مقال افتتاحي
يحكى في قديم الزمان أن ملكاً أصيب في انفه بمرض خطير فاضطر إلى قطعه فكان يبدو قبيح المنظر ففكر أن يقطع أنف الوزير حتى لا يصبح وحيداً مقطوع الأنف وبعد فترة أمر الوزير مساعده أن يقوم بالأمرنفسه الذي أمره به الملك حتى لا يشعر بمدى قبحه وهكذا انتقل الأمر من المساعد إلى الضابط والى كل أصحاب القرية من صغير وكبير .وكان كل ما يأتي مولود جديد يقومون بقطع انفه حتى أصبحت العادة عبادة وأصبح الأمر شيئا عاديا ، وفي الايام ذاتها جاء زائر غريب إلى القرية كانت لديه أنف وعندما رأى أصحاب القرية استغرب على شكلهم وضحك ولكن ما لبث أهل القرية أن ضحكوا عليه كلهم من صغيرهم إلى كبيرهم :انظروا إلى هذا الشخص الغريب ذي الأنف ،أن شكله غريب . المغزى من القصة أن الصح أصبح خطأ والخطأ أصبح صح ، فالصحيح وجود الأنف في الإنسان حتى يبدو جميلا والخطأ قطع الأنف ولكن أهل القرية ألفوا الخطأ حتى اعتبروه صحيحا وأمرا مسلما به . وهذا ما نراه في حاضرنا شيئاً ملموسا جدا وواضحا، فكثير من الأخطاء التي نرتكبها أصبحت صحيحة بنظرنا القاصر ولا نعير لها أي انتباه. فنرى مثلا على سبيل الذكر لا الحصر أن ضرب الرصاص في الأعراس أصبح شيئا لابد منه وصحيح كل الصحة حتى يكتمل العرس دون الانتباه إلى أن هذا الأمر الخاطئ يثير انزعاج السكان ويثير الرعب في قلوبهم دون النظر إلى خطورة إصابة احد ما بالخطأ . ونرى أن لبس السراويل التي إلى تحت الخصر أصبحت شيئا معهودا دون الانتباه إلى آداب الملبس ودون الانتباه إلى المنظر المؤذي من شبابنا المسلم ، ونرى تناول الحبوب والخمور أصبح شيئاً جميلاً بل سمة من سمات الرجولة . ونرى ونسمع شتم الرب قد أصبح شيئا جميلا يعزز صفة الفرد ويقوي رجولته دون النظر إلى عواقب شتم الرب وانه يخرج من الملة . ونرى معاكسة البنات شيئا واجبا على كل شاب سوي وعاقل والتحرش بهن ضرورة دون أن نضع في الحسبان أن كل فرد لا يرضى على أخواته أو امرأة من أهله أن يقوم شخص بمعاكستها أو التحرش بها . وكثير من الأشياء التي أصبحت صحيحة وهي من انكر الأخطاء فهل أصبح معظمنا بلا أنوف يرون المنكر معروفاً والمعروف منكراً أم إننا أشخاص كاملوالشكل لدينا أنوف .