الفنان الكبير محمد مرشد ناجي في حديث عن الموسيقا والتراث :
- الفنان الكبير محمد مر شد ناجي.. يلاحظ أن وسائلنا الإعلامية المسموعة منها أو المرئية (بخيلة) في بث انتاجكم الفني، ترى لماذا؟- بالنسبة لسؤالكم فان لي هناك بعض الاغاني تبث بين الحين والاخر، لكن ان كنت تقصد الاغاني الوطنية، فمعك حق.- ترى لماذا؟- طبعاً والى اليوم، السبب بسيط أنها «متعبة».- لنعرج قليلاً والى الموسيقى اليمنية، لم تعد بتلك القوة التي كانت عليها قبل اكثر من 30 سنة، سواء في عدن او صنعاء ما هي الاسباب من وجهة نظركم؟- لا افشي سراً إن قلت إن قضية الموسيقى في اليمن قبل العام 60م (صفر)، فلا يوجد احد يعزف بإجادة، ولا توجد آلة معينة يعزف عليها شخص بإجادة، أما الموجود فهو خربشة في خربشة، وعندما جاءت الثورة، واستمرت لم تهتم بالاقتصاد أو بالموسيقى وهذا طبيعي ولا احد يستطيع ان يأخذ على النظام آنذاك اوجه القصور، فالثورة ظلت تقاتل طيلة سبع سنوات ليس كالذي حصل في مصر عندما تخلصت من الملكية فيها وهمه الثوري اكبر من الموسيقى او إرساء أسس للثقافة، وسيأتي ذلك لاحقاً.
ويواصل «المرشدي» قائلاً: بالرغم من دخول التكنولوجيا من تلفاز وإذاعة إلى بلادنا، إلا أن آلة العود ما تزال متواجدة الى يومنا هذا.وللأسف هذا تخلف كبير.. ومحل تقدير مرير من جانب إخواننا في دول الجزيرة والخليج.. ودائماً ما يقولون «مالهم اليمنيين محلك سر».. ما زالوا يستخدمون العود، ولا توجد نظم أو غير ذلك ولا زالت الامور كما هي.. فالفنان في صنعاء لا يزال يستخدم العود فقط.ولاحظ ان نصف الاغاني التي تبث عبر الفضائية اليمنية وهي وسيلة اعلامية عالمية - ان آلة العود ما زالت قائمة فيها.- ولكن هناك أكثرية في صنعاء.. تحب ان تسمع الأغنية على آلة العود؟- هذا غير صحيح.. فالأغنية التي لا بد ان يقدمها الفنان بالعود، معروفة وقليلة جداً.. وهي في الناحيتين الفلوكلورية والتراثية، لكن في الأغنية الحديثة - ايضاً - لا يزال العود هو قائماً، وهذا ايضاً رد على احد اسئلتك التي تقول: لماذا لا تنتشر الأغنية اليمنية على الساحة الفنية العربية.- مرة أخرى.. اقول الناس في صنعاء لا تستطيع ان تسمع الاغنية الصنعانية الا بالعود؟- أنا استطعت أن أقدم عملاً مع الفنان الشهير محمد عبده.. وهو عبارة عن اغنية «صنعانية» بالموسيقى، ولان الأستاذ محمد عبده فنان يمتلك فرقة موسيقية تتحرك بامره وهي فرقة تلقت تعليماً موسيقياً متقدماً فاقترحت عليه هذا العمل، فوافق وعملناه.. وقدم للمتلقي في بلادنا، والذي أشاد به إخواننا في المجالس الصنعانية لعلية القوم في صنعاء لانها كبيرة وخطيرة جداً فالمجالس تجمع المثقفين والمتعلمين والرجال المحترمين، ومن يداوم على التواجد فيها خلال سنة او سنتين يزداد اطلاعاً وثقافة، فالآراء التي تخرج منها، يتبعها معظم الناس.وفي إحدى زيارات الفنان محمد عبده لصنعاء في فترة سابقة قال اعتبر زيارتي هذه فتحاً موسيقياً جديداً لي.- لماذا؟
- لأنه اطلع على الذوق في بلادنا، فأقام أكثر من حفلة فيها، وشعر بفرحة غامرة بأنه استطاع أن يجذب الأذن اليمنية إليه، واستطاع أن يستقطب معظم -إن لم نقل جميع- المغتربين اليمنيين المتواجدين في المملكة العربية السعودية إلى صفه من خلال أغنية جل من نفس الصباح فالمتلقي - والكلام للمرشدي - عندما يكذب هؤلاء الناس الذين يقولون إن الأغنية الصنعانية لا نتذوقها إلا مع العود فالأغنية الصنعانية هي أعظم أغنية في بلادنا، وأي شعب عربي يتمنى أن تكون معه أغنية كالتي تسمى بالأغنية الصنعانية، واقول ما تسمى بالأغنية الصنعانية، فهي فن جميل وراق جداً.. واستطاع إخواننا المصريون حالياً أن يعزفوها بسهولة، وهو دليل أنها صالحة بشكل كبير للموسيقى.- ما هي الحلول والمخارج لكي تتقدم الأغنية في بلادنا خطوات إلى الأمام؟- لابد ان تتحمل الدولة مسؤوليتها في سن القوانين والتشريعات التي يجب أن يتبعها الجميع في العمل الموسيقي، وان تكون هناك فرقة موسيقية دارسة، بحيث تعزف الموسيقى بإتقان، وتستخدم جميع الآلات في عزفها، بعيدة عن آلة العود، التي أصبح يستخدمها العرب للتلحين.تساءل الكثير من المثقفين وكتب الكثير من زملاء الحرف، عن مسألة أداء بعض الأشقاء من الفنانين العرب لأغانٍ يمنية، دون الإشارة إلى مصدرها.. فكيف تنظرون إلى هذه المسألة أستاذ محمد؟- تطرقت الى هذه المسألة في مقابلة أجرتها معي قناة الجزيرة القطرية، وقلت فيها «إننا عرب نسمح لإخواننا الفنانين في الوطن العربي أن يأخذوا من التراث اليمني ما يشاؤون، فالتراث العربي هو ملك للأمة العربية، وإخواننا في الخليج - وللأسف الشديد - لا يذكرون أو يشيرون إلى أن هذه الموسيقى من التراث اليمني. فاللحن اليمني له إيقاعات معروفة، وهذه الإيقاعات التي تمارس لدى بعض الفنانين الأشقاء في الخليج، وهي إيقاعات يمنية، ولا يستطيع احد منهم أن ينكرها، «فمن حقهم أن يأخذوا من هذا التراث، لأنه لا تراث لهم».. وبلادنا غزيرة بالتراث الموسيقي المتنوع.- وأين تراثنا هذا.. لماذا لا يتم تجميعه؟- على فكرة نحن لم نسمع عن تراثنا حتى نصفه، لان الجهات المعنية ترفض أن تجمع التراث الموسيقي، ولا اعرف حتى اللحظة لماذا يصر البعض على عدم جمع التراث الموسيقي في بلادنا.. والمؤلم الأكثر أن معظم من يحفظون به انتقلوا إلى الدار الآخرة.- قيل إن محمد مرشد ناجي غنى لمن كانوا في السلطة أصحيح هذا؟- اعتدل «ابو علي» في جلسته وتساءل: «انا اغني للسلطة؟» وأضاف: ابداً كانوا خصومي.. واطلق قهقهة واردف قائلاً: أي واحد حكم الجنوب قبل الوحدة اليمنية كان يرى أنني خصمه.حتى الرئيس السابق سالمين - رحمه الله - والحديث للمرشدي.. كان من اعز أصدقائي، وقبل ان يصل إلى كرسي السلطة كانت تجمعني به جلسات يومية، وكنا نلعب الكرة معاً، لكن بعد وصوله إلى كرسي السلطة.. أوشى إليه البعض ممن حوله أن «المرشدي» متمرد، وإلا لماذا لا يغني لك؟ وكلام من هذا ونسي - رحمه الله - ما كان بيننا من ود.. ومع هذا وذاك كنت دائماً أذكره بخير، وأشيد به كلما سنحت الفرصة لذلك.- الجيل الفني الذي ظهر بعد جيلكم الذهبي (أنت واحمد بن احمد قاسم، محمد سعد عبدالله، الزيدي، خليل محمد خليل، وغيركم) لم يكن بذلك المستوى من الإبداع والتألق، الذي قدمتموه مع أن ظروفكم كانت أصعب، لماذا؟- نحن جئنا في ظروف تجبرك على خلق أغنية لهذه المدينة (عدن) وكانت تسمى بالأغنية العدنية حتى اليوم ولكن المتشبثين بها لا يعرفون عن الأغنية اليمنية عموماً والجنوبية خصوصاً شيئاً، لذا المستمع المحلي لا يعرفهم، لان الأغنية إذا لم تهز الجدار فما فيش فائدة».وهذه إجابة على سؤالكم الثالث عن الأغنية العدنية، فهي انتشرت في أواخر منتصف الخمسينات، عندما أنشأ الاستعمار البريطاني إذاعة عدن في أغسطس 54م (خلال أسبوع واحد) وكان لابد من ازدياد عدد الأغاني العدنية بموسيقى أفضل.
![](https://14october.com/uploads/content/1211/7SWPVROF-J02RYJ/mrsde.jpg)
![- المرشدي مع الفنان محمد عبده - المرشدي مع الفنان محمد عبده](https://14october.com/uploads/content/1211/7SWPVROF-J02RYJ/12-04-14-1219915103.jpg)
- المرشدي مع الفنان محمد عبده