحت صورة وزيرة الخارجية الأمريكية هيلارى كلينتون فى لقائها مع الرئيس مرسي قبل أن يخرج على الناس بإعلانه الدستورى الذى فجر الأوضاع من جديد، عاد «ميخائيل كرافشينكو» ليواصل تحليله قائلا: «ما يزيد الأوضاع سوءا وجود عناصر مثل الإخوان المسلمين الذين يلعبون لعبة خطرة في مغازلة الغرب تحت سمع وبصر الشعب، والمقابل أن واشنطن لا تمانع صعودهم، ولا رغبتهم فى فرض تصورات إسلامية أكثر تشددا على الناس فى هذه المرحلة المضطربة فى الشرق الأوسط ، وهذا ما سيعرض مصالحها للخطر حين تغضب الشعوب وتنهض للدفاع عن حاضرها ومستقبلها .ووصف المؤرخ الأمريكى «وليم إنجدال» تلك العلاقة بين الإخوان وأمريكا قائلا ((إن الإخوان مجرد أداة، ووسيلة. مؤسسة إسلامية دولية ومنظمة سرية أقرب إلى التنظيمات الماسونية التى لا تعمل بشفافية. والمخابرات المركزية الأمريكية لها تعاملات مع الإخوان منذ أخرجتهم من مصر إلى السعودية فى الخمسينات. ولهم علاقات من قبل ذلك مع المخابرات البريطانية. لذلك تشعر المخابرات الأمريكية أن لديهم كيانا معروفا فى الإخوان المسلمين، ولذلك يصر البعض فى واشنطن على صعود الإخوان، ما يعني أن الربيع العربى الآن يدخل مرحلة شديدة الخطورة، لم يعد مستبعدا أن الرئيس مرسي وجماعة الإخوان يسيرون فى مصر على خطى الإمام الخوميني فى إيران، عندما ظل يتحدث عن الديمقراطية فى الوقت الذى شكل فيه ديكتاتورية إسلامية فى الحكم).ويؤكد «كرافشينكو» الفكرة نفسها قائلا: «لكن المؤكد أن الناس فى الشوارع الآن يحتجون على من انتخبوهم بالفعل، يثورون على من وضعوهم بأنفسهم فى مواقع السلطة، هذا الغضب الشعبى قد يكون مؤشرا على أنهم لن يقبلوا تلك الانقلابات السلطوية التى جرت أمام أعينهم فى آخر عامين. غضب المصريين هذه المرة يعنى أنهم يشعرون بأنهم تعرضوا للخيانة والخداع، ووجدوا أخيراً ((القوة والإرادة لمواجهة ما حدث لهم، بعد أن انزاحت الغشاوة من على أعينهم، ورأوا الخدعة)). الجدير بالذكر ان وزيرة الخارجية الاميركية كانت قد قابلت الرئيس مرسي قبل 24 ساعة من قيامه باصدار الاعلان الدستوري الذي كان سببا في انفجار معارضة شعبية واسعة ضد هذا القرار، وأعلنت بعد بضعة ساعات على مغادرتها مصر أنها جاءت لتشكر الرئيس مرسي على موقفه من الاحداث الاخيرة في غزة ودوره في التوصل الى اتفاق دائم بين حماس واسرائيل يتعهد فيه الطرفان بضمانة مصر بوقف اطلاق الصوريخ والهجمات المسلحة الى أراضي الطرف الآخر بحسب تعبيرها .كما أعلنت هيلاري كلينتون أنها ( أكدت دعم الولايات المتحدة لحكومة الرئيس مرسي ، وشددت على ضرورة الاسراع في انزال الدستور للاستفتاء)!!!؟؟؟.وبعد انفجار الغضب الشعبي في مصر على قرارات الرئيس مرسي التي جاءت بعد 24 ساعة من مغادرة هيلاري كلينتون ، نفت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الاميركية أي علاقة بين زيارة كلينتون وقرارات الرئيس مرسي ، لكنها استدركت وقالت ان وزيرة الخارجية الاميركية أكدت للرئيس مرسي حاجة مصر لدستور يتوافق عليه جميع المصريين ويحقق طموحاتهم في بناء دولة عصرية واقتصاد متطور وحياة كريمة وتعايش سلمي مع الجيران .وكانت وسائل الاعلام والصحف الاسرائيلية قد نشرت تفاصيل زيارة وزيرة الخارجية الامريكية “هيلاري كلينتون” الي مصر ولقائها الرئيس محمد مرسي قبل 24 ساعة من صدور القرارات التي أدت الى تعميق الانقسام بين المصريين ، حيث أشارت صحيفة ” يديعوت احرونوت” الاسرائيلية الي دعوة كلينتون للرئيس المصري محمد مرسي للإجتماع بصورة مباشرة مع رئيس الوزراء الاسرائيلى “ بنيامين نتنياهو”. لكنها قالت للرئيس المصري محمد مرسي أنها ستعمل جاهده للتنسيق بين مصر واسرائيل بشأن هذا الاجتماع واشارت انه من الافضل للطرفين التنسيق لمثل هذا الاجتماع للحفاظ على السلام القائم بين الدولتين )) بحسب قول صحيفة معاريف الاسرائيلية التي أشارت الى (( أن وزير الخارجية المصري “كامل عمرو” أكد أثناء لقاء منفصل مع هيلاري كلينتون بعد انتهاء مقابلتها مع الرئيس مرسي ان مصر ملتزمة بكافة المعاهدات الموقع عليها، مشيراً إلى أن الرئيس محمد مرسي مؤمن بأن السلام الشامل في المنطقة القائم علي معاهدة السلام بين مصر واسرائيل هو إلتزام غير قابل للتغير طالما استمر الالتزام الاسرائيلي بهذا السلام بما في ذلك مراعاه إلتزاماتها تجاه الجانب الفلسطيني بموجب الاتفاق الدائم الذي تم ابرامه بين حماس واسرائيل برعاية وضمانة مصر).وفي سياق متصل ألقت الاذاعة الصهيونية الضوء على الزيارة وزعمت أن “هيلاري كلينتون” أكدت التزام الولايات المتحدة الامريكية بتقديم كافة المساعدات الاقتصادية لمصر في الفترة المقبلة. ووصفت الاذاعة الصهيونية هذه الزيارة بالايجابية والمثمرة بالنسبة لمصر وتعد صفحة جديدة قي العلاقات الامريكية- المصرية وذلك بعد زوال حكم مبارك.من جانبها زعمت صحيفة ( معاريف ) أن “كلينتون” أكدت خلال اجتماعها مع الرئيس المصري ( محمد مرسي” ان الإدارة الأمريكية في واشنطن ملتزمة بمساعدة مصر على الصعيد الاقتصادي لدفع تقدم البلاد لمرحلة ما بعد الثورة، في حين شددت كلينتون على ان الولايات المتحدة لن تسمح لنفسها بالتدخل في شئون مصر الداخلية،مؤكدة أن الشعب المصري هو الوحيد القادر على تحديد معالم مستقبله ).ووصفت صحيفة (معاريف) زيارة كلينتون الأخيرة للقاهرة بأنها تعد اولى الزيارات الأمريكية الدبلوماسية الرفيعة المستوى منذ وصول الاخوان المسلمين لحكم مصر ، مشيرة الى ( أن الإجتماع بين وزيرة الخارجية الامريكية والرئيس المصري محمد مرسي تناول عددا من القضايا المحورية في العلاقات المصرية الاميركية على رأسها الحفاظ على معاهدة السلام بين الكيان الصهيوني ومصر)!!ومن ناحية اخرى، أشارت ( معاريف ) إلى بعض الدعوات الشبابية - الثورية التي أعربت عن اعتراضها على زيارة كلينتون لمصر ، وقالت (( أن الولايات المتحدة الاميركية واثقة بأنها لن تؤثر على توجهات الرئيس مرسي والتزاماته تجاه أمن اسرائيل بحسب قولها )) فيما ذكرت صحيفة هأرتس الاسرائيلية (( ان وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون أكدت ان الولايات المتحدة ستظل ملتزمة بتحقيق سلام عادل وشامل في منطقة الشرق الأوسط عبر دفع مسيرة السلام بين الجانب الإسرائيلي والفلسطيني على أساس حل إقامة دولتين يعيشون جنبا الى جنب في سلام ، فيما أكد الرئيس مرسي أن حكومته ستواصل التزامها بمعاهدة السلام بين مصر واسرائيل)).