احتلت بريطانيا مدينة عدن في 19 يناير 1838 م ، بعد اختلاقها قضية سرقة باخرة تجارية بريطانية في ميناء صيرة ، بعدن من قبل الصيادين . وهذه بحد ذاتها ذريعة كافية لبريطانيا للقيام بحملة عسكرية كبيرة بقيادة الكابتن (( هينس )) لاحتلالها ، وعلى الرغم من ذلك هب أبناء عدن الذين كانوا لا يمتلكون القوة الضاربة في ذلك الوقت للدفاع عن مدينتهم بأسلحتهم البدائية ولكن تفوق القوات البريطانية مكنهم من احتلال مدينة عدن بعد مقاومة شديدة وشرسة من قبل أبناء المدينة الذين قدموا أرواحهم ودماءهم رخيصة من أجل الدفاع عن الوطن ، كانت بريطانيا تريد احتلال مدينة عدن بحكم موقعها كميناء على طرق الملاحة الدولية الاستراتيجية ،لكي تستخدم ميناء عدن كمحطة لتموين البواخر بالوقود والمياه والتموين المتجه الى مستعمراتها في الهند وغيرها . لقد ناضل شعبنا في جنوب الوطن ضد المستعمر البريطاني على امتداد التاريخ من خلال انتفاضات شعبية واضرابات عمالية وطلابية في مدينة عدن والمكلا وسيئون وغيرها من مدن اليمنية المحتلة من أجل الحرية والاستقلال ، حتى قامت ثورة 26 سبتمبر 1962م في شمال الوطن التى حررت الشعب من تسلط آل حمير الدين ونقلت اليمن ومواطنيه من زمن القهر والظلم والكبد والحرمان والجمود والانغلاق في عهد الحكم الإمامي الى مرحلة الانفتاح الوطنية بالتحرر من الظلم والجبروت الذي عانى منه أبناء الوطن سنوات طوالاً ، بفضل أولئك الابطال من أبناء هذا الوطن الذين قدموا ارواحهم ودماءهم رخيصة لتحرير الوطن من قيود العبودية والأذلال التى مارسها الحكم الإمامي الكهنوتي على شعبنا ،و بدون اسقاط النظام الإمامي لم يكن ممكناً قيام ثورة 14 أكتوبر المجيدة . حقاً لقد فتحت ثورة 26 سبتمبر الأبواب الكبيرة أمام الأحرار في جنوب الوطن المحتل ليفجروا بعد عام وشهر ثورة 14 أكتوبر1963 الباسلة على الأستعمار البريطاني الغاصب من أعالي جبال ردفان بقيادة شيخ غالب راجح لبوزة ، الذي استشهد صبيحة يوم 14 أكتوبر ، وتحول هذا اليوم المبارك الى شرارة اشتعلت ثورة شعبية مسلحة اجتاحت كل الجنوب المحتل على امتداد السنوات الأربع منذ اندلاع ثورة 14 أكتوبر ضد الأستعمار البريطاني في جنوب الوطن 1967-1963م . كانت الثورة اليمنية تخوض معارك وطنية متكاملة على جبهتي الدفاع عن الثورة ونظامها الجمهوري في الشطر المتحرر من الاستبداد الأمامي ومقاومة الاستعمار ومشروع اتحاد الجنوب العربي في الشطر الرازح تحت نير الاستعمار وتميزت نهاية عام 1967م بتحقيق انتصارات تاريخية للثورة اليمنية (26 سبتمبر و14 أكتوبر) في جبهتي المواجهة الرئيسيتين ، حيث حققت الثورة اليمنية جزءاً من أهدفها الاستراتيجية في الجنوب بطرد الاستعمار وانتزاع الاستقلال واسقاط المشروع الاستعماري السلاطيني الذي استهدف تكريس التشطير والغاء الهوية اليمنية للجنوب المحتل ، عبر إقامة ما كان يسمى (بأتحاد الجنوب العربي ) الذي لقي حتفه يوم 30 نوفمبر 1967م بإعلان الاستقلال ، والغاء الكيانات السلاطينية التى كرست مؤامراتها للتجزئة وشطرت سلطنات وإمارات الجنوب ، وبعد الاستقلال استعاد الشعب هويته اليمنية في اطار نظام وطني ديمقراطي على طريق تحقيق الوحدة اليمنية المباركة على أسس ديمقراطية في 22 مايو 1990م .عبر حوار طويل لعدة سنوات. وبعد قيام دولة الوحدة ( الجمهورية اليمنية ) في 22 مايو 1990م ، اصبح اليمنيون ينعمون بالعزة والكرامة وبهذا النصر المبارك تم تحقيق العديد من الانجازات في كافة المجالات السياسية والتعليمية والاقتصادية والصناعية وتم اكتشاف النفط والغاز واستغلال هذه الثروة ، للنهضة في مختلف المجالات مثل الزراعة وانشاء السدود والحواجز المائية وانشاء شبكة من الطرقات لربط كافة مدن الجمهورية بعضها ببعض ، وفي مجال الأسماك تم أنشاء العديد من مصانع تعليب الأسماك لغرض التصدير الى الخارج وكذا انشاء العديد من مصانع الاسمنت ومعامل للصناعات الخفيفة، وإنشاء المنطقة الحرة في م/ عدن وكذا إعادة تأهيل وتوسيع المطارات والموانئ وانشاء مدن سكنية جديدة لذوي الدخل المحدود في مختلف مدن الجمهورية . وعلى رأس هذه الانجازات الديقراطية والتعددية بناء مؤسسات الدولة الحديثة وكذا إقرار التعددية السياسية وحرية الصحافة والتداول السلمي للسلطة عبر اانتخابات حرة مباشرة من قبل الشعب ((صناديق الاقتراع )) لأن الشعب اليمني هو مصدر السلطة في اليمن 22 مايو 1990م . ويأتي احتفالنا هذا العام بالعيد الـ((49)) لثورة الرابع عشر من أكتوبر المجيدة والوطن اليمني يمر بظروف صعبة ومعقدة وناتجة من ثلاث أزمات رئيسية (( سياسية واقتصادية وأمنية )) نشبت في وقت واحد مطلع 2011م .. والحمد لله تغلب اليمنيون على أكبر ازمة واجهت اليمن في تاريخه المعاصر بمنطق العقل والحكمة وتم التوافق بين القوى السياسية على حل الأزمة بالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وتم التبادل السلمي للسلطة كخطوة أولى نحو تحقيق آمال وتطلعات الشعب اليمني في التغيير والاصلاح . وللخروج من هذه الأزمات مطلوب استمرار الدعم الاقليمي الدولي لليمن خلال الفترة الانتقالية بما يضمن تحقيق البرامج والمشاريع التنموية وتعزيز الاستقرار السياسي خاصة ونحن الآن على أبواب الحوار الوطني الشامل كونه الآلية لتوسيع مشاركة جميع الاطراف في العملية السياسية وسيجمع لأول مرة جميع الاطياف السياسية بحيث يشمل الاطراف الموقعة على المبادرة الخليجية والاطراف التي لم تكن موقعة عليها.والآن مطلوب من جميع القوى السياسية في الساحة اليمنية والحراك الجنوبي السلمي وحركة الحوثيين ومؤسسات المجتمع المدني والشباب والنساء ومندوبين عن المغتربين اليمنييين في الخارج المشاركة الفاعلة في هذا الحدث التاريخي لانه سيركز نقاشه على قضايا مهمة جدا منها القضية الجنوبية وقضية صعدة وكذا العملية الدستورية والمبادئ الاساسية التي سيركز عليها الدستور بالاضافة الى ان مؤتمر الحوار الوطني يشكل لجنة صياغة الدستور وهي فرصة تاريخية لليمنيين لبلورة منظومة حكم وعقد اجتماعي جديد ، سيكون من شأنه رسم معالم مستقبل اليمن الجديد بمنظومة الحكم الرشيد وبما يمثل عهدا جديدا من أجل المستقبل الآمن ، والاستقرار وانعاش الاقتصاد وبناء مستقبل يمن جديد . ان الاعلان عن دعم اليمن بمبلغ 6 مليارات و 400 مليون دولار من قبل الدول والمنظمات الاقليمية والدولية المانحة لليمن في مؤتمر الرياض للمانحين المنعقد في الرياض خلال يومي 5-4 سبتمبر 2012م كما اعلنت عدد من الدول والمنظمات الاقليمية المانحة المشاركة في الاجتماع الرابع لمجموعة اصدقاء اليمن الذي انعقد بمدينة نيويورك الامريكية 27 سبتمبر 2012م عن تقديم مساعدات ومنح إضافية بمبلغ مليار و400 مليون دولار وهكذا وصل إجمالي دعم اليمن إلى 7 مليارات و800 مليون دولار ، لدعم البرنامج المرحلي للاستقرار والتنمية في اليمن 2014-2012م .... ذلك الدعم السخي من اشقاء واصدقاء اليمن مهم في مساعدة اليمن للخروج من الازمات الثلاث وعلى رأسها المشكلة الاقتصادية للانتقال السياسي في اليمن وفق الجدول الزمني في اطار الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية لكي يتمكن اليمنيون من تحقيق آمالهم وتطلعاتهم في التغيير والاصلاح، حتى يصلوا جميعا الى شهر فبراير من عام 2014م موعد الانتخابات القادمة من اجل بناء اليمن الجديد وتحقيق الحكم الرشيد المرتكز على الحرية والعدالة والمساواة والحفاظ على أمن واستقرار ووحدة اليمن . وبهذه المناسبة الغالية على قلوبنا ، أهنئ الشعب اليمني والقيادة السياسية مممثلة بفخامة المشير عبدربه منصور هادي - رئيس الجمهورية وحكومة الوفاق الوطني برئاسة الأخ / محمد سالم باسندوة - رئيس مجلس الوزراء بحلول أعياد الثورة اليمنية الخالدة ( سبتمبر - أكتوبر - نوفمبر ) وكل عام والجميع بألف خير .
14 أكتوبر ثورة الحرية من المستعمر البريطاني
أخبار متعلقة